الكل في حالة ترقب لما سيفعله رئيس تيار المستقبل في الانتخابات والى جانب من سيكون فهل سيعود الى قيادة فريق 14 آذار ام يتحالف مع «جزء» من 8 آذار ومع رئيس الجمهورية بدون حزب الله وأمل ،وما هي خطوة الحريري بعد ايفاد غطاس خوري وفتح صفحة جديدة مع القوات وهل من قرار بالتحالف مع معراب في الانتخابات؟ تساؤلات تعكس هواجس المستقبل الذي يبدو مثقلاً بهموم الانتخابات والتحالفات وفي حالة ضياع انتخابي بين حلفائه السابقين والجدد وبين محاولات السعودية الاخيرة للم شمل 14 آذار انتخابياً والدخول على خط الانتخابات اللبنانية.
بدون شك فان زيارة موفد الحريري الى معراب فتحت ثغرة في جدار الازمة، لكن هذه الثغرة لا تعني ان التحالف الانتخابي صار واقعاً مؤكداً فثمة عوائق كثيرة تحول دون التقدم نحو الانتخابات كما ان عدم حصول اللقاء بين الحريري وجعجع يعني ان التحالف لم يصبح واقعاً بعد، وهنا جوهر الازمة بحسب مستقبليين فعدم حصول التقارب مع معراب التي بات رئيسها يحتل الموقع الاول تقريباً بين حلفاء الرياض لبنانياً سيغضب المملكة ويتسبب بنقمة سعودية على الحريري، وحيث سيجد الحريري نفسه في مأزق بين عدم استفزاز المملكة من جهة والحفاظ على علاقة بمستوى مقبول مع القوات وبين «شاقوف» بعبدا التي تعتبر خطاً احمر بالنسبة الى سعد الحريري منذ ازمة الرياض
التحالف مع القوات يعني فك المسار مع التيار الوطني الحرّ خصوصاً وان التيار والقوات يتنافسان في الشارع المسيحي الواحد، ولا يمكن للحريري لاي سبب ان يتنكر لما فعله رئيس الجمهورية في ازمة السعودية ولدور رئيس التيار جبران باسيل في المسألة ايضاً.فالواضح ان قلب الحريري مع بعبدا وحساباته السياسية او عقله الانتخابي في الجهة المقابلة فمخاصمة السعودية يعني ذهاب الدعم المالي لاخصام الحريري على الساحة السنية، وعليه فان رئيس الحكومة ضائع في خياراته وان كان موعد اعلان لوائحه ومرشحيه حدد في 14 شباط ،حالة الضياع يعبر عنها الذين يلتقون رئيس الحكومة فالنائب أكرم شهيب بادر جعجع بلقاء معراب باعلان هذه الحالة بان الحريري «ضايع ومضيعنا معو».
في المستقبل وجهتا نظر من الموقف السعودي، ثمة من يقول ان في ذاكرة الحريري محطة لا يمكن محوها بسهولة محورها الجرح الشخصي في العلاقة مع المملكة، مهما كابر الحريري وحاول انكار حقيقة ما جرى في السعودية ورغم كل ما يتردد عن نيته القيام بزيارة الى المملكة،فالرياض سعت الى انهاء دور رجلها الأول في لبنان على الساحة السنية وشطبه من المعادلة والحريري لا يزال يرزح تحت وطاة هذا الملف، فضلاً عن ان تموضعاته الجديدة الى جانب بعبدا تمنعه من الخيارات الاخرى، وعليه فان توزيع المجاملات والرسائل الايجابية من بيت الوسط باتجاه الرياض لا تعكس كل الود ، فالود ما زال مفقوداًوالعلاقة لم تعد الى ما كانت عليه قبلاً . وثمة وجهة نظر في المستقبل بعدم «القطع في الانتخابات» مع الرياض،بناء على نصائح اوروبية بعدم وقف التواصل مع السعودية ومراعاة هواجسها، فالمملكة تتخوف من النظام النسبي الذي سياتي بمجلس تملك 8 آذار الأكثرية فيه مما يؤدي الى تشريع النفوذ الايراني في المنطقة ولبنان.
