IMLebanon

حكومات مهمة مستحيلة أو قاتلة أو إنتحارية

 

لبنان في مأزق إضافي، من حيث كان الرهان على مخرج من المأزق الكبير: مسار حكومي بطيء على طريق الشوك، ومسار وطني وسياسي ومالي واقتصادي سريع على طريق انحداري. وليس تكليف الرئيس سعد الحريري تأليف الحكومة سوى خطوبة بالإكراه الدستوري. ومن السهل تصور ما ينتظرنا من سيناريوات، بعدما بات اللعب على المكشوف حتى في ما يدور تحت الطاولة. وكلها من النوع الذي يعقّد الأزمات: سيناريو الاعتذار، سيناريو اللاإعتذار واللاتأليف. سيناريو التسليم بحكومة شراكة بين الحريري والرئيس ميشال عون و”الثنائي الشيعي”. وسيناريو “التساكن” تحت الضغوط على الطريقة الفرنسية كما حين اضطر الرئيس فرنسوا ميتران لتعيين الديغولي جاك شيراك رئيساً للوزراء.

 

لكن من الصعب الاستمرار في اللعب كما لو كان القادة السياسيون ممثلين يؤدون أدواراً في مسرحية غرام وانتقام على مسرح معزول عن حاجات الجمهور وما يحدث خارج المسرح. فلا مهرب من ضغوط الخارج الذي نحتاج الى مساعدته. ولا معنى للسياسة حين تكون مجرد صراعات “بلدية” من دون إلتفات الى حال اللبنانيين وحال لبنان في منطقة تتغيّر بشكل دراماتيكي، الى حد ان دول الخليج تنفتح على اسرائيل سياسياً واقتصادياً وتضع لبنان بين قوسين، بداعي انها حين تنظر الى لبنان ترى ايران فيه.

 

ذلك ان الدعوات الفرنسية والأميركية والبريطانية والألمانية والأممية تتكرر في حث القادة السياسيين على الإسراع في الإتفاق على “حكومة المهمة”، التي كانت في صلب مبادرة الرئيس ايمانويل ماكرون. لكن الواقع ان هؤلاء القادة هم المشكلة، لا الحل.

 

هم يتحدثون عن الاصلاحات ويخافون منها على مصالحهم. ويعرفون اننا من دون هذه الحكومة والاصلاحات “ذاهبون الى جهنم” كما قال الرئيس عون، ثم يعرقلون كأنهم لا يصدقون ما فعلته “عامية لبنان” وما أحدثه انفجار المرفأ الذي لا يزال “لغزاً”. فليس أمراً مألوفاً ان يعترف رئيس الجمهورية باننا “بلد مفلس”، وان تستمر التركيبة السياسية التي ربحت من الإفلاس في المكابرة ورفض التسليم بانها أفلست سياسياً. ولا جدوى من حكومة إن لم تكن من خارج التركيبة السياسية، لأن أي حكومة كالحكومات التي مرت على البلد، ستكون في خدمة المافيا السياسية والمالية والميليشيوية.

 

لكن المعادلة التي تتحكم بنا هي: حكومة “مستقلين” مهمة مستحيلة، حكومة مافيا مهمة قاتلة، واللاحكومة مهمة انتحارية.

 

تقول الشاعرة الاميركية لويزه غليك الحائزة جائزة نوبل للآداب في احدى قصائدها: “لماذا تحب ما ستخسره؟ لأنه ليس هناك شيء آخر لأحبه”. أليست هذه حال القادة السياسيين مع السلطة؟