IMLebanon

أثمان التعايش المستحيل بين الحريري و«التيار» في الحكومة

 

 

دفع خارجي نحو إجراء الإنتخابات النيابية لتحقيق الاصلاحات

 

 

مازال العبث السياسي يتحكم بمفاصل إدارة الشأن العام والوطني، بحيث لم تعد مُقنعة أسباب تعثّر تشكيل الحكومة بأنها  حول وزير او وزيرين مسيحيين او حقيبة او حقيبتين، في ظل عدم مبالاة المعنيين بما وصلت اليه احوال البلاد والعباد، لا سيما في مواضيع توفير اعتمادات المحروقات لمؤسسة الكهرباء التي باتت على شفير التوقف نهائياً، وعدم توافر المازوت للمولدات الخاصة التي هدد اصحابها ايضا بتقنين خمس ساعات اضافية، ما يهدد ايضا بتوقف خدمة الانترنت كل الخدمات الاخرى الضرورية ومنها الصحية والاستشفائية، عدا انقطاع الدواء وبعض اصناف الغذاء والبنزين والبلبلة في موضوع الدولار والسحوبات من المصارف.

 

أخطر ما في الامر بلوغ المعنيين «إختراع» اسباب إضافية لعرقلة تشكيل الحكومة، ومنها مؤخراَ ما يعلنه بعض نواب التيار الوطني الحر عن رفض صيغة الـ 24 وزيراً لأنها بنظرهم تعني الانتقال من المناصفة الى «المثالثة المقنّعة»، وما يعلنه بعض اركان تيار المستقبل من ان اصرار الرئيس سعد الحريري على شروطه ناجم عن تحليل واستنتاج سياسيين بأن هدف رئيس الجمهورية ميشال عون والتيار الوطني الحر هو إما الامساك بالحكومة من خلال الثلث الضامن بحيث يبقى قرار إقالتها بيدهم، أو إحداث فراغ حكومي ومن ثم نيابي للوصول الى تمديد ولاية الرئيس بشكل ما!

 

وبغض النظر عن صحة هذه الاستنتاجات والتحليلات، فإن ثمة قوى سياسية باتت تعتقد ان اياً من الطرفين لم يعد يريد التعامل والتعاون مع الآخر في الحكم، ومن هنا نشأت ايضاً نظرية البعض بأن الحريري يريد استمرار الفراغ الحكومي حتى نهاية عهد الرئيس عون لإضعاف العهد وقطع الطريق على وصول النائب جبران باسيل الى رئاسة الجمهورية، مقابل نظرية اخرى مفادها ان عون والتيار لن يُمكّنا الحريري من تشكيل الحكومة مهما طال الوقت إلّا بشروطهما، لإضعافه وعدم تمكينه من الإمساك مع حلفائه بمفاصل الدولة كما كان يحصل دوماً.

 

في محصلة هذه الوقائع، ثمة من يرى انه بات من المستحيل تحقيق التعايش بين الرئيس الحريري وبين التيار الحر في حكومة واحدة حتى لو أُزِيلت العقبات الشكلية امام تشكيلها، لأن التعايش القسري سيؤدي الى دفع البلاد أثماناً باهظة اذا تجددت الخلافات داخل الحكومة على برامج الاصلاح والاولويات والسياسات العامة ومصالح الطرفين، والاهداف البعيدة لكل منهما، لا سيما في حال طُرح موضوع تعديل قانون الانتخاب او تغييره بالكامل، وصولاً الى معركة رئاسة الجمهورية. اللهم ما لم تتم التسوية على برنامج الحكومة واهدافها وطرق تنفيذ البرنامج والاهداف بلا نكد سياسي وتعطيل وتسجيل نقاط. وهو ما قالت مصادر رسمية ان الرئيس نبيه بري سيعمل عليه اعتباراً من مطلع هذا الاسبوع، فعسى ان يُوفّق.

 

باتت اللعبة مكشوفة بنظر الكثيرين، انه صراع الكبار على السلطة، في زمن المتغيرات وقلب المعادلات الاقليمية والدولية، وهو الامر الذي دفع احد السياسيين المتابعين للوضع الاقليمي عن قرب، الى القول في مجالس خاصة، ان التغيير في لبنان لن يحصل سوى بتدخل خارجي كبير بعد التوصل الى التسويات الكبرى، التي تطال ايران وسوريا والعراق واليمن وليبيا، والتي لا يعلم احد متى تحصل، والتي ستصيب لبنان بشكل مباشر.

 

وفي هذا الصدد يرى السياسي ان التغيير الفعلي في لبنان لا يمكن ان يتم إلّا عبر تدخل دولي خارجي ضاغط بشدة على كل الاطراف او فرض حلول الامر الواقع عليهم، بما يؤمن استقرار لبنان فعلياً ودخوله التسويات الاقليمية. مشيراً الى ان القوى الدولية باتت مقتنعة ان التغيير لن يأتي من الطبقة السياسية الحالية، وانها ستدفع بإتجاه إجراء انتخابات نيابية في موعدها او مبكرة اذا انتهت التسويات الاقليمية باكراً، من اجل تغيير الواقع الحالي عبر انتاج طبقة سياسية جديدة او على الاقل «تطعيم» الطبقة الحالية بنواب وسياسيين مستقلين من قماشة مختلفة بهدف تحقيق الاصلاحات الموعودة السياسية والاقتصادية والمالية والاجتماعية، ولكن هذا الامر سيدفع البعض الى التشكيك بارتباطاتهم الخارجية واهدافهم الحقيقية، لا سيما حول بعض القرارات المصيرية المتعلقة مثلا بعملية التسوية السليمة بين العرب والكيان الصهيوني وترسيم الحدود البحرية وموضوع سلاح حزب الله والقرارات الدولية وسواها من امور اخرى، منها الاقتصادي والمالي لجهة الاستتباع الكلّي للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي لفرض الاصلاحات المالية.