IMLebanon

الحريري في بيروت… لكن ماذا بعد؟!  

 

يحيي لبنان بعد غد الأربعاء الذكرى الرابعة والسبعين لإعلان الإستقلال. في إحتفال رسمي يتخلله عرض عسكري لن يغيب عن المواقع الرسمية المخصصة للرؤساء و «لرجال الدولة» رئيس الحكومة (المستقيل) الرئيس سعد الحريري، الذي أكد بعد لقائه أول من أمس السبت في الإليزيه، الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، والذي أكد للصحافيين الذين التقاهم في باريس انه سيلتقي رئيس الجمهورية العماد ميشال عون قبل موعد الإستقلال … ما أوحى ان الحريري سيكون في لبنان خلال ساعات «ليبنى على الشيء مقتضاه».

 

لقد خرج الحريري من لقائه ماكرون وعلامات الإرتياح بادية على وجهه، بعد الحفاوة التي لقيها، وقد أبدى شكره لفرنسا والرئيس ماكرون، مؤكدا العودة الى بيروت في الأيام القليلة المقبلة ومشاركته باحتفال عيد الإستقلال و «سأفصح عن موقفي من كل المسائل بعد ان التقي الرئيس عون…».

السؤال الكبير الذي يتداوله اللبنانيون كافة هو هل طويت صفحة استقالة الرئيس الحريري بعد «الوساطة الناعمة» التي قام بها الرئيس الفرنسي، وأدت في جملة ما أدت الى مغادرة رئيس الحكومة الرياض متوجهاً الى باريس مع زوجته وإبنه، أم إن ما آلت إليه الأمور يشكل خطوة باتجاه صورة جديدة للوضع في لبنان وسط سيل من الأسئلة والتساؤلات التي لم تلق إجابات واضحة وجلية، حاسمة ونهائية بعد؟ خصوصاً وإن رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي لم يغب عن الصورة بأدق تفاصيلها، كان أعلن قبل أيام قليلة، إن أزمة الحريري الشخصية انتهت وإن الأزمة السياسية بدأت..».

لا يخفي عديدون قناعاتهم، المبنية على جملة معطيات إقليمية – عربية – داخلية (وبالتأكيد دولية) « إن الأزمة في لبنان لم تقفل، بل ول تقفل إلاّ ضمن سقوف معينة، وثمة مفتاح لها يتمثل بعودة الرئيس الحريري نهائياً الى بيروت وعودته عن الإستقالة…» إلا ان هذه المسألة، وبإقرار الغالبية من المتابعين مستعبدة، أقله في الظروف الراهنة، حتى ولو بقي الرئيس الحريري رئيساً للحكومة (المستقيلة، أو التي تصرف الأعمال) أو مرشحاً لرئاسة الحكومة الجديدة وتمت تسميته من غالبية القوى السياسية الممثلة في مجلس النواب..

لا ينكر أحد ان المشكلة الأساس المتمثلة بتدهور علاقات غالبية الدول العربية، وعلى وجه الخصوص الخليجية منها، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية مع إيران التي تحتضن «حزب اللّه» في دوره الذي تجاوز حدود لبنان، (هذه المشكلة) باتت تتقدم على كل ما عداها من مشكلات وازمات وتحديات تواجهها المنطقة العربية – على وجه الخصوص، وليس في المعطيات المتداولة، ما يؤشر من قريب أو من بعيد، الى تسوية تعيد الأمور الى نصابها الطبيعي وتمهد لإقامة علاقات حسن جوار طبيعية، توفر الطمأنينة للجميع، وتضع حداً لسياسة «فائض القوة» التي تعتمدها إيران….

لم يكن التحرك الفرنسي باتجاه السعودية، وباتجاه لبنان، إبن ساعته، وهو، وبحسب المعطيات المتوافرة بدأ منذ ثلاثة اسابيع على ما قال مسؤولون في الإليزيه، «من أجل تهدئة الوضع… وهي (أي باريس) ستواصل في الساعات والأيام المقبلة الإتصالات مع «القادة اللبنانيين» وقد بلورت العاصمة الفرنسية جملة أفكار – مخارج حلول، من بينها البحث باستضافة «إجتماع لمجموعة دعم دولية للبنان…».

الحريري سيكون في لبنان خلال الساعات القليلة المقبلة… لكن السؤال الكبير هو ماذا بعد العودة؟ وهل سيبقى في بيروت؟ وهل اللقاء المعلن عنه مع الرئيس العماد عون سيكون كافياً لجلاء الصورة النهائية لما ستؤول اليه التطورات؟.

وهل يتمسك باستقالته التي كان اعلنها في الرابع من تشرين الثاني الجاري من السعودية، وعبر شاشة التلفزيون ويكون رئيساً لحكومة «تصريف اعمال» قد تطول مدة إقامتها الى ما بعد الإنتخابات النيابية في الربيع المقبل؟ أم انه سيستجيب لمناشدات غالبية الأفرقاء اللبنانيين الساحقة ويعود عن هذه الإستقالة، فيكون لبنان حقق خطوة متقدمة جداً في الخروج من هذه الأزمة، التي لم تكن في حسبان أحد، لاسيما وإن الغالبية الساحقة من الأفرقاء اللبنانيين على قناعة بأن ما حققته «حكومة استعادة الثقة» التي جمعت الأفرقاء كافة، على إختلاف توزعاتهم السياسية والعقائدية والمحورية، يفوق كل ما كان متصوراً، في ظل أجواء داخلية شكلت نموذجاً إيجابياً يحتذى في التعاطي بين الأفرقاء المتعدي الرؤى مما يجري في المحيط الإقليمي من تطورات… وقد حظي لبنان باستقرار أمني واقتصادي لافت إستحق عن جدارة تأييد العديد من دول العالم..؟!

في قناعة البعض، انه من السابق لأوانه الخروج بأجوبة نهائية، ثابتة وواضحة… و «الأزمة السياسية» التي «بشّر» بها الرئيس بري ليست جديدة، لكنها في الوقت عينه لن تكون مفتوحة.. وعلى ما تقول معلومات، فإن المبادرة الفرنسية لن تقف عند حد وقد تتعدى ذلك الى «نسج خيوط تسوية جديدة..» من أبرز بنودها: استقرار في لبنان، وضرورة إجراء الإنتخابات النيابية، التي ستكون كفيلة بإظهار حجم القوى السياسية التي ستقوم عليها الحكومات المقبلة، مع ضرورة التأكيد على معالجة مسألة «حزب اللّه» بعيداً عن المواقف المسبقة حيث «الحوار» سيكون سيد المواقف بخواتيمه التي ستؤول إليها… والجميع متفق ان مضمون إستقالة الحريري سيكون بنداً رئيسياً في اللقاءات والحوارات التي ستحصل بين الحريري والرئيس عون والرئيس بري، وما يمثلان…؟! «ليبنى على الشيء مقتضاه..»؟!.