يعارض مصدر مُطلع على بيّنة من الإتصالات القائمة حالياً لحل الأزمة السياسيّة التي إنفجرت بشكل مُفاجئ إعتبارًا من الرابع من تشرين الثاني، ما جرى ترويجه من أنّ اللقاءات التي عقدها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مع رؤساء الكتل النيابية وبعض قادة الأحزاب هي التي أفضت إلى أجواء التفاؤل بشأن إقتراب عودة الأمور إلى ما قبل «إستقالة الرياض». وقال إنّ هذه الإتصالات أظهرت – وبعكس ما جرى ترويجه، تباعدًا كبيرًا في الآراء بين هذه القيادات اللبنانيّة، حيث طالب البعض بالحياد الكامل للبنان، مُعتبرًا أنّ هذا الخيار يحمي البلد بغطاء دَولي، في حين رفض البعض الآخر في المُقابل مُجرّد الحديث عن أي شكل من أشكال «النأي بالنفس» مُعتبرًا أنّ على لبنان التصرّف من موقع المؤثّر في أحداث المنطقة وليس المُتأثّر بها. وأوضح المصدر نفسه أنّ ما جرى من لقاءات ومن إتصالات علنيّة في الأسابيع القليلة الماضية، وما قد يتمّ اللجوء إليه في المُستقبل أيضًا، وتحديدًا بعد عودة رئيس الجمُهورية من زيارته الرسميّة إلى إيطاليا، ليس سوى «شكليّات إخراجيّة» لتسويق الحل المطلوب الرامي إلى طيّ صفحة الأزمة بشكل نهائي، بعد أن جرى طيّها بشكل جزئي في الأيام القليلة الماضية.
وأوضح المصدر أنّ الإتصالات والإجتماعات الفعليّة قائمة خارج هذه الإتصالات الشكليّة التي لا تُقدّم ولا تؤخّر، والتي لا حاجة لأن تعترض بعض الأحزاب ومنها «البعث»، وبعض القيادات من الطائفتين الأرثوذكسية والكاثوليكيّة، على تغييبها عنها! وكشف المصدر أنّ رئيس الحكومة سعد الحريري وافق ضمنًا على طيّ صفحة الإستقالة والدعوة إلى عقد جلسة لمجلس الوزراء الأسبوع المقبل، مُشيرًا إلى أنّ العمل قائم حاليًا على خطّين، لتأتي هذه الخطوة المُرتقبة ناجحة وغير ناقصة، وقال إنّ بداية المخرج ستتمثّل بأن يدعو رئيس الجمهورية لجلسة إستثنائيّة لمجلس الوزراء، بالإتفاق مع رئيس الحكومة، عملاً بالفقرة 12 من المادة 53 من الدُستور اللبناني، على أن يتمّ خلالها مُناقشة الأزمة والخروج بمواقف تؤكّد رفض توريط لبنان من قبل أي جهة في المشاكل الإقليميّة، ما سيفتح المجال أمام رئيس الحكومة بعد ذلك ليدعو السلطة التنفيذية لجلسات دَورية في مرحلة لاحقة، عملاً بالفقرة 6 من المادة 64 من الدُستور.
وأضاف المصدر أنّ الخط الأوّل يتمثّل في الصيغة النهائية التي ستُعتمد لتبرير عودة الإنتظام إلى جلسات السُلطة التنفيذيّة، حيث يحتاج الحريري إلى «خشبة خلاص» إذا جاز التعبير، ليرسو عليها. وتابع المصدر الأوّل أنّه بمُوازاة «المخرج الرسمي» الذي يعمل عليه كل من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري، والذي سيتضمّن صياغة لغويّة واضحة تؤكّد رفض توريط لبنان من قبل أي جهة أو طرف في المشاكل الإقليميّة، ينتظر الحريري «مخرجًا» آخر يجب أن يأتي من مواقف جديدة يترقّب صُدورها عن «حزب الله». ولفت المصدر إلى أنّ «المخارج» التي ستُطرح ستحمل صيغًا لا تشمل طرفًا دون آخر، حيث أنّ «الحزب» شدّد خلال المُفاوضات غير العلنيّة القائمة معه، على أن تكون بنود أي حل شاملة الجميع من دون أيّ إستثناء، بمعنى أن يكون «النأي بالنفس» عن التدخّلات الأمنيّة شاملاً الجميع، وطالب «الحزب» – بحسب المصدر، أن يكون «النأي بالنفس» عن التهجّمات السياسيّة والإعلامية شاملاً الجميع أيضًا، بحيث لا يحقّ مثلاً لمن يعترض على مُهاجمة السعودية أن يُهاجم إيران وسوريا ليل نهار، ولا يحقّ لمن يُطالب بسحب مُقاتلين من هنا وخبراء من هناك، أن يعمل بالخفاء على دعم هذا الطرف الخارجي أو ذاك.
وأكّد المصدر المُطلع والذي هو على بيّنة من الإتصالات القائمة حالياً لحل الأزمة السياسيّة، أنّ الخط الثاني القائم حاليًا على طريق الحلّ يرتبط برئيس الحكومة وحده الذي سيكون أمام مهمّة تسويق «المَخرج» سعوديًا، وهذه مهمّة ليست بالسهلة. وقال إنّ التسوية المُرتقبة للأزمة الحالية، حائزة على غطاء إقليمي ودَولي واسع من جانب العديد من الدول التي ترغب بالإحتفاظ بالإستقرار الأمني والسياسي والإقتصادي في لبنان، لافتًا في الوقت عينه إلى أنّ بعض الدُول، ومنها المملكة العربيّة السعودية، تُعارض أن تعود الأمور إلى سابق عهدها من دون أن يقوم «حزب الله» بوقف تدخلاته الإقليمية، أو على الأقل من دون سحب الغطاء الحكومي والرسمي عن تصرّفاته. وأضاف المصدر أنّ الحريري لا يُريد على الإطلاق خسارة الدعم السعودي له ولتيّاره، وهو يُحاول حاليًا الإستفادة من أكبر قدر مُمكن من «المكاسب» السياسيّة والمعنويّة في مُقابل موافقته على إستئناف جلسات مجلس الوزراء، ليكون قادرًا على تسويق «التسوية» الجديدة ضمن بيئته وأمام السعودية أيضًا.
وختم المصدر كلامه بالقول إنّ مطلع الأسبوع المقبل حاسم لجهة إتجاه الأمور، حيث يفترض أن تكون «الشكليّات الإخراجيّة» لحفظ ماء وجه رئيس الحكومة من دون إغضاب «حزب الله» قد تبلورت. وعندها تتجه الأنظار إلى ما إذا كان الحريري سينجح في تسويق «المَخرج» الذي سيكون «على الطريقة اللبنانيّة»، لدى الدوائر السُعودية.