Site icon IMLebanon

الحكومة في علم الغيب والتيار: الحريري لا يقرأ المتغيّرات

 

لا فرق بين من يلاحق اخبار الحكومة ومن يلاحق ظله. كلاهما لا يخرجان بنتيجة سوى جني الاوهام. تصلب في المواقف ومتاهات سياسية لا تنبئ الا بمزيد من الخراب. لا أخبار يقينة عن الحكومة. يقسم المعنيون انه لا جديد بعد وان التعقيدات الداخلية سيصعب تذليلها حتى من قبل “حزب الله” الذي لم يبرز له دور فعلي بعد على خط اصلاح ذات البين على خط بعبدا – بيت الوسط. كل ما يحيط بهذا الملف يؤكد ان لا حكومة في الآتي من الايام. خرج الموضوع عن مونة الاصدقاء والحلفاء المقربين داخلياً. اما خارجياً فكان كلام وزير الخارجية السعودية خير معبّر عن سياسة بلاده التي احكمت اغلاق باب علاقتها مع لبنان.

 

خلال زياراته الى بكركي ابلغ موفد رئيس الجمهورية سليم جريصاتي البطريرك الراعي او تمنى عليه عدم المطالبة بدعوة الحريري لزيارة بعبدا والمبادرة بهذا الاتجاه حتى ولو دفع مثل هذا الامر الرئيس المكلف الى الاعتذار. لم يعد العماد ميشال عون يهتم لبقاء الحريري ويفضل لو يعتذر. وبينما ينصب اهتمام الحريري هذه الايام على تقديم اوراق اعتماده لإعادة تأهيل وضعه عربياً ودولياً، لم يُسجل اي استقبال رسمي له او دعم واضح وموثّق حتى الساعة رغم وجود نية لدعمه اماراتياً من دون ان تتبلور اي خطوات عملية بعد. في هذا الوقت لا يزال الحريري مصراً على المضي قدماً بتكليفه ولو بقي معلقاً لعامين لاعتقاده ان الخسارة الكبرى ستقع على العهد.

 

سلوك بعيد عن المعطيات الواقعية ويؤكد للتيار الوطني الحر أن الرئيس المكلف يتصرف خارج موازين القوى الفعلية على الارض. بكلام واضح يعتبر التيار الوطني ان كل محاولات الحريري ومنذ جرت تسميته لليوم تصب في اتجاه واحد وهو شيطنة الاحزاب السياسية وتحميلها مسؤولية الانهيار وتصوير نفسه انه الوحيد المقبول من المجتمع اللبناني ومن المجتمع الدولي كمنقذ للمرحلة المقبلة وهذا الوهم ادى به الى ان يصطدم على الاقل بثلاثة مواقع:

 

– اصطدم بحليفه المفترض وليد جنبلاط واعتبر انه يمكن ان يحدد له الحقائب ويختار لها اسماء.

 

– اعتبر ان التيار اصبح بموقع ضعف خصوصاً من بعد العقوبات الاميركية على رئيسه وسمح لنفسه بتجاوزه كمكون رئيسي ومن بعد ان خسر التأييد من القوات اللبنانية.

 

– والاهم انه اعتبر ان عون اصبح بموقف ضعيف في السنتين الاخيرتين من عهده وانه محاصر دولياً وعربياً فأوحى له البعض ان الوقت قد حان لكسر المعادلات التي نشأت بعد الدوحة والتي أرست بالتدرج تعادلاً ميثاقياً وسياسياً بعد أن كان موقع الرئاسة الاولى مائلاً للكفة الخاسرة على مدى سنين طويلة منذ الطائف، واعتبر ان اللحظة مناسبة لأن ينتهي من معادلات الدوحة وان يعود الى تطبيق معادلات الطائف كما سبق وان طبقت في عهد الوصاية السورية.

 

لا تجد مواقف الحريري تفسيرها لدى التيار الوطني الا من ناحية القول انه قادر على فرض اجندته بحيث يترك لرئيس الجمهورية ثلاثة اسماء يسميهم بعد موافقة الحريري وان يتكفل هو بتسمية بقية الاسماء. هذه مسألة لا يمكن السكوت عنها من قبله “فلا بحجة كورونا ولا بحجة الوضع المالي مسموح للحريري ان يكرس معادلات أكبر منه، ولا مسموح ان يتم ضرب الشراكة الحقيقية” وتقول المعلومات هنا ان التيار سبق وأن أبلغ البطريرك الراعي كما باقي القيادات بانه اذا كنتم راغبين بالعودة الى زمن رستم غزالة فقولوا، فكان ان ابلغ الراعي الحريري ان الاسماء التي تطرحها غير مقبولة ولا تستطيع ان تعرضها وبالشكل الذي تعاطيت به مع رئيس الجمهورية.

 

يرفض التيار تحميله مسؤولية السجال الدائر في البلد وبرأيه ان الحريري لا يقرأ المتغيرات في المنطقة المقبلة على الحوار، حيث تستعد ايران لفك عزلتها، قطر تصالحت مع السعودية التي اعلنت استعدادها للحوار، التركي اجتمع بمجلس قيادته مع العسكر اي انه يريد رد الاعتبار لدور تركيا عندما كانت في مقدمة حلف شمالي الاطلسي رغم كل ذلك “يضع الحريري التكليف بجعبته وبرأيه انه ينتقم من عون ويرد الاعتبار لنفسه وهو لا يملك اي تفويض عربي حتى من الامارات التي يقصدها لمعالجة مشاكله”. يشدد التيار على حكومة بالمعايير الفرنسية، ولا يبدو انه مستعد للتنازل بل للمضي في المواجهة “بالمسائل السيادية والميثاقية وفي ما يتعلق بثوابتنا لا تنازل”.