الحريري مقتنع بالمسودة الحكومية: تصلح لتكون حكومة وفاق وطني
زوّار «بيت الوسط»: التفاهم مع عون سيبقى أساس العلاقة
رغم مرور قرابة الثلاثة اشهر ونصف الشهر على تكليف الرئيس سعد الحريري تشكيل حكومة ما بعد الانتخابات، لم تتخط المشاورات والاتصالات الجارية على هذا الصعيد المربع الاول في جولة التأليف، مع العلم ان الرئيس المكلف ومنذ اليوم الاول لتكليفه ادار محركاته بأقصى طاقتها من اجل الاستعجال في عملية التأليف، حيث كان يأمل ان يتم تسهيل مهمته كما تم تسهيلها في حكومة العهد الاولى، ولكن يبدو ان هناك معايير تبدلت لدى البعض، الذي ربما اعتبر ان تمسكه بمواقفه ومطالبه، اهم من عملية النهوض بالبلد المنتظرة من الحكومة العتيدة المقبلة لاعتبارات عدة، وهذا ما ألمح اليه الرئيس الحريري شخصيا في دردشته امس الاول مع عدد من الصحافيين عقب انتهاء اجتماع كتلة المستقبل والمجلس التنفيذي للتيار في «بيت الوسط» حين وجه تساؤلا الى كل الكتل السياسية في لبنان قائلا «من اهم البلد ام نحن؟».
فالرئيس المكلف لا يزال منذ تسليمه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون يوم الاثنين الماضي الصيغة الحكومية يرفض الكشف عن مضمونها، وهو كرر امس امام زواره حسب ما نقلوه لـ«اللواء» انه هو من وضع الصيغة ولا يعلم احد بما تتضمنه، سوى هو ورئيس الجمهورية، مكررا وصفها بأنها «عادلة وتحمل تنازلات من قبل الجميع بما فيهم «تيار المستقبل» وهذا امر طبيعي»، ويشدد الرئيس الحريري انه مقتنع بالصيغة المقدمة وهي منطقية لأنها تحمي البلد، خصوصا انه يرى بأنها تُصلح لتشكل حكومة وفاق وطني، يسعى للوصول اليها من اجل تنفيذ السياسة التي هندسها خلال حكومة «استعادة الثقة»، ومن ابرز نقاطها الشق الاقتصادي والاستثماري، لا سيما ان وضع البلد دقيق وغير مريح خصوصا بالنسبة للشق الاقتصادي باعتراف الجميع دون استثناء، وهذا الامر يؤكد عليه زوار الرئيس الحريري، الذين يعتبرون انه ليس هناك من وقت اضافي يمكن استهلاكه من دون استغلاله بشكل جيد، ويعتبر الزوار انه من الافضل تشكيل الحكومة اليوم قبل الغد لمصلحة البلد اولا واخيرا، محذرين من استمرار الفراغ على صعيد السلطة التنفيذية.
ويلفت الزوار الى ان الرئيس المكلف غير مغلق على مواصلة اي اتصالات او مشاورات تكون مفيدة للبلد من اجل المساهمة في تسهيل تشكيل الحكومة، وهو على استعداد لمناقشة الاراء والافكار التي تطرح سواءً مع رئيس الجمهورية او مع اي طرف سياسي اخر.
وتشير المصادر الى ان الرئيس الحريري متمسك ومصر على أن تبقى علاقته برئيس الجمهورية علاقة مميزة ومتينة، وتلفت الى ان التشاور والتفاهم سيبقى هو الاساس بينهما، لذلك فهو لا يريد اقحام نفسه بالردود على ما ينشر من هنا، ويسرب من هناك، لا سيما بالنسبة الى المواقف التصعيدية لأنه يرى انه من الطبيعي بأن السجالات لن تصل سوى الى زيادة التشرذم السياسي، وبالتالي عرقلة عملية تشكيل الحكومة.
وتؤكد مصادر سياسية متابعة لملف تشكيل الحكومة بأن الرئيس الحريري مرتاح على وضعه، وهو يكثف اتصالاته باتباعه سياسة الهدوء والتروي رغم الضغوط الكثيفة التي تمارس عليه، وفي هذا اطار استقبل امس بعيدا عن الاعلام وزير «المردة» يوسف فينيانوس وبحث معه اخر المستجدات المتعلقة بعملية التأليف.
وتشدد المصادر على ان الرئيس الحريري يسعى لعدم اقصاء احد من القوى الاساسية من التمثيل داخل الحكومة وسيستمر في مسعاه هذا، ولا تعتبر هذه المصادر ان رئيس الجمهورية اغلق الحوار بل تذكر بان بيان رئاسة الجمهورية تحدث عن متابعة التشاور مع الرئيس المكلف مما يعني انه في حال كان لدى الرئيس عون اقتراحات معينة على الصيغة فيمكن مناقشاتها والاخذ بها وتعديلها من اجل تشكيل الحكومة.
من ناحيتها، تصف مصادر وزارية بأن الوضع متشائل في انتظار بلورة مصير صيغة الرئيس الحريري، ولكن تