Site icon IMLebanon

الحريري يلتزم النأي بالنفس ولا يوفّر لها التغطية الرسمية

    زيارة الوزراء إلى دمشق تعمّق الإنقسامات ولا تطيح بالحكومة

يشكل إصرار وزراء «حزب الله» و«أمل» على الذهاب إلى دمشق، تحدياً لحكومة الرئيس سعد الحريري التي تواجه مأزقاً صعباً بسبب تمرد بعض وزرائها على رئيسها ورفضهم الاستجابة لطلبه بعدم الذهاب إلى العاصمة السورية بصفة رسمية، في ظل عدم رغبة رئيس مجلس الوزراء وقسم كبير من الحكومة بفتح قنوات الحوار والتواصل مع النظام السوري، لأن ذلك سيعيد إحياءه ويفتح صفحة جديدة معه، خلافاً للإجماع العربي والدولي، وبالتالي فإن من شأن ذلك أن يزيد من حدة الانقسام الداخلي ويعرّض علاقات لبنان الخارجية لكثير من المشكلات، وهذا ما يريد رئيس الحكومة تجنبه في هذه الظروف الضاغطة التي يمر بها لبنان، وفي ضوء الانقسامات الموجودة بين اللبنانيين على خلفية الموقف من الأزمة السورية، وفي إطار الالتزام بسياسة النأي بالنفس وتحييد لبنان عن صراعات المنطقة وويلاتها.

وإزاء تمسك وزراء «أمل» و«حزب الله»، مدعومين من وزراء «التيار الوطني الحر» بالانفتاح على النظام السوري، فإن المواجهة السياسية مع رئيس الحكومة وفريقه السياسي إلى جانب المكونات السياسية المعارضة لزيارة دمشق، آخذة في الاحتدام، بحيث أن الأيام المقبلة مرشحة لأن تشهد مزيداً من التصعيد بين مؤيدي هذه الزيارة ومعارضيها مع ما لذلك من مخاوف مشروعة على الوضع الحكومي وإن يبدو الأمر ممسوكاً حتى الآن، بالنظر إلى مدى تقبل الرئيس الحريري لقرارات وزارية تخالفه الرأي وتجعله عاجزاً عن لجم اندفاعة «الثنائي الشيعي» باتجاه نظام الأسد، الأمر الذي قد يفسح في المجال أمام خطوات معاكسة من جانب الفريق الآخر، ما يجعل الأمور مرشحة للتفاقم على حساب وحدة الحكومة وتضامنها وتماسكها، في وقت أحوج ما يكون لبنان إلى مزيد من توحيد الرؤى حيال الكثير من الملفات السياسية والاقتصادية والأمنية.

واستناداً إلى المعلومات المتوافرة لـ«اللواء» من مصادر وزارية، فإن ذهاب وزراء «أمل» و«حزب الله» إلى دمشق دون موافقة رئيس الحكومة، لن يكون قراراً مغطىً من جانب مجلس الوزراء ورئيسه، ما يعني أن طابع الزيارة سيكون شخصياً أكثر مما هو رسمياً ولو ذهب الوزراء وشاركوا في مؤتمرات رسمية الطابع في العاصمة السورية، خاصةً وأن الرئيس الحريري يصرّ على الاستمرار في التزام لبنان بسياسة النأي بالنفس وعدم التدخل في الشؤون السورية، وإن كان هناك فريق من اللبنانيين أخذ قراره بالدفاع عن نظام بشار الأسد على حساب مصلحة الشعب السوري، مشددةً على أن لا مصلحة للبنان في الانفتاح على نظام الأسد الذي فقد شرعيته، باعتبار أن هناك من يحاول استثمار انتصاراته العسكرية في جرود عرسال لمصلحة تبييض صفحة الأسد ونظامه والضغط على الحكومة اللبنانية باتخاذ خطوات تصب في إطار الاعتراف بالأسد، متجاوزين مصالح لبنان العربية والدولية في ظل هذه الظروف الدقيقة التي يمر بها البلد، في موازاة الصراعات القائمة في المنطقة والتي تتطلب من القوى السياسية العمل قدر المستطاع لتحصين الوحدة الداخلية وحمايتها من التصدعات والانشقاقات.

وتلفت المصادر الوزارية إلى أنه ورغم أن زيارة الوزراء إلى سوريا تحمل في طياتها رسائل سياسية إلى الرئيس الحريري ومكونات وزارية وازنة، بأن انتصارات عرسال لن تكون بدون ثمن، وفي موازاة إصرار «حزب الله» على مشاركة الجيش في معركة جرود رأس بعلبك والقاع المنتظرة، فإن القوى السياسية على اختلافها ليست في وارد التضحية بالحكومة والدخول في جولة معارك سياسية جديدة قد تدفع التسوية التي تم التوافق عليها ثمنها، ما يعني أن بقاء الحكومة يشكل حاجة للجميع على الرغم من استمرار الخلافات بين مكوناتها، سيما وأن أي انتكاسة قد يتعرض لها الجسد الحكومي، فإنها ستصيب بالتأكيد العهد الذي لا يزال طري العود ويحتاج إلى من يوفر له إمكانات الصمود لمواجهة تحديات المرحلة المقبلة تجاه الكثير من الملفات والاستحقاقات.