الحريري في واشنطن لدعم الشرعية اللبنانية وعرض وجهة النظر العربية مما يجري في المنطقة
تحييد لبنان عن الصراع الخارجي ووضع حدّ للتردّد الأميركي حيال سوريا
يعمل الرئيس سعد الحريري منذ أسابيع عدة، على خطين متوازيين. الخط اللبناني والخط الاقليمي، وذلك بسبب ثقله السياسي المحلي من جهة، ولما له من علاقات عربية ودولية تذكّر بعلاقات والده الرئيس الشهيد رفيق الحريري، من جهة أخرى.
فلبنانياً، أصبح واضحا لدى تيار المستقبل أن كرة انتخاب رئيس الجمهورية، باتت في ملعب ايران وايران حصرا، وفي هذا الاطار، تعطي مصادر من التيار دليلا على ذلك، وهو عدم نزول «حزب الله» وحليفه الرئيس «التيار الوطني الحر» الى مجلس النواب خلال مواعيد جلسات الانتخاب، وهنا ترى المصادر ان «المستقبل» يعمل ما عليه فعله وهو الحضور الى المجلس والمناداة دائما بانتخاب رئيس، ويكاد يكون الوحيد الذي يتحدث في هذا الاستحقاق بشكل يومي، وزيارة الرئيس فؤاد السنيورة الى بكركي تصب في هذا الاطار.
وانطلاقا من هنا، فان الحريري الذي يحمل همّ انتخاب الرئيس، يحمل هماً لبنانيا آخر خلال جولاته الخارجية وآخرها الى الولايات المتحدة الاميركية، وهو العمل على دعم مؤسسات الدولة الشرعية بعد تعذر – في الوقت الحاضر – تسليم سلاح «حزب الله» وانسحاب الحزب من سوريا وحتى العراق واليمن.
هذا الدعم يتطلب المزيد من الالتزامات بالتعهدات الدولية لتسليح المؤسسات العسكرية والأمنية، وبالتالي تدريب عناصر هذه المؤسسات لمواجهة الارهاب وسحب الذريعة من أمام «حزب الله».
وترى المصادر ان هنالك دلالات كبيرة للقاء الحريري خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، بالتزامن مع تسليم الدفعة الاولى من السلاح الى الجيش اللبناني في مطار رفيق الحريري الدولي.
ومن بين هذه الدلالات، القول ان السعودية تسير مع لبنان الدولة ومع كل مَن يؤمن بهذه الدولة ومؤسساتها الشرعية، بعيدا من منطق الدويلة المتمثلة بـ «حزب الله» الذي حاول التغاضي عن انجاز تسليح الجيش، والذي بدا محرجا من هذا الانجاز المتزامن مع «عاصفة الحزم» ومع هجوم الحزب على المملكة العربية السعودية.
ودلالة أخرى، تفيد بأن السعودية لم توقف ما تعهدت به للبنان بسبب بعض أصوات النشاز، وهي تنظر الى الموقف اللبناني الرسمي وموقف غالبية اللبنانيين الداعمين لكل خطواتها والتي تصب في مصلحة العرب والعروبة.
أما على صعيد الخط الاقليمي، فان الحريري الذي زار مصر وتركيا وقطر، يزور واشنطن لأكثر من أسبوع حيث يلتقي كبار المسؤولين الاميركيين، وفي جعبته وجهة النظر العربية تجاه الاحداث في المنطقة، خصوصا في سوريا والعراق واليمن.
وترى المصادر ان أبرز مطلب عربي، هو ضرورة وضع حد للتردد الاميركي ازاء ما يطلبه السوريون من انهاء لحياة نظام الأسد، وعدم تأثير أي اتفاق مع ايران على الدول العربية.
وتحمل الزيارة أهمية كبرى في توقيتها، وهي التي أتت بعد ساعات على لقاء خادم الحرمين الشريفين، وقبيل أيام من القمة الاميركية الخليجية المرتقبة في الثالث عشر والرابع عشر من أيار المقبل في كامب دايفيد، وقبل أسابيع من التوقيع المحتمل للاتفاق النووي بين ايران والغرب بقيادة أميركا.
ومما تقدم، يبدو جلياً حجم المسؤولية الملقاة على عاتق الحريري الذي يصر على الحوار الهادف الى تحييد لبنان عن أي صراع خارجي على الرغم من الضغط الكبير الذي يحدثه «حزب الله»، وفي الوقت عينه يصر على لعب دوره العربي بمنأى عن الخلافات اللبنانية الداخلية والتي تتوزع على طرفين، واحد يشد عربيا وآخر يشد فارسيا.