تحدّثت مصادر نيابية في «اللقاء الديموقراطي»، عن وجوب عدم استباق أيأحداث سياسية مرتبطة بمسار التسوية الرئاسية الذي ما زال في مرحلة ضبابية، وذلك بصرف النظر عن كل القرارات والتأويلات للقاء الذي جمع رئيس تيار «المستقبل» الرئيس سعد الحريري مع رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية مطلع الأسبوع الماضي في العاصمة الفرنسية. وأبدت هذه المصادر ارتياحاً ملحوظاً لتداعيات هذا اللقاء على المستوى السياسي العام، بسبب مساهمته في التخفيف من حدّة التجاذب والإصطفافات المحلية، لكنها اعتبرت أنه قد يكون من الخطأ القفز إلى أيّ استنتاجات متسرّعة على صعيد التحوّلات في التحالفات السياسية انطلاقاً من الحوار الناشئ بين الرئيس الحريري والنائب فرنجية. وشدّدت على أن رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط، الذي عرض مع الرئيس الحريري أجواء لقائه مع النائب فرنجية، قد دعا في أكثر من مناسبة إلى فتح حوار صريح بين كل المكوّنات لفريقي 8 و 14 آذار، وذلك بهدف تنظيم الخلافات في إطار سياسي بعيداً عن الشارع، وبالتالي، فهو كان من أوائل الداعين إلى إطلاق «الحوار الوطني» في مجلس النواب للوصول إلى مخرج من أزمة الشغور الرئاسي. وأوضحت المصادر النيابية أن انسداد أفق التسوية القائمة على التوافق بين الفريقين الأساسيين على مرشّح رئاسي توافقي، قد دفع إلى البحث في إمكان التقدّم نحو اعتماد خيار رئاسي جديد من قبل فريق 8 آذار، خاصة بعدما أبدى تيار «المستقبل» انفتاحاً لافتاً على زعيم «المردة»، وترجم ذلك من خلال زيارة قام بها النائب السابق غطاس خوري ونادر الحريري للنائب فرنجية منذ أسابيع.
وفي هذا الإطار، فإن السياق الطبيعي لمبادرة «المستقبل» باتجاه النائب فرنجية ليس معزولاً عن كل الإتصالات والمشاورات الجارية في مجال الحوار الثنائي بين «المستقبل» و«حزب الله»، والذي تخطى حدود التهدئة للإحتقان المذهبي، وتوغّل في البحث في كيفية ترجمة سياسة اليد الممدودة من قبل الحزب إلى فريق 14 آذار، وذلك من خلال سلّة الحلول المتكاملة، والتي تبدأ بالخروج من دوّامة الشغور الرئاسي في الدرجة الأولى.
وذكّرت المصادر النيابية نفسها، بإعلان النائب جنبلاط عشية جلسة الحوار الوطني الأخيرة في عين التينة، بأنه مستعدّ للتصويت للنائب فرنجية رئيساً للجمهورية، لافتة إلى أن مبادرة الرئيس الحريري باتجاه فرنجية، أتت بعد سلسلة لقاءات ومشاورات جرت في أوساط فريقي 8 و 14 آذار على حدّ سواء، وأدّت إلى اتخاذ خطوة الحوار لمواكبة المتغيّرات الكبرى الجارية في المنطقة، وخصوصاً على المسرح السوري، في ظل التهديدات الإرهابية للبنان، والتي باتت تفرض تسوية سريعة. وفي هذا السياق، استبعدت المصادر نفسها، أن تكون لهذه التسوية المقبلة أي معارضة إقليمية أو دولية، ولفتت إلى أن تنسيقاً وثيقاً سُجّل في الأشهر الماضية ما بين الفاتيكان والعاصمة الفرنسية، تناول الوضع اللبناني من زاوية الدفع نحو إيجاد الحلول لأزمته السياسية، خوفاً من تنامي التوتّر السياسي على الساحة اللبنانية، وانهيار المؤسّسات الدستورية أمام ظاهرة الإرهاب التي تهدّد لبنان والمنطقة والعواصم الغربية، كما حصل في باريس أخيراً. وكشفت أن قرار التهدئة في لبنان، هو محلي في الدرجة الأولى، وإنما له امتدادات خارجية، وخصوصاً غربية، نظراً للترابط ما بين الساحتين اللبنانية والسورية، وارتدادات الصراع السوري على الواقع اللبناني.