Site icon IMLebanon

الحريري عائد بسيناريوات مُختلقة… و”المستقبل” بجهوزيّة تامة للحدث

 

يكثر الحديث عما سيحصل في الذكرى التاسعة عشرة لاغتيال الرئيس رفيق الحريري، وما يرافق عودة الشيخ سعد، ربطا بالكثير من المتغيرات وتبدل المشهد السياسي، وما يحكى عن تسوية متكاملة تعمل عليها “اللجنة الخماسية” وتسوية دولية للوضع على الحدود . ومن التوقعات المحتملة ان تكون العودة المؤقتة خطوة اولى في طريق إنهاء الحريري اعتكافه السياسي وإعادة ترتيب “تيار المستقبل”، وإجراء مصالحات ونسج علاقات مختلفة، تمهد لمرحلة التسويات الكبرى المقبلة على الساحة اللبنانية بعد حرب غزة.

 

فهناك معطيات ترجح عودة الحريري الى العمل السياسي، نظرا لتحسن الظروف الخارجية التي كانت تعترض طريقه ، والتحولات في العلاقة بين المملكة العربية السعودية وإيران وحدوث متغيرات خلطت العديد من الأوراق . اما في الداخل فمعطيات العودة قائمة ولا يزال سعد الحريري الزعيم السني الأبرز، على الرغم من بروز قيادات سنية لم تستطع ان تملأ حجم ومقام “الحريرية السياسية”، مما أدى الى تراجع الدور السني في المعادلة الداخلية .

 

سيناريوهات كثيرة في شأن العودة قيد التداول، وفيما يلتزم الحريري الصمت يتوقع كثيرون مشهدية مختلفة في مناسبة ١٤ شباط، كأن يلتقي سعد الحريري شخصيات سياسية وينهي قطيعة مع قوى سياسية. فعلاقة رئيس “تيار المستقبل” قبل خروجه من السلطة توترت مع “القوات” و”التيار الوطني الحر” لأسباب ومصالح سياسية .

 

يمكن ان لا تحمل العودة مصالحة بين “المستقبل” و”التيار الوطني الحر” تنهي الخلاف السابق بينهما على قاعدة عفا الله، اذ يعتبر “المستقبل” ان الإشارات الصادرة من ميرنا الشالوحي جيدة واقرار بالاخطاء الماضية، كما ليس بالضرورة توقع مسامحة لـ “القوات” على عدد من النقاط ،على الرغم من الحماسة “القواتية” لعودة المياه الى مجاريها السابقة مع التيار الأزرق، لكن المرجح ان يُسقط الحريري المعروف باعتداله شيئا فشيئا التحفظات السابقة حيال التيار و”القوات” بالانفتاح وغض النظر للمصلحة الوطنية.

 

مقاربة القوى المسيحية لعودة الحريري تختلف بين “القوات” و”الكتائب” من جهة، و”التيار الوطني الحر” من جهة اخرى ، بنظر القوى المسيحية “السيادية”، فإن الحريري لا يزال يمتلك الحضور الشعبي الأول ويمثل الاعتدال السني الضروري في هذه المرحلة، فيما يسود الترقب موقف “التيار الوطني الحر” الذي صدرت عن شخصيات من فريقه إشارات تحمل مطالبة بالعودة ووجدانيات عن العلاقة الماضية ، فالحريري برأي هؤلاء يملك ما يكفي من شجاعة لأي تسويات.

 

وفق المراقبين يُمكن ان يمحو الحريري بكلمة واحدة أجواء التوتر التي سادت في السنوات الأخيرة، وتحديدا من “ثورة ١٧ تشرين” التي كانت المحطة الاخيرة في مسلسل انهيار علاقة “المستقبل” والتيار، إذ لم يتقبل “الوطني الحر” استقالة الحريري وتخليه عن الحكم في ذروة الانهيار وتحلل الدولة، مع ان “الثورة” لم تكن المحطة الوحيدة، بل تراكمات اوصلت العلاقة الى هذا المستوى بدأت بتحميل “الحريرية السياسية” تبعات الفساد والافلاس المالي والسياسي، فيما كان واضحا في المرحلة التي سبقت اعتزال الحريري، ذهابه الى خيارات وتفاهمات واستبدال التحالف مع التيار بمكونات أخرى، ورفع منسوب التفاهمات بين “المستقبل” وعين التينة و”المردة”، مقابل الحفاظ على قواعد الاشتباك مع حزب الله.

 

مع ذلك، فمن الصعب معرفة تموضع الحريري المقبل . يوم الاربعاء المقبل سيكشف الكثير من الأوراق المخبأة في الأدراج ، و”تيار المستقبل” “زيّت” ما كينته الإعلامية والسياسية، بانتظار ما سيشهده بيت الوسط ومن سيلتقي الحريري وما سيعلنه من مواقف تكشف موقعه في الاستحقاقات المقبلة ورئاسة الحكومة ومجلس نواب ٢٠٢٦.