فيما الجميع منهمكون بملفات الزواريب، كان الرئيس سعد الحريري منهمكاً بملفات الوطن. في شهر الإنتخابات البلدية والإختيارية، وفرعية جزين، معظم القادة والمرجعيات لم يغادروا منازلهم ومكاتبهم، عيونهم على الشاشة وعلى لوائح الشطب، يعتبرون أنَّ الإنتخابات البلدية والإختيارية والفرعية هي نهاية العالم.
قد يكون الرئيس سعد الحريري من القلائل الذين اعتبروا الإنتخابات البلدية والإختيارية إستحقاقاً إنمائياً، ولم يكتفِ بذلك بل قرن القول بالفعل، وهذا الفعل تجسَّد في أنّه بقي حاملاً الهموم والملفات اللبنانية ليجول بها على العواصم المعنية، أليست مفارقة أنه في شهر الإنتخابات زار فرنسا والتقى الرئيس فرنسوا هولاند وزار تركيا والتقى رجب طيب أردوغان، وها هو اليوم في الكويت.
الزيارة الحالية تُتوَّج بلقاء أمير الدولة الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح ورئيس الوزراء جابر مبارك الحمد الصباح وعدد من كبار المسؤولين، ويرافق الرئيس الحريري النائبان السابقان باسم السبع وغطاس خوري ومدير مكتبه السيد نادر الحريري وكان قد سبقهم مستشاره الخاص هاني حمود.
حين وصل الرئيس سعد الحريري إلى قصر بيان حيث ينزل مع الوفد المرافق في العاصمة الكويتية، تذكَّر أنَّ هذا القصر احتضن اجتماعات اللجنة السداسية العربية لمعالجة الأزمة اللبنانية التي كانت برئاسة وزير الخارجية الكويتي آنذاك، أمير البلاد اليوم الشيخ صباح الأحمد، وهي اللجنة التي سلَّمت الأمانة إلى اللجنة الثلاثية العليا المؤلفة من المملكة العربية السعودية والمغرب والجزائر والتي أوصلت إلى إتفاق الطائف. كل هذا الشريط مرَّ في ذاكرة الرئيس سعد الحريري، وهذا ما يؤكّد قناعته بأنَّ الكويت، إلى جانب المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات، قادرة على المساهمة والدفع في اتجاه المساعدة لحلِّ العقد اللبنانية المستعصية.
في مطلق الأحوال فإنَّ الجولات التي يقوم بها الرئيس سعد الحريري، والتي سيُكثِّفها قبل حلول شهر رمضان المبارك، يؤمَل لها أن تُعطي ثمارها أو تؤسس لمرحلة إنضاج للحلول المرتقبة، فالأوضاع في البلاد لم تعد تحتمل.
الرئيس الحريري، وحتى حين يكون في مهمات خارجية على مستوى الدولة فإنه لا يتوانى عن متابعة الملفات الداخلية في أدق تفاصيلها، وهذا ما ظهر واضحاً من خلال تتبعه للعملية الإنتخابية في طرابلس، وكان مراقباً شريفاً للنتائج، فأعلن تأكيده احترام الإرادة الديمقراطية لأبناء طرابلس الذين اختاروا أعضاء مجلسهم البلدي الجديد، ودعا القوى الطرابلسية إلى تجاوز الإصطفافات الإنتخابية وتسهيل مهمة المجلس المنتخب في إنماء المدينة وحل مشاكلها، وفي السياق عينه أعلن أنَّ طرابلس تستحق منا الجهد والدعم مهما كانت الظروف وسنبقى حاملين همومها وقضاياها في كل وقت.