Site icon IMLebanon

الحريري يحمل ملفات الى واشنطن «مرتاح البال»

عندما قرر سعد الحريري ان يغادر لبنان او يعود الى الحكم، لم يحصل ذلك بملء إرادته او لأنه إرتأى ان يترك الحكم والسراي لغاية أخرى  ويعود متى يشاء،  الخروج  من السلطة حصل يومها  لأن الظروف حتمت ذلك القرار بعد الانقلاب السياسي الذي أخرجه من السراي، وربطاً بالتحولات السياسية وهبوب موجة الاغتيالات السياسية الواسعة التي طالت رموزاً حريريةً ومقربين من فريق 14 آذار، حيث وصلت في مراحلها الأخيرة الى التصفية الجسدية لأقرب المقربين لسعد الحريري في الاغتيال المدوي لرئيس فرع المعلومات اللواء الشهيد وسام الحسن، الذي كان يشكل الذراع الأمني لتيار المستقبل، فأضحى الأخير بقياداته ومسؤوليه مكشوف أمنياً بعدما وصلت يد المنفذين الى من كان يعتبر حصناً أمنياً يصعب إختراقه، لكن تلك الظروف لم تكن وحدها السبب الوحيد  لجعل  الحريري يترك كل شيء ويمضي الى الخارج متنقلاً بين العواصم الأوروبية والفرنسية، كان ثمة معالم تغيير كبير وتحولات وسيناريوهات جديدة وخطيرة ترسم  في المنطقة و كان ثمة قرار إقليمي وعوامل كثيرة طوت في ذلك الوقت الحقبة الذهبية لـ14 آذار والحريرية السياسية، في كانون الثاني دخل الحريري رئيساً لحكومة لبنان  للقاء الرئيس الاميركي باراك اوباما ليخرج من لقائه الأميركي يحمل لقب «رئيس حكومة سابق» بعد الانقلاب الذي نفذته المعارضة باستقالة وزراء 8 آذار من الحكومة.

 عودة الحريري  الى السلطة كما خروجه منها  لا تحتمل التأويل  فهي مرتبطة بالتحولات السياسية  في المنطقة والتي يتأثر بها لبنان بحسب مصادر مقربة من الحريري، وافق الحريري على «العرض السخي» من حزب الله وسار في التسوية السياسية التي هندسها ميشال عون فعاد هو الى السراي وشق عون طريقه الى بعبدا وبالمؤكد استتبع ذلك قرار إقليمي ورضى وقبول من الدول بعد ان دخلت البلاد الفراغ الرئاسي الطويل. هذ ا المشهد السياسي في مسيرة الحريري يحضر دائماً في المحطات السياسية ومنها اليوم زيارة رئيس الحكومة الى واشنطن آخر الاسبوع والتي تسبق زيارة قائد الجيش العماد جوزف عون بمهلة الشهر تقريباًً. بدون شك هي المرة الاولى التي يزور فيها الحريري الرئيس الاميركي الجديد دونالد ترامب، وهي زيارة  تستحضر المشهد السابق الذي اعقب خروج الحريري من السلطة، وهذا ما عقب عليه وزير الاشغال في جلسة  مجلس الوزراء  مؤخرا عندما غمز من قناة رئيس الحكومة ناصحاً اياه بعدم الذهاب الى اميركا قبل ان يتدخل وزير الخارجية جبران باسيل مطمئناً «روح وما تهكل الهم»، فهل على رئيس الحكومة ان يكون مطمئناً سلفاً لنتائج زيارته الى واشنطن، وما هي مردودات زيارة رئيس الحكومة اليوم وبماذا تختلف الظروف اليوم عن الأمس؟

تجيب المصادر ان  زيارة واشنطن تأتي في مراحل  حساسة لبنانياً وإقليمياً  ومختلفة عن الأمس، مع تهاوي «داعش» في الموصل والحسم العسكري في سوريا والاستعداد لمعركة الجرود والقضاء على الارهابيين في عرسال في معركة الجرود التي ستبدأ او في حملة الجيش على المخيمات وضرب وتطويق الارهاب فيها، بدون شك ايضاً فان العنوان الرئيسي للقاءات الحريري مع الإدارة الأميركية ستتوزع على محاور ابرزها موضوع النزوح السوري والارهاب والعقوبات ألأميركية على حزب الله  والمساعدات الأميركية للجيش التي يتطرق اليها رئيس الحكومة ويتابعها قائد الجيش وحيث تؤكد المصادر ان لا مشكلة بل ثمة تعاون حقيقي بين الأميركيين والجيش خصوصاً بعد الانجازات النوعية للمؤسسة العسكرية في محاربة الارهاب وتفكيك الشبكات الارهابية التي يتابعها الأميركيون بدقة واهتمام، واذا كانت مسألة العقوبات الاميركية على حزب الله تعتبر ملفاً محفوظاً  دائماً في الأدراج  لدى الادارة الأميركية  ومسلطاً على المقاومة  إلا ان تحريك الملف  يأتي وفقاً للمزاج السياسي الاميركي ووفق توقيت واشنطن، لكن العارفين في السياسة الاميركية ومن خلال ما يترسب من مواقف ولقاءات مع مسؤولين في دوائر القرار الاميركية فان واشنطن تتريث حالياً في ملف العقوبات خصوصاً ان وجهة النظر الاميركية اليوم لا تزال تصنف حزب الله في خانة المنظمات الارهابية المغضوب عليها إلا ان حزب الله يضطلع اليوم بدور اساسي في المنطقة سواء في سوريا او على الحدود اللبنانية السورية في قتال التكفيريين والدواعش خصوصاً ان الاميركيين يخشون تسلل داعش الى مناطقهم وتعاظم الاخطبوط الارهابي الى درجة يصعب لجمه والسيطرة عليه .

وفيما يبدو ملف النازحين السوريين ليس في أولويات الإدارة الاميركية ولا يمكن ان يكون، فان رئيس الحكومة تضيف المصادر، سوف يستعرض الموقف اللبناني والمعاناة او النزف الذي يسببه ملف النزوح في الخاصرة اللبنانية.

وفي المحصلة يتوقع العارفون في زيارة الحريري ان تكون لقاء شكلياً يتخطى فيه الحريري  الحاجز النفسي او الأزمة النفسية التي رافقت آخر زيارة له الى واشنطن، فيما تسير التوقعات الى ان اكثر ما يمكن ان يحصده رئيس الحكومة في زيارته الاميركية هو المساعدات العسكرية للجيش اللبناني التي لم تتوقف اصلاً ويفرض تفعيلها بالتزامن مع زيارة قائد الجيش بعد شهر خصوصاً ان الادارة الاميركية ترتاح لأداء المؤسسة العسكرية والاجهزة الامنية، فيما يراوح ملف النازحين السوريين مكانه بدون اي تطور او تقدم في حين تبقى العقوبات ألأميركية على حزب الله مجمدة الى المراحل والتطورات في المنطقة ولبنان، وعليه فان النظرة الاميركية الى لبنان باتت مختلفة فالادارة الاميركية مرتاحة الى لبنان الذي لم يعد مصنفاً ضمن الدوائر الساخنة في المنطقة والملتهبة حالياً بدون شك ثمة رضى اميركي على أداء الجيش والعمليات النوعية التي نفذها في المخيمات وعلى امتداد المناطق اللبنانية في مواجهة الارهاب .