IMLebanon

الحريري ماض في مساعيه.. والكرة في ملعب آخرين؟!

بالتقاطع مع عودة إستعار السجال السياسي – الاعلامي بين »التيار الوطني الحر« و»الحزب التقدمي الاشتراكي«، ولم يبق رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بعيداً عنه، حيث استهدف وعلى نحو غير مسبوق من قيادات في الحزب، ومع مرور 114 يوماً على تكليف الرئيس سعد الحريري تشكيل الحكومة العتيدة، ولم يحقق تقدما في هذا، تتجه انظار اللبنانيين – عموماً – الى ما يمكن ان تحمله الايام والاسابيع الآلية من تطورات وما ستكون عليه انعكاساتها على خط التشكيل الحكومي، وهل سيرتقي الافرقاء المعنيون الى مستوى المسؤولية الوطنية، ويكفون عن السجالات السياسية والشخصية والفئوية ويرفعون العوائق ويفككون العقد من طريق تأليف حكومة اتفق الجميع في المبدأ، على ان تكون حكومة وفاق وطني، ولا تستثني أحداً؟!

 

قد يكون من الصعب توقع ما ستكون عليه التطورات الداخلية، التي باتت في جزء كبير منها، محكومة او مقيدة بالتطورات الاقليمية العاصفة والمفتوحة بدورها على كل السيناريوات، وتحديداً ما يجري في ادلب السورية..

المنطقة تحبس أنفاسها، وقد صار فتيل ادلب.. مبعث قلق من ان  يكون ما يجري هناك فاتحة حرب دولية، تضع المنطقة بكاملها أمام واقع جديد، ليس من السهل الخروج منه او التحوط منه.. وتحديداً في لبنان الذي يدور في حلقة مفرغة متحكمة بمسار تأليف الحكومة العتيدة.. وسط تصاعد الاصوات الرافضة والمحذرة لتوطين الفلسطينيين، بعد ابرام »صفقة القرن« بين الولايات المتحدة الاميركية و»إسرائيل« مشفوعة بغض نظر عربي لافت ومثبت.

المسؤولون في لبنان في »عالم آخر« ولا يأبهون لتحذيرات العديد من الدول الصديقة من بقاء الشغور الحكومي، وما يمكن ان يتركه ذلك على واقع ومستقبل البلد، الامر الذي يستدعي استنفاراً وطنياً شاملاً، يكون في مقدمته العمل بسرعة على انجاز تأليف الحكومة، بعيداً عن حسابات الربح والخسارة الفئوية او الفردية.. حيث لايزال البعض »مستأسراً« بالسلطة، او طامحاً بتقليص وتحجيم الآخرين.. غير عابىء بصرخات القوى الاقتصادية والهيئات العمالية..

يتساءل عديدون، ماذا يمنع ان يستجيب الافرقاء المعنيون لدعوات ايلاء تأليف الحكومة الاولوية وما هي العوائق الحقيقية؟ وهل صحيح ان المستهدف الحقيقي هو اتفاق الطائف والعودة الى مرحلة ما قبله..« أم ان وراء الأزمات – الأزمات ما وراءها؟! وقد قدم الرئيس المكلف سعد الحريري كل ما لديه لتسهيل ولادة الحكومة ولم يحصل على سمة الدخول الى حيز التنفيذ والتطبيق العملي من رئيس الجمهورية الذي لايزال يحجب توقيعه عن مسودة التشكيل التي قدمها الحريري أخيراً؟!

لقد بات واضحاً، أن كرة المسؤولية هي في حضن الثنائي الماروني- الماروني (»التيار الوطني الحر« و»القوات اللبنانية«) كما في حضن العقدة الدرزية الممثلة بالثنائي جنبلاط وارسلان، لتضاف عليهما ما يحكى عن عقدة تمثيل السنة من خارج »المستقبل«؟! يضاف الى ذلك ما يقال عن دور المحكمة الدولية الخاصة في لبنان، وتأثير قرارها النهائي في الوضع الحكومي والوطني عاجلاً أم آجلاً.. وقد بادر الامين العام لـ»حزب الله« السيد حسن نصر الله محذراً من »اللعب بالنار« خصوصاً وان بعد 13 عاماً جددت المحكمة في جلساتها الاخيرة، اتهامها لاربعة أعضاء من »حزب الله« باغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري..

تعامل الرئيس المكلف سعد الحريري برقي وحكمة وعقلانية بالغة مع هذه المسألة، ووضع مصلحة لبنان وأمنه واستقراره أولوية.. وهو لا يريد الثأر، بل العدالة.. وان كان في قناعة عديدين ان المشكلة الحقيقية التي تحول دون تشكيل الحكومة تتمثل بأن البعض يستخف بفريق سياسي معين، ويرغب في تمثيل فريق آخر كما يشاء..«.

وخلافاً لما يراه البعض من أن عقدة التأليف الأساسية خارجية بالدرجة الأولى، فإن آخرين، ومن بينهم الرئيس الحريري، وكذلك »حزب الله« يتجنبان القول ان هناك عاملاً خارجيا او ايحاءات خارجية، وان كانا لا يستبعدان ذلك، كل من موقعه وعلاقاته.. وهما لا يذهبان بذلك الى حد ان الخارج يتدخل لتأخير او تعطيل تشكيل الحكومة.

في قناعة البعض، وقد تكون قناعة »طوباوية« في هذه المرحلة، ان تعريض البلد الى المزيد من الشغور الحكومي، ستكون له نتائج كارثية على الوضع الاقتصادي والمالي والاجتماعي والمعيشي كما والدولتي الامر الذي يستدعي خطوات أساسية من مثل الدعوة الى »حوار وطني« بهدف الانطلاق من جديد بالبلد، خصوصاً وأنه اذا كان للخارج اي تأثير او سند فهو لن يكون إلا عبر أفرقاء في الداخل؟! والداخل غني بكل الاسباب والعناصر التي قد تؤدي الى الخروج من هذه المراوحة، على رغم الشلل الذي تعيشه الادارات العامة، وتصفية الحسابات على خلفيات سياسية او طائفية او غير ذلك؟!

لقد حسم الرئيس المكلف سعد الحريري خياراته، وان لم يُسجل أي جديد على خط تأليف الحكومة فإنه ماضٍ بمساعيه ومحاولاته الجدية بهدف انتاج مخارج واقعية ومقبولة من الجميع (تقريباً)، آملاً، على رغم الاختلافات والتباينات ان يصل في النهاية الى »بر الأمان« في التأليف والبدء تحل المشكلات التي يعاني منها البلد وأهله؟! والكرة هي في ملعب الآخرين، كل الآخرين.. ليبنى على الشيء مقتضاه؟