الحريري يقطع الطريق أمام المروِّجين لإمكانية تأجيل الانتخابات النيابية
لا مؤشِّرات لتطويق خلاف عون وبري وتساؤلات حول ما جرى في مجلس الوزراء
تحمل الرسائل المتبادلة بين الرئاستين الأولى والثانية بشأن مرسوم الأقدمية الكثير من المخاوف على مصير الانتخابات النيابية التي دخلت بقوة في صلب الخلاف الدائر بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري، انطلاقاً من مطالبة «التيار الوطني الحر» بإدخال تعديلات على قانون الانتخابات، وهو الأمر الذي يرفضه الرئيس بري وحركة «أمل» رفضاً قاطعاً، بحجة أنه سيفتح الباب واسعاً أمام مطالبات أخرى من جانب الأطراف السياسية، بتعديلات مماثلة على القانون الانتخابي، من شأنها أن تطيّر الاستحقاق النيابي الذي بات عنواناً عريضاً للصراع الدائر بين «بعبدا» و«عين التينة».
وفي خضم احتدام المعركة بشأن المرسوم-الأزمة، فإن كل طرف لا يتردد في استعمال الأسلحة التي يراها مناسبةً للدفاع عن موقفه وتأكيد صوابية قراره، حيث أن هناك من يخشى جدياً على الانتخابات النيابية أن تكون الضحية لهذا الكباش السياسي القائم بين الرئيسين عون وبري، والذي يتركز أساساً على موضوع الصلاحيات وسعي كل طرف لإحكام قبضته، مع ما لذلك من تداعيات سلبية على عمل المؤسسات وتهديداً مباشراً لمسيرة العهد الذي يُفترض أن يعمل على توفير الأجواء الملائمة للمؤسسات لكي تقوم بدورها كاملاً في تسيير شؤون الناس وعدم أخذ الأمور إلى مزيد من التعقيد، على غرار ما هو قائم الآن، حيث أن الجميع ينظر بكثير من القلق إلى ما تحمله الأيام المقبلة إذا استمر هذا الكباش بين رئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس النواب، في وقت أثار ما حصل في مجلس الوزراء أمس الاول، تساؤلات عما إذا كان هناك من يريد أن يمارس ضغوطاً على الرئيس سعد الحريري داخل الحكومة لدفعه إلى تغيير موقفه من موضوع المرسوم الذي كان يجب التعامل معه بطريقة مغايرة، تجنباً لمضاعفاته التي أعادت تأزيم الأمور وخلقت واقعاً سلبياً في علاقات الرئاستين الأولى والثانية، بالنظر إلى الانعكاسات المباشرة على عمل الحكومة التي قد تواجه تعقيدات جديدة في عملها، إذا بقيت الأمور على توترها بين «بعبدا» و«عين التينة». وقد عكست المواقف التي أطلقها الرئيس الحريري أمس، في جلسة الحكومة استياءه من وصول الأمور إلى ما وصلت إليه، وتحذيره من ما يُشاع بشأن الاستحقاق النيابي، مشدداً على إجرائه في موعده الدستوري، لقطع الطريق على الذين يروجون لإمكانية تأجيل الانتخابات، باتهام «تيار المستقبل» و«التيار الوطني الحر» بأنهما يسعيان للدفع باتجاه السير بهذا التأجيل، لحسابات انتخابية قد لا تكون في مصلحتهما في المرحلة المقبلة، في وقت شددت مصادر وزارية لـ«اللواء»، على أن الرئيس الحريري أراد إرسال رسائل حازمة بهذا الشأن، بأنه لا يمكن أن يقبل بتأجيل الانتخابات ولو ليومٍ واحد، كونه مهتماً بحصول الاستحقاق في موعده الدستوري، وهو وحكومته يعملان على هذا الأساس، وبالتالي فإنه أبلغ الجميع بأن الانتخابات ستحصل ولن تتأجل، بعد التوافق على قانون النسبية، مستبعدةً حصول تعديلات على هذا القانون كما يطالب البعض، لأن عامل الوقت لم يعد يسمح بهكذا تعديلات، عدا عن أن فتح الباب أمام أي تعديل من جانب أي طرف، سيكون سبباً في قيام أطراف أخرى بالمطالبة بتعديلات مماثلة، وهو أمرٌ بالغ الصعوبة ومن شأنه أن يضع مصير الانتخابات التي لم يعد يفصلنا عنها سوى ثلاثة أشهر ونصف على المحك، أي أنه ربما قد تطيح التعديلات المقترحة من جانب البعض، بالانتخابات برمتها وتضع الجميع أمام الحائط المسدود، وهو ما لا يريده أحدٌ من المكونات السياسية، وبالتالي فإن المؤشرات وكما تقول المصادر الوزارية، تدلّ على أن العدّ العكسي للاستحقاق النيابي قد بدأ وكل المعطيات تشير إلى ذلك، حيث أن القوى السياسية مستنفرة كخلية نحل لخوض غمار الانتخابات وفق القانون الجديد، لإثبات وجودها وتحقيق غايتها في تجديد الحياة السياسية وإدخال دماء جديدة إلى الندوة النيابية تعكس إرادة اللبنانيين بالتغيير.