و«الحراك» يستعدّ لـ«الثورة» المقبلة في كل المناطق
على الرغم من الإنسداد «المرحلي» في مسار تأليف الحكومة المقبلة، فإن المؤشرات السياسية التي نقلها متابعون لمشاورات التأليف، تكشف أن تأخير التوافق بين المعنيين حول الحقائب الأساسية، يعود إلى مناخات سيطرت في الساعات الماضية على المشهد الحكومي، ودفعت نحو عملية خلط أوراق ما بين المقرّات الرئاسية الثلاثة، ولكن من دون أن يكون لهذا التغيير أي تداعيات سلبية على الإستحقاق المذكور باستثناء بعض التأخير في موعد إنجاز حكومة الرئيس سعد الحريري لا أكثر ولا أقل. وبصرف النظر عن الإنشغال المحلي على كل المستويات بالحدث الرئاسي الأميركي، يقول المتابعون للحركة التي يقوم بها الرئيس المكلّف ما بين بيت الوسط وقصر بعبدا، والإتصالات ما بين بيت الوسط وعين التينة ، أن ثمة تفاهمات غير معلنة بين الرئاسات الثلاث على الثوابت في الصيغة الحكومية وهذه التفاهمات المبدئية هي التي تضفي طابع الايجابية على المسار الحكومي وان كان خلاف قد سجل في عملية التسمية لبعض الوزارات مثل الخارجية والداخلية بالدرجة الأولى وفي وزارة الطاقة بالدرجة الثانية، علماً أن التركيز الفعلي هو على الداخلية نظراً للدور الأساسي لها في مرحلة الإنتخابات النيابية المقبلة، وإن كان هذا الأمر غير مطروح في العلن اليوم.
ومن هنا، يرى هؤلاء المتابعون للحراك الحكومي أن الفرملة المرحلية مرتبطة باعتبارات داخلية على علاقة بالإنقسام المسيحي حول الحقائب، واعتبارات خارجية أيضاً متعلّقة بالمواقف العربية أولاً، والفرنسية ثانياً، والأميركية ثالثاً، إذ أن ما كان يبني عليه الرئيس المكلّف من أجل الحصول على الدعم الخليجي، قد تعرّض للإهتزاز بسبب الوضع الأمني الفرنسي من جهة، والأزمة الرئاسية الأميركية من جهة أخرى.
وبالتالي، فإن اللعبة الحكومية من حيث الشكل، عادت إلى سابق عهدها لجهة التجاذب والتناتش على الحصص، بينما لا يملك أي طرف معني بالملف الحكومي أي هامش للذهاب بعيداً في شروطه، ولذلك، عادت الحملات المرتبطة بملفات مالية واقتصادية إلى الواجهة مجدّداً، وآخرها يحمل عنوان «التدقيق الجنائي في مصرف لبنان»، والذي يقرأ فيه العديد من المقرّبين من الرئيس الحريري محاولة للضغط على أكثر من طرف، كما عملية تصفية للحسابات قبل فتح صفحة جديدة على المستوى السياسي في مرحلة ما بعد تأليف الحكومة، وما بعد إنجاز التوافق والتسويات على أكثر من مستوى محلي وخارجي.
وفي خضم المشهد الحكومي المشدود، سألت مصادر نيابية معارضة، عن العناوين التي رُفعت في الشارع منذ عام ولم تصل حتى اليوم إلى مرحلة البحث الجدي والمعالجة، في ظل عودة القوى والكتل السياسية إلى لعبة المحاصصة. وكشفت هذه المصادر، عن أن كوادر ومجموعات الحراك الشعبي التي لم تنقطع عن اللقاءات في الآونة الأخيرة، تستعد لإعادة إطلاق آلية جديدة للتحرّك مجدّداً في الشارع، وفي كل المناطق من أجل استعادة الزخم المطلوب والذي كان تعرّض لانتكاسة جرّاء فيروس كورونا والممارسات العنفية بحق المحتجّين من الشباب اللبناني. وليس مشهد المواطن الذي حرق نفسه بالأمس أمام الضمان الإجتماعي، سوى عيّنة من الإتجاهات اليائسة للمواطنين، والتي ستعيد إطلاق شرارة الثورة المقبلة من جديد.