لا تزال البلاد تجرجر نفسها على سكّة البقاء على قيد الحياة ولا تزال محاولات تيئيس الشعب اللبناني قائمة على قدم وساق، غداً سيعاين اللبنانيون واحداً من مشاهدها إذا ما تمّ تطبيق سيناريو تقاذف كرة تعطيل تشكيل الحكومة العتيدة بين الرئاسة الأولى والرئاسة الثالثة على الأقل أمام الدّول التي ستجتمع في فرنسا في محاولة أخيرة ربما لمساعدة بلد لا يريد أن يساعد نفسه!
أثناء أداء الرئاستيْن الأولى والثالثة مشهدهما المسرحي لغسل اليديْن من لعبة تعطيل تشكيل الحكومة وهي لعبة موصوفة ومعروفة ومحفوظة عن ظهر قلب في لبنان، تتجاهل الرئاستان تحذير الرئيس الفرنسي أيمانويل ماكرون قبيل زيارته الثانية للبنان من الحرب الأهليّة التي تتربّص بهذا البلد بقوله: «إذا تخلينا عن لبنان في المنطقة وإذا تركناه بطريقة ما في أيدي قوى إقليمية فاسدة، فستندلع حرب أهلية وسيؤدي ذلك إلى تقويض الهوية اللبنانية»، وربما نسي اللبنانيون بفعل ذاكرتهم المثقوبة بسبب الضغوط اليومية عليهم، ومن كثرة ما يعاد تكرار السيناريوهات العاطلة عليهم أنّ ماكرون أمهل المسؤولين حتى نهاية تشرين الأول لتشكيل حكومة، والمراوغة والتذاكي وعدم الإكتراث ولا الإلتزام أمام المجتمع الدولي أوصلت الأمور إلى كانون الأول من دون الحصول إلا على الفراغ، وسيبقى الفراغ سيّد الموقف اللبناني!
وعلى هامش هذا المشهد المتذاكي غداً الأربعاء، تحايل المسؤولون اللبنانيون ليخدعوا الدول التي طالبت بإصلاح وتدقيق مالي لكشف لصوص الهيكل اللبناني وأخرجوا مشهد «التدقيق الجنائي» ليحصلوا على شيء من أموال المساعدة الموعودة لتقاسم سرقتها قبل «تشميع خيط الهريبة» قبل انهيار لبنان على رأس من فيه، فالوقت لم يعد متاحاً فعلاً خصوصاً مع التّساؤل عن أيّ حكومة ستكون قادرة على حلّ حبال من العقد السوداء التي تواجه المصير الاقتصادي والمالي اللبناني مع طبقة من السياسيّين الفاسدين الّذين يتولّون هم أنفسهم مهمة تركيب الحكومة المنتظرة وغير المنتظرة.
تحذير الرئيس الفرنسي ماكرون الـمُتجاهل قد يكون هو الكلام الحقيقي الذي لا يريد الطاقم السياسي اللبناني مواجهته، وإذا استمرّ الحال على ما هو عليه سيدخل لبنان بعد وقف الدعم عن السلع الأساسية في حالة فوضى من سلب ونهب وقتل مع انهيار كلّ شيء، وللمناسبة هذا المشهد ليس ببعيد إذا ما ذكّرنا بأنّ القوى العسكريّة والأمنيّة لن تكون هي الأخرى بمنأىً عمّا سيصيب البلاد عندما يصبح حال عديدها هو نفس حال الشعب اللبناني عندها سيدخل لبنان دوّامة حربٍ لا تُبقي ولا تذر!!
الساعات المقبلة كفيلة بفضح النوايا اللبنانيّة التقليديّة عند اختبار تشكيل الحكومات، خصوصاً وأننا أمام عهد أثبت أنّه منذ اللحظة الأولى ترك زمام تشكيل الحكومات أو تعطيل تشكيلها للصهر المدلّل فلم تختلف الأمور كثيراً عمّا كان عليه الحال أيام معزوفة «صهر الجنرال»، خصوصاً وأنّ هذا الصّهر من رابع المستحيلات أن يسمح بخروج ملفّ الكهرباء ووزارة الطاقة من يدِه إلا إلى يد مستشاريه، المحاصصة سيّدة الموقف، لم يتغيّر شيء على المواطن اللبناني سوى محاولات تخريج مشاهد للعرض الدوليّ، مع أنّ خداع المجتمع الدولي لم يعد عُملة في مقدور هؤلاء صرفها عند شباك أي كشك دولي للصرافة، لم يتبّقَ إلا ساعات قليلة ويتمّ إخراج المشهد عبر الشاشات اللبنانيّة، فترقّبوا.