Site icon IMLebanon

مبادرتان لا تصنعان حكومة

 

وحدهم اللبنانيّون لم يعلّقوا آمالاً على مبادرة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون لسببين الأوّل قدرات الرئيس الفرنسي على التأثير الفعلي على الفرقاء اللبنانيين، والآخر أنّهم خير من يعرف هؤلاء الفرقاء ومصير المبادرات الكثيرة التي مرّت على رؤوس اللبنانيين خلال الحرب الأهليّة وباءت بالفشل، هذا على مستوى فشل مبادرة ماكرون الذي أعطى نفسه مهلة أخرى لإعلان فشله!

 

كُنّا نتمنّى لو وفّر الرئيس سعد الحريري الإحراج الذي ذاقه صديقه ماكرون، على الأقلّ لأنّه لم يعد ترميم علاقاته بحلفائه القدماء في 14 آذار الميتة، على الأقلّ كان وفّر على نفسه إحراج رفض النائب السابق وليد جنبلاط استقبال وفد المستقبل وسماع كلامه الثقيل، هذا هو وليد جنبلاط منذ أيام الرئيس الراحل رفيق الحريري، اعتدناه يقفز من موقف إلى موقف من أجل كرسي وزارة، هذا كان ثمن كلّ الكلام القاسي الذي وجهه للرئيس سعد الحريري في إطلالته التلفزيونيّة قبل يومين الرّجل صعّد كثيراً يريد ثمن حصّته سلفاً وهو قالها بصيغة «ما هكذا يعامل وليد جنبلاط»!

 

وعلى مستوى القوات اللبنانيّة شهدت العلاقة بينها وبين الرئيس الحريري خضّات كثيرة سببها، من وجهة نظرنا على الأقلّ، أفخاخ نصبها مستشارو بيت الوسط، على الأقلّ القوات اللبنانيّة تحمّلت أن يقال لرئيسها «لو ما الحريري لم يكن قانون العفو»، والحقيقة أنّ ما يقول هكذا كلام قصير النظر جداً لأنّ القوات اللبنانيّة كانت من أوائل الحاضرين في بيت الوسط بعد اغتيال الرئيس الحريري كانت المراسلات «شغّالة» والحلف ظلّ قويّاً إلى أن نفخ فيه المستشارون نار التحريض، على الأقلّ القوات تمارس ديموقراطية التسمية أو عدم التسمية بشرف وصوت مرتفع وهي لا تساوم الحريري من أجل كرسي وزارة كوليد جنبلاط، أو على عشرة وزارات كجبران باسيل!!

 

اكتمل المشهد بالأمس بكلام الوزير العائد من كورونا جبران باسيل «الصهر الحاكم» عاد لينتقم بنفس اللعبة التي تمّت إضاعة الوقت فيها بعد استقالة الرئيس الحريري بعد أيام من اندلاع ثورة 17 تشرين الأول، عدنا إلى نفس النغمة القديمة ـ الجديدة التي أعلنها باسيل بالأمس «من يريد أن يترأس حكومة اختصاصيين يجب أن يكون الاختصاصي الأول أو أن يفسح بالمجال لاختصاصي»، وهذه الصيغة أوصلت بعد أشهر من لعبة اقتراح أسماء سنيّة لتشكيل الحكومة ليتمّ أحراقها حتى وصلنا إلى حكومة حسان دياب، «هاليومين» لا يبدو الوضع أفضل مما حدث ـ مثل هذه الأيام من العام الماضي ـ للأسف هذه اللعبة الباسيليّة لا تتحمّلها البلاد مرّة ثانية، لأنّها تعني فقط عودة إلى نغمة «يا أنا والحريري بالحكومة يا تنييناتنا برّاتها»، ومن سخرية الزمن اللبناني أنّنا نعيش في عهد يتطاول فيه وزير ويساوي رأسه برأس رئيس حكومة!!

 

الّذين أفشلوا مبادرة ايمانويل ماكرون وهما «الثنائي الشيعي»، كلاهما لا يريدان حكومة جديدة، فالأيام على بعد رشقة حجر من الإنتخابات الأميركيّة، حزب الله مرتاح لهذا الوضع ولا يريد تغييره، وللمناسبة وبوضوحٍ شديد حتى لو كُلّف الرئيس سعد الحريري، ونشدّد على الـ»لو»، فسيحال بينه وبين التأليف، باختصار، لن يكون حظّ مبادرة الرئيس الحريري بأفضل من مصير مبادرة ماكرون، في الأساس ربما كان من الأفضل لو وفّر الرئيس الحريري على نفسه حرج قرع كلّ هذه الأبواب لإنقاذ لبنان، فإيران لا تريد أبداً أن يتمّ إنقاذ لبنان، وكلمة إيران هي النافذة في لبنان.