Site icon IMLebanon

الحريري محصَّن فرنسياً وأميركياً.. والتعاطي مع «الثنائي الشيعي» يريحه

 

 

ترسيم الحدود جوهر تحريك ملف التأليف وإعادة إحياء المبادرة الفرنسية

 

تعود عجلة تأليف الحكومة إلى الدوران مع بدء الاستشارات النيابية الملزمة للتكليف يوم غدٍ الخميس بعد ان أدار الرئيس سعد الحريري محركاتها مجدداً، من خلال الأجواء الإيجابية التي اشاعها الأسبوع المقبل، والتي توَّجها أمس الأوّل الاثنين بلقاءين متتاليين مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، ومن ثم مع رئيس مجلس النواب نبيه برّي، وما تلى ذلك من حراك لموفدين من قبله باتجاه قوى سياسية أخرى.

 

ولكن السؤال الذي يطرح نفس هل باتت طريق تأليف الحكومة سالكة؟ هل فككت كل الألغام التي وقع الرئيس المكلف السابق مصطفى أديب في شراكها وفشل في اكمال الطريق باتجاه ترؤس حكومة «المهمة»؟، إلى الآن الأجواء ما تزال غير واضحة بالكامل، وإن كانت المعطيات السياسية التي سادت في اليومين الماضيين الساحة الداخلية توحي بوجود مؤشرات إيجابية يمكن البناء عليها باتجاه إمكانية ولادة الحكومة الجديدة في وقت قريب.

 

وتنقسم الآراء السياسية في نظرتها للمشهد السياسي الحالي، فهناك من يقول ان تحرك الرئيس الحريري الآن من باب انه مرشّح التوافق العربي – الدولي غير صحيح، وأن قيام حكومة جديدة من دون التزام بالاصلاحات وضمان التأييد العربي والدولي غير مسهلة ولادتها حتى هذه اللحظة.

 

وفي مقابل هذا الرأي هناك من يقول ان مجرّد حصول الاستشارات وتسمية الشخصية التي ستكلف سيكون تأليف الحكومة سريعاً، لأن أي مُكلف للتأليف يعرف الشروط والشروط المضادة التي حالت دون نجاح الرئيس المكلف السابق أديب في اكمال مهمته وتأليف الحكومة، ففي حال كان الرئيس الذي سيكلف يرفض الشروط التي حملت أديب على الاعتذار حكماً سيعود ويعتذر لأنه لا يمكنه في هذا الظرف ان يأخذ ورقة التكليف ويضعها تحت وسادته إلى ما شاء الله، لأن الظروف السياسية والاقتصادية والمالية الضاغطة لا تساعده على فعل ذلك. وينتهي هؤلاء إلى الامتناع عن قول ما يجزم بأن الرئيس الحريري في حال كلف سيشكل الحكومة بسرعة.

 

حكومة مصغرة من 14 أو 18 وزيراً قد تبصر النور في بحر الأسبوع المقبل

 

وفي مقابل هذا الرأي هناك من يرى ان الرئيس الحريري لم يكن ليأخذ خيار القبول بالتكليف، ويقوم بمروحة من الاتصالات والمشاورات في سبيل تهيئة الظروف الملائمة قبل الولوج في عملية الاستشارات لو لم يكن محصناً فرنسياً وأميركياً، وأن مجرّد عودة الرئيس الحريري إلى السراي الكبير يعني انه تمّ تفكيك اللغم السني – الشيعي إلى أمد طويل، وهذا بحد ذاته يريح البلد ويُعزّز الاستقرار إلى حدّ كبير.

 

ويرى هؤلاء ان الحكومة جاهزة في حال تمّ تكليف الحريري الخميس وأن ولادتها غير مستبعدة في بحر الأسبوع المقبل، لأنه لا صحة على الإطلاق بأن هذه الولادة مرتبطة بنتائج الانتخابات الأميركية.

 

ويؤكدون بأن تفاهم الرئيس الحريري مع عون وبري يعني انه قطع أكثر من نصف الطريق باتجاه التأليف وأن بروز عوائق من أطراف أخرى من الممكن معالجتها، لأن الأسماء والآلية التي كان متفق عليها مع أديب حتى اللحظة الأخيرة ستبقى على حالها مع إمكانية ان يطرأ عليها ما يمكن وصفه بالعملية التجميلية البسيطة، والحكومة حكماً ستكون مصغرة من 14 إلى 18 وزيراً على أبعد تقدير.

 

ويذهب هؤلاء إلى القول بأن الحكومة ظهرت ملامحها يوم الاثنين الفائت، أي بعد زيارة الحريري إلى قصر بعبدا وعين التينة، ولم يعد هناك أي سبيل آخر للقوى السياسية الا الذهاب باتجاه تأليف الحكومة لأن اللعب على الوقت وسلوك طريق المناورات بات مكلفاً للجميع في ظل الوضع الاقتصادي والمالي المتدهور، وعدا ذلك يكون الجميع قد ذهبوا بأقدامهم إلى الموت السياسي في ضوء ما يمكن ان يحصل من فوضى اجتماعية وربما توترات أمنية وما شابه، والاستقرار بات حاجة لكل طرف قبل ان يكون حاجة للبلد.

 

ويجزم أصحاب هذا الرأي بأن موضوع ترسيم الحدود البحرية شكل عاملاً اساسياً لا بل كان جوهر تحريك الملف الحكومي، لأنه وبمجرد إعلان الرئيس برّي عن قبول لبنان مسألة الترسيم، أخذت الإدارة الأميركية قرار إعادة احياء المبادرة الفرنسية والعمل على انجاحها وفق الشروط الموضوعة لعملية الإصلاح في لبنان، والتي يشترط المجتمع الدولي الشروع فيها للبدء في عملية تقديم المساعدات المالية للبنان.

 

ويخلص هؤلاء إلى التأكيد بأن الأبواب لم تعد مقفلة وإن كانت هناك بعض النقاط التي ما تزال تحتاج إلى توضيح ومعالجة، لكي يصبح المشهد الحكومي أكثر وضوحاً من الآن وإلى ان يبدأ الرئيس المكلف استشاراته النيابية في مقر الرئاسة الثانية في عين التينة.