تيار المستقبل اليوم يشبه حال «رئيسه» تماماً ضائع في الانتخابات وتائه في همومها، لا هو عارف اي خيار سيتبنى ولا ما ستكون حاله مستقبلاً ،واي طريق يسلك في الانتخابات، ولا هو عارف هل يعود الى المواجهة السياسية والى الافتراق عن حلفاء الوطن ومن ارسى معهم تفاهمات وتموضعات سياسية على مدى اكثر من عام . فالتيار الذي استجمع قواه بعد خروجه من السلطة يعيش اليوم الأزمة نفسها ويمر بلحظات ضياع مخيفة ومصيرية لا تنفيها او تنكرها قيادات المستقبل وتعكسها مواقف هؤلاء التي ذهب كل منها في تحليله وفق منطقه السياسي
هل سيواكب الحريري ويكون ملزماً بخريطة طريق انتخابية تريدها السعودية في الانتخابات ام يعود الى التصعيد في وجه ايران وحزب الله؟
يرى الواقعيون في المستقبل ومن هم على اطلاع على تفاصيل معينة بان الحريري سوف يتحرك ضمن ضوابط السعودية وهو يقف على مفترق خيارات لم يريدها اصلاً ولا يريدها اليوم ايضاً . وعملياً فان نيو تسوية التي قامت على ضمان النأي بالنفس ستبقى سارية،وان الحريري قادر على الجمع بين علاقته برئيس الجمهورية والحفاظ على شعرة معاوية لا تنقطع مع المملكة .
الاشكالية الاخرى لتيار المستقبل عدا الخيارات التحالفية تكمن في توقع خسارة المستقبل لعدد لا يستهان به من نوابه، حيث ان كتلة المستقبل مهددة في قانون النسبية ووفق التحالفات الجديدة التي تقتضي الضم والفرز في كتلة الحريري لحساب الحلفاء بخسارة عدد كبير من مقاعدها في مناطق استراتيجية وحساسة لها، مقابل ارجحية وصول أخصام الحريري على الساحة السنية الى السلطة وشخصيات من 8 آذار في خريطة التحالفات الجديدة، فالحريري سوف يخسر عدداً من نوابه ،المعادلة لا ينكرها رئيس الحكومة وان كان يمارس الزهد السياسي بعدد المقاعد وما سيخسره في الانتخابات .
بدون شك فان وضع الحريري في بيروت في انتخابات يشوبه اشكاليات كثيرة،القانون النسبي سيؤدي الى خسارة بيروتية كبيرة لا يستهان بها قد تصل الى تسعة نواب ربما، وفي مناطقه السنية يواجه بعبعباً انتخابياً يتربص به للانقضاض عليه ، خصوصاً وان وضعه الانتخابي انكشف في الانتخابات البلدية الماضية فصارت المعادلة الانتخابية بالنسبة اليه «وضع انتخابي «غير آمن» في أغلبية المناطق ومهتز كثيرا في مناطق حساسة . ففي مدينة طرابلس يواجه الحريري الذي تراجع حضوره في المدينة السنية الأبرز الى مستويات متدنية وتقدم حالة «أشرف ريفي ونجيب ميقاتي» انتخابياً وفي الخدمات والحضور والتواصل الدائم في المدينة،الا ان وضع الحريري يبدو احسن حالاً في عكار التي تعتبر الخزان البشري للمستقبل وحيث ان الحريري قادر على الفوز فيها بكل سهولة، الا ان الحريري سيكون امام مسألة التضحية بجزء من رصيده المسيحي الذي سيؤول الى تحالفاته الجديدة مع التيار الوطني الحر في بعض المناطق .عدا ذلك سيكون ملزماً اذا حصل التحالف مع رئيس الجمهورية ان لا يكون في مواجهة مرشحين سنة من حلفاء 8 آذار في صيدا والبقاع الغربي .