Site icon IMLebanon

الحريري: لستُ «باش كاتب»!

 

في ظلّ الحديث عن مزيد من المبادرات لكسر الجمود الحكومي بينها زيارة رئيس «حزب القوات اللبنانية» سمير جعجع الى بعبدا سبقتها دعوة من الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله لـ «توحيد معايير التمثيل في الحكومة… وإلّا»، شكّل لقاءُ رؤساء الحكومات السابقين في بيت الوسط علامةً فارقة في مسار «التأليف» لم يفسّر سوى تأكيد للضغوط المتزايدة التي يتعرّض لها الرئيس سعد الحريري وأوّلها من العهد ومَن يريد أن يقاسمه «الكعكة» السنّية!

تحت سقف تشدُّد غير مسبوق للنائب السابق وليد جنبلاط بحصة «كاملة الدسم» درزياً في الحكومة، ومطالبة شيعية بتجاوز حصة الشيعة الستة إذا لم يتمّ توحيد «معايير التمثيل»، ونزاع عوني- قواتي على «الغلّة»، وتمسّك الحريري بالتمثّل بأربعة وزراء سنّة إضافة الى موقع رئاسة الحكومة، جاء لقاءُ بيت الوسط ليُظهر إستعداد الحريري لاستخدام كل الاسلحة في معركته الحكومية بما في ذلك «إستنفار» البيت السنّي.

لم يكن تفصيلاً هامشياً أن يسمّي الحريري من بعبدا، بعد لقائه قبل أيام الرئيس ميشال عون، كلاً من بلال عبدالله وفؤاد المخزومي ونجيب ميقاتي وأسامة سعد مؤكّداً أنهم ليسوا من المعارضة السنّية. الأربعة كانوا من المقاطعين للقاء الشخصيات السنّية الذي انعقد في منزل عبد الرحيم مراد وكانت الغاية منه تأكيد أحقية التمثيل بوزيرين لمن هم خارج عباءة «تيار المستقبل».

في ذلك محاولة من جانب الحريري لتنفيس «البالون» السنّي «الفالت» الذي يُراد أن يصوّر وكأنه شريك في الحصة السنّية السداسية في الحكومة. فقد كان ملفتاً أنّ ميقاتي، الذي سبق أن قاطع «لقاء المعارضة» السنّية لرفضه الانضمام الى تكتلات مذهبية، منح مشروعية مذهبية «خالصة» لخصمه السابق الحريري تحت عنوان حماية صلاحيات رئاسة الحكومة مِمّا لم يذكره البيان المقتضب الصادر عن المجتمعين، وهو عدم إطلاق الحريري النار على نفسه سياسياً!

عملياً، هي المرة الثانية التي يتولّى ميقاتي فيها تأمين الدعم «اللوجستي» والسياسي لخصمه الأول. بعد تعرّض الحريري في بداية العام الماضي لـ«هجمة» من جماعات «الحراك المدني» وصلت الى حدّ رشقه بقناني المياه أثناء جولة له أمام السراي الحكومي أقام ميقاتي حفل إفتتاح «جائزة عزم طرابلس الدولية» لحفظ القرآن الكريم وتجويده «الذي نظمته «جمعية العزم» ودار الفتوى في قاعة مسجد محمد الأمين برعاية الحريري شخصياً وحضور مفتي بيروت وطرابلس والبقاع وصيدا.

في تلك المناسبة أكد ميقاتي للحريري أن «لا عداوة بيننا». بدوره شكر الحريري ميقاتي على «العادة الحميدة» (تعليم القرآن)، لكنه أثنى على الرئيس تمام سلام الصبور أكثر من الرئيس فؤاد السنيورة!

مصادر مواكبة للقاء بيت الوسط أشارت الى أنّ العلامة الفارقة هي حضور ميقاتي كونه الوحيد الذي يأتي من خارج عباءة «المستقبل» وهو جلس قبالة الحريري متحصّناً بـ 21 ألف صوت تفضيلي في طرابلس، ما أعطى الرئيس المكلّف «مناعة» هو يحتاجها في عملية التأليف، لكن لم يعرف بعد هل سيتمكّن الحريري بعد هذا الدعم العلني أن يتجاوز مطلب ميقاتي الذي صارحه به إثناء الاستشارات النيابية بتمثيل طرابلسي يعكس حيثيته التي كرّستها صناديق الاقتراع.

فميقاتي، وأكثر من أيِّ طرف سنّي آخر، متمسّك بمشروعية تمثيله في الحكومة بسنّي أو مسيحي من ضمن كتلته الرباعية. مطّلعون يشيرون الى أنّ «توزير ميقاتي من خلال سنّي محسوب عليه، قد يُحرج الشخصيات السنّية الأخرى التي لن تستطيع أن تتّهم الرئيس المكلّف باختزال الصوت السنّي به».

أما حضور السنيورة وسلام فبدا كدعم أهل البيت. تواجد السنيورة له معانيه السياسية بامتداداته السعودية الأميركية! رئيس الحكومة الاسبق كان أوّل مَن استغنى الحريري عن خدماته نيابياً حتى لو أنّ معركته الصيداوية كانت خاسرة سلفاً. وقيل إنّ إستبعاده، حتى عن إجتماعات «كتلة المستقبل»، يندرج ضمن منظومة «الشغل» الحريرية الجديدة التي استبعدت شخصيات أخرى على رأسها نادر الحريري والوزير نهاد المشنوق، وها هو السنيورة يطلّ داعماً وواقفاً الى جانب سعد في «نضاله» من أجل تأليف من دون تنازلات موجعة، مع أنه كان أكثر مَن اعترض على سياسة الانفتاح والتنازلات التي انتهجها الحريري منذ إعادة تكليفه رئيساً للحكومة العام 2014. أما وجود «الصبور» تمام سلام فتحصيل حاصل.

الدعوة للاجتماع صدرت، وفق المعلومات، عن الحريري الذي يكثّف لقاءاته مع مختلف القوى السياسية، وكان الهدف منها فلش أوراق الرئيس المكلّف في ما يخصّ العقد التي تعترض ولادة حكومته وإيصال رسالة عنوانها وحدة الصف السنّي وإبعاد «المتطاولين» على صلاحيات رئاسة الحكومة.

وبدا لافتاً إشارة قريبين من الحريري ردّاً على مطالية السيد نصرالله بتوحيد المعايير الى «أنّ الرئيس المكلّف يجهد لتكريس هذا الأمر لكن ليس الى درجة يتحوّل فيها الى «باش كاتب»، مؤكّدين أنّ المسألة ليست «مسألة أرقام ووصفة يتمّ الالتزام بها حرفياً بل تخضع لظروف كل فريق».

وتقول أوساط الحريري ردّاً على مشاركة ميقاتي في لقاء بيت الوسط ومطالبته بتوزير شخصيّة تمثله أنّ «ميقاتي له الحق في الطلب والرئيس المكلّف صاحب القرار بالتنسيق مع رئيس الجمهورية»، مؤكّدةً أنّ «الحريري لا يزال يبحث عن تخريجة توصل الى فريق عمل متجانس، لكنّ العقدة الأساسية لا تزال ترتبط بالأحجام، والرئيس المكلّف يتواصل مع كل فريق سياسي على حدة ليقنعه بحصته داخل الحكومة وليقنع كل الأطراف السياسية بحصص وأحجام بعضها البعض!».