IMLebanon

هذه هي النقاط التي يتفاوض “حزب الله” بشأنها مع الحريري

 

في 17 تشرين الماضي وفيما الثنائي الشيعي وبقية الاطراف تناشده العودة الى رئاسة الحكومة برّر سعد الحريري لسائليه: وكيف أقبل من دون غطاء مسيحي سأظهر كمرشح “امل” و”حزب الله” و”القومي”. سنة مرت بكل ما شهدته من تدهور مالي واقتصادي، أرواح زهقت وتزايدت اعداد الفقراء. وكأنه كتاب قلبت صفحاته ليكون الحريري رئيساً مكلفاً، بإدارة تقنية عالية الجودة لـ”الثنائي الشيعي” ودعم “القومي السوري الاجتماعي”. فما الذي تغير بين الامس واليوم بالنسبة الى الرئيس المكلف؟

 

زادت الاصوات التي نالها الحريري على توقعاته. شكلت تسميته من القومي مفاجأة (3 مسيحيين)، والخطوة أتت إكراماً لرئيس مجلس النواب نبيه بري فيما “حزب الله”، وفق ما تجزم مصادره المقربة لم يكن على علم مسبق بالقرار. وسماه النائب جهاد الصمد نكاية بـ”اللقاء التشاوري”، وعدنان طرابلسي خوفاً من انعكاس عدم التسمية عليه بيروتياً وهو لم يبلغ “اللقاء” بقراره، وعلم ايضاً أن النائب المشنوق عدل قراره في اللحظات الاخيرة بتسمية الحريري تماشياً مع الرغبة السنية!

 

منذ استقال كانت واضحة رغبة الحريري في العودة الى السلطة، ولم يخفش “حزب الله” رغبته بأن يتولى الحريري من دون غيره تشكيل الحكومة ويكون شريكاً في ايجاد المخارج اللازمة للأزمة الاقتصادية. رشحته الاكثرية مباشرة او من يسميه فرفض لتتجه صوب حكومة اللون الواحد التي لم يكتب لها النجاح. تجربة لم يرغب بتكرارها “حزب الله” واعتبر ان كثرة التجارب وتعدد المرشحين سيصطدم برفض الحريري الراغب في العودة شخصياً. ومنذ لحظة اعلان ترشيحه شرع الحريري و”الثنائي الشيعي” في مفاوضات تجاوزت التكليف الى التأليف، فطرحت على بساط البحث كل العقبات وتمثيل الحلفاء. تجاوز الحريري احتساب حقيبة المالية من حصة “الثنائي”، وسلّم بأحقية الشيعة بتسمية وزرائهم. حسمت نقطة وبقيت نقاط اخرى عالقة، فعلى ما دارت المفاوضات بين “حزب الله” والحريري؟

 

بجلسات اكثر من صريحة مع الحاج حسين الخليل طرح كل طرف ما يريده من الآخر. كان من جملة ما طلبه الحريري منح حكومته صلاحيات استثنائية رفضها “حزب الله”، لاعتباره ان مثل هذه الصلاحيات من شأنها ان تلغي دور المجلس النيابي ودور الحكومة أيضاً. ووعده أن التعاون يكون بناء على المشروع المطروح، فإذا عرض مشروع قانون يقنع “حزب الله” ويراه مفيداً للناس يصوت عليه ويتبناه، وحين يشعر بوجود استحقاق لا يصب في مصلحة الناس لا يصوت عليه.

 

وجاء من جملة ما طلبه “حزب الله” بعد الاتفاق على وزارة المالية ان يترك للثنائي تسمية وزرائهم ومعرفة الوزارات التي سيتمثلون بها. يفضل الثنائي الى جانب وزارة المال، تسلم حقيبة الصحة او الاشغال او التربية. اخذ الحريري علماً لكنه لم يمنح موافقة نهائية واعداً ان توزيع الوزارات سيكون موضع تفاهم خلال مشاورات التأليف. ومن التفاهمات ايضاً ان يعرض الحريري على “حزب الله” الخطوات الاقتصادية المنوي اتخاذها بما فيها المفاوضات مع صندوق النقد الدولي.

 

ونال الحريري وعداً من “حزب الله” ان يكون ايجابياً في مخاض التشكيل. وفضلاً عن حرصه على عدم الخروج عن تقليد اتبعه منذ الحريري الاب بعدم التسمية، فإن لـ”حزب الله” سبباً اضافياً مرده الى عدم انجاز الاتفاق مع الحريري بشكل نهائي، ولو انه التزم ان يكون طرفاً مسهلاً. أما منح الثقة للحكومة فسيكون متوقفاً على مدى مشاركة “حزب الله” وشكل هذه الحكومة وبرنامجها. الموضوع سابق لأوانه لان التوقعات لا تتحدث عن حكومة قريبة، لإرتباط سرعة تشكيل الحكومة بالعلاقة بين الحريري ورئيس الجمهورية ميشال عون، وإزالة كمّ العراقيل المتبقية والتي لم ينجز منها الا القليل. وفق المؤشرات الاولية سيكون التشكيل بمثابة منازلة كبرى على الحصة المسيحية وتوزيع المقاعد والحقائب. من وجهة نظر “حزب الله” لا بد للحريري ان يقدم تنازلات معينة تسهّل مهمته وتسرّع تشكيل الحكومة.

 

كان يمكن لهذا الاستحقاق ان يكون عادياً لولا ظروف الحكومة المقبلة والمطلوب منها. ليس صحيحاً انها ستكون عبارة عن حكومة مهمة لفترة ستة اشهر، ولا التعاطي معها يتم على هذا الاساس بدليل خفايا الخلاف بين الحريري وباسيل وأبعاده المتصلة بالانتخابات النيابية والرئاسية لاحقاً.

 

فالعامل الاهم الذي يتمحور حوله تشكيل الحكومة هو ذاك الخلاف الخفي الذي يدور في فلك معركة رئاسة الجمهورية. فريق لا يرغب بعودة الحريري الى رئاسة الحكومة كي لا يكون لاعباً اساسياً عند الاستحقاق الرئاسي، ولنفس السبب لا يريد الحريري عودة باسيل الى الحكومة كي لا يفسح المجال لتعويمه سياسياً وشعبياً، وهو ما يؤمنه وجوده في الحكومة. يريده ان يصل الى الانتخابات النيابية وقد تراجعت شعبيته، خصوصاً وان موعدها يسبق الانتخابات الرئاسية. حضرت معركة الرئاسة في تشكيل الحكومة فشعر “حزب الله” بنفسه عاجزاً عن التدخل. حتى بات يقف عند حدّي: الحفاظ على تفاهمه مع “الوطني الحر” بأبعاده الاستراتيجية، وحرصه على عودة الحريري انطلاقاً من الحاجة لإيجاد حلول للأزمة المالية. لا بد ان الحريري وباعتقاد “حزب الله” سيؤمن مساعدات مالية من خلال “سيدر” والدعم الخارجي وهذه عوامل ايجابية وملحة. لا ينكر “حزب الله” وجود تباين مع “التيار” حول تكليف الحريري.

 

 

 

يريد “التيار” حكومة من لون واحد برئاسة مدير عام شركة الدولية للمعلومات جواد عدرا رفضها الثنائي الشيعي، لاعتباره ان عدرا قد يصطدم بشرعية التمثيل السني وقد لا يحظى تكليفه بأصوات نيابية تؤهله لرئاسة الحكومة، والأهم ان حكومة من لون واحد تتعارض مع المبادرة الفرنسية. يرغب “حزب الله” في مشاركة “التيار” في الحكومة، معولاً على ايجابية الحريري في التعاطي بموضوع تمثيل الحلفاء، ولكن من المبكر بعد الحديث عن امكانية مشاركة “حزب الله” في الحكومة من دون “التيار الوطني” من عدمه.