IMLebanon

الحريري امام خيارين: دعم السعودية او التعايش مع حزب الله

 

في الوقت الذي يستمرّ فيه الصراع السياسي والإعلامي وحتى الأمني على أشدّه على المُستوى الإقليمي بين كل من إيران والسعوديّة، مع بروز تصاريح جديدة عالية السقف لكل من قائد الحرس الثوري الإيراني محمد علي جعفري ووليّ العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، تُحاول القيادات اللبنانيّة الرسميّة تعميم أجواء مُتفائلة والحديث عن تجاوز «القُطوع» و«الغيمة» علناً، في الوقت الذي تعمل فيه بعيداً عن الأضواء على مُحاولة عزل نفسها عن هذه المُواجهة، والوصول إلى مخرج ما للأزمة الحالية. فما هي آخر المعلومات في هذا الشأن؟

بحسب أوساط سياسيّة مُطلعة إنّ «الكُرة» لم تعد اليوم بيد رئيس الحكومة سعد الحريري الذي قرّر الإستفادة من أقصى هامش مُناورة مُتاح له، لجهة عدم تقديم إستقالته رسمياً بشكل فوري، على أمل أن تنجح الإتصالات الداخليّة التي تتمّ بغطاء وبدعم دَوليّين مع تسجيل دور بارز لكل من فرنسا ومصر في هذا الصدد، في إبتداع تسوية وسطيّة تحفظ «ماء الوجه» للجميع، وتُتيح له طي صفحة الإستقالة بشكل كامل من دون التعرّض لأي حرج ومن دون ضرب علاقاته بالدول الخليجيّة، وفي طليعتها المملكة العربيّة السُعوديّة. وأضافت أنّ رئيس الجُمهورية العماد ميشال عون يلعب الدور المركزي في هذه الإتصالات محلياً، وهو لا يُريد عقد طاولة حوار مُوسّعة يتراشق فيها المُشاركون الخُطابات العالية السقف من دون التوصّل إلى نتيجة، بل عقد إجتماعات مُصغّرة وضُمن دوائر ضيّقة لكن قادرة على إتخاذ القرارات وتنفيذها، للتوصّل إلى مخرج يُعيد السُلطة الحالية إلى مسارها المُنتج السابق. ولفتت إلى أنّ الرئيس لا يُريد تكرار تجربة «إعلان بعبدا» في عهد الرئيس السـابق العمـاد ميشال سليمان، بل التوصّل سريعاً إلى صيغة عمليّة وجـدّيـة لإخراج لبنان من عمليّة «شد الحبال» الإقليميّة القائمة حاليـاً، حتى لو كـان مضمونـها شبـيهًا ببـنود «إعلان بعبدا». وتابعت الأوساط نفسها أنّ رئـيس الجُمهوريّة شدّد أمام رئيس الحُكومة على أهمّية إستمرار تعاونهما المُشترك في المرحلة المُقبلة، لمـا فيـه مصلحة الدولـة ولبنان والإستقرار الداخلي قبل أيّ شيء آخر، ومصلحة الطرفين ثانياً، مُؤكدا له القُدرة على تجاوز الصُعوبات معاص، وواعداً بإستكمال إنجازات العـهد الجـديد معًا أيضًا في المرحلة المُقبلة.

وأشارت الأوساط السياسيّة إلى أنّ رئيس مجلس النواب نبيه برّي يلعب من جهته دورًا محوريًا في الإتصالات القائمة بعيداً عن الأضواء، حيث أنّه يملك تفويضاً من «حزب الله» لإيجاد المخرج المُناسب الذي يسمح لرئيس الحكـومة بالـعودة رسميـاً عن الإستقـالـة من دون أيّ إحـراج، والأهـم بعودة مجلس الوزراء إلى الإنعقاد وبالتالي إلى مُمارسة دوره الطبيعي في إدارة السُلطة التنفيذيّة في البـلاد، لكن بشرط عدم تقديم أيّ تنازل جوهري من جانب «الحزب». وكشفت هذه الأوساط أنّ الضُغوط على رئيس الحُكومة لتقديم إستقالته لا تزال قائمة، ما لم ينجح في إنـتزاع تنازلات مُهمّة في ما خصّ مسألة الدعم الذي يوُفّره «حزب الله» للكثير من القوى في ساحات المعارك المُشتعلة إقليمياً. وأضافت أنّ رئيس الجمهورية أخذ على عاتقه ضـرورة التوصّل إلى صيغة تجعل لبنان «ينأى عن نفسه» عن أزمات المنطقة، لكن بشـرط أن يشمل هذا الحياد الشقّين السياسي والإعلامي، وليـس فقط الأمني، وأن يكون مُتوازنًا ولا يشمل دولة إقليميّة دون سواها، أو طرفاً داخلياً دون سواه.

وبالنسبة إلى خيارات رئيس الحكومة، كشفت الأوساط السياسيّة المُطلعة أنّ الحريري ينتظر ما سيُعرض عليه من مخارج في الأيّام المُقبلة، واجهتها من جانب رئيس الجُمهورية ورئيس مجلس النواب، وخلفيّاتها الفعليّة من جانب «حزب الله»، ليبني على الشيء مُقتضاه. وأضافت أنّ عزم رئيس الجُمهورية وعمله المُستمرّ لفرض إستقلال لبنان عن الضُغوط الخارجيّة، وحنكة رئيس مجلس النوّاب وقُـدرته على تدويرالزوايا للتوصّل إلى حلول، وإعلان «الحزب» إنفتاحه على التفاوض ورغبته بإيجاد تسوية مناسبة ولائقة، قد تُمثل خشبة الخلاص التي تُنقذ «ماء وجه» رئيس الحُكومة لطي صفحة الإستقالة كلياً ولدعوة مجلس الوزراء للإنعقاد من جديد، لكنّها لن تكون كافية لوقف الضُغوط الإقليميّة عليه. ورأت هذه الأوساط أنّ الرئيس الحريري هو حاليًا في موقف صعب وحرج، لجهة ضرورة الإختيار بين إستمرار الدعم السُعودي له ولتيّاره، وإستمرار التعايش الواقعي مع «حزب الله» في السُلطة وعلى أرض الواقع.

وختمت الأوساط السياسيّة المُطلعة كلامها بالتشديد على أنّ رئيس الحكومة لا يُريد على الإطلاق خسارة الدعم الإقليمي الذي يحظى به والذي ورثه عن أبيه رئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري، ولا يُريد في الوقت عينه تعريض إستقرار لبنان لأيّ إهتزاز، ليس أمنيًا فحسب بل لأي إهتزاز سياسي أو إقتصادي أو مالي، إلخ. وسألت: «هل يُنقذ حزب الله الحريري من حرجه، بالمُوافقة على تنازلات غير جوهريّة، لكن كافية لأن يقول إنّه حقّق نتائج إيجابيّة من إستقالته الشفهية ومن تريّثه؟».