IMLebanon

الحريري ينتزع من الرياض قبول كباره سفيراً

 

يبدو ان اولى مفاعيل القمة الروسية -الايرانية تجلت في لبنان، مع الحدثين المفاجئن اللذين طبعا المشهد السياسي اللبناني امس، الاول وصول مستشار المرشد الايراني للشؤون الدولية علي اكبر ولايتي الى لبنان من دون الاعلان عن الزيارة مسبقاً، والثاني مغادرة رئيس الحكومة سعد الحريري الى المملكة العربية السعودية فجأة بعد المحطة الايرانية في السراي.

فقبل ان يستفيق اللبنانيون من مفاعيل الزيارة الاولى لرئيس الحكومة سعد الحريري الى المملكة العربية، اعلن عن زيارة عمل جديدة له على عجل الى الرياض، لم تعرف اسبابها، وان كانت مصادر في بيروت اكدت على جانبين لها، الاول مرتبط باكتمال الاتصالات التي كان بدأها مطلع الاسبوع، والثاني بأعماله الخاصة، خصوصا انه كان تم الاتفاق على ان تتابع المشاورات.

وبحسب المطلعين، فان الرئيس الحريري سيناقش ردود الفعل التي رافقت عودته،بعد وصول الرسائل الى من يعنيهم الامر في بيروت والذين تعاطوا بإيجابية مع نتائج الزيارة، التي كانت سبقت صاحبها بالوصول الى عين التينة ومنها الى حارة حريك، وسط اجماع الاطراف على ان السعودية غير راغبة في سحب البساط من تحت الحكومة حاليا، وان اختلفت الاسباب وفقا لموقع كل فريق.

واذا كانت نشوة الانتصار قد بدت جلية في مواقف المقربين من بيت الوسط الذين يتحدثون عن نجاح الشيخ سعد في تأجيل انفجار الثورة السعودية في وجه حزب الله، فان بوادر خطة المواجهة باتت واضحة بالنسبة للدائرة المقربة لرئيس الحكومة والتي تقوم على مجموعة نقاط بحسب مصادر متابعة لما يجري على خط بيروت-الرياض:

-اولا: اعادة لم شمل الطائفة السنية وقياداتها ورأب التصدعات وقد علم في هذا المجال ان تلك المهمة ستوكل الى مفتي الجمهورية الذي يتحضر لزيارة المملكة وبحث هذا الملف معها يالتفصيل، اذ ان المطلوب في المرحلة المقبلة الحد الاقصى من الوحدة السنية.

-ثانيا: التحضير لتشكيل جبهة عريضة من مختلف الطوائف لخوض الانتخابات النيابية في كل المناطق اللبنانية، بهدف اعادة التوازن الى الساحة السياسية، انطلاقا من انها محطة فاصلة لقلب موازين القوى والتي على اساسها لن تكون التشكيلة الحكومية على شكلها الحالي.

-ثالثا : التركيز على صورة المملكة الجديدة والانفتاح الذي باشرت تطبيقه على اكثر من صعيد، ومن ضمنه مبادرة يحكى عن ان الملك قد يطلقها بعد لقائه البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي.

-رابعا : تحييد رئيس مجلس النواب عن التصعيد القائم مع حزب الله وهو ما تجلى في الاتصال الهاتفي الذي تعمد رئيس الحكومة اجراءه بعين التينة من الرياض تحديدا. ذلك ان اي تحرك في الداخل اللبناني لن يكتب له النجاح ما لم يكتمل الحصار الدولي والاقليمي والذي يفترض ان تكون انجزت حلقاته كلها مع بداية ايار المقبل.

وعليه، فان اتفاقا ضمنيا جرى على ابقاء التصعيد محصورا في الاطار الاعلامي والكلامي دون ان تكون له اي تداعيات سياسية وفقا لاتفاق ضمني بين الاطراف بابقاء مجلس الوزراء خارج النزاع وعدم اثارة موضوع المملكة على طاولته، علما ان خوض الانتخابات «من داخل الحكومة» افضل بكثير من خوضها من خارجها، لان اي قرارات لن تكون لمصلحة تغطية الحزب واضفاء الشرعية على اعماله. وقد ابدت المملكة في هذا الاطار خطوة ايجابية من خلال ابلاغ الرئيس الحريري قبولها اعتماد السفير اللبناني المعين في الرياض فوزي كباره قبيل ايام من انتهاء المهلة الفاصلة.

اما في الخطوات العملية فقد اتفق، بحسب المصادر على ان يبقي تيار المستقبل سقفه عالياً سياسيا في مسألتي ضبط الحدود وعودة النازحين السوريين، باعتبار هذين الملفين مرتبطين بالتسوية الاقليمية وخاضعين لحسابات ابعد واكبر من قدرة لبنان على ادارتهما والتعامل معهما اقله في ظل الانقسام الحاصل حاليا.

في الجهة المقابلة كشفت اوساط مقربة من الثامن من آذار ان التحرك السعودي على الساحة اللبنانية سيواجه بآخر مضاد، حيث ستضغط هذه القوى باتجاه ان يلبي رئيس الجمهورية العماد ميشال عون دعوة ايران لزيارتها في اقرب وقت، معتبرة ان خطوة السعودية بقبول اعتماد السفير اللبناني جاءت في وقتها، لان كان ثمة من سيطالب بمعاملتها بالمثل في حال عدم تعاطيها الايجابي على هذا الصعيد، مشيرة الى ان استراتيجية الحزب في الاحتواء الاستباقي للرئيس الحريري نجحت على ما يبدو وفعلت فعلها، مذكرة بان الخلاف مع قطر انعكس ايجابيا على لبنان، خصوصا ان الدوحة بدأت تضغط على الساحة الفلسطينية من خلال حماس لمصلحة «اراحة» حزب الله ولمصلحة الاجندة الايرانية، خصوصا مع دخول اهم وابرز قادة الحركة المطلوب رقم واحد لاسرائيل الى لبنان، صالح العاروري نائب رئيس المكتب السياسي للحركة وصاحب العلاقات الوثيقة بالجناح العسكري، واتخاذه من الضاحية مقرا له حيث يخضع لحماية مشددة من حزب الله، وقد تقصد اعلام الحزب تزامنا مع زيارة الحريري الى الرياض نشر صور اجتماع الاخير مع السيد حسن نصر الله علما انه سبق ان حصلت عدة اجتماعات سابقا بعيدا عن الاعلام بين الطرفين.

غير ان اللافت ان التهدئة على الصعيد الشيعي عاكسها استمرار للحرب بالواسطة على جبهة المشنوق- باسيل والتي انضم اليها وزير العدل ما اعطى انطباعا بان الخلاف ابعد من الشخصي مع ملامسته حدود الرسائل السعودية للرئيس عون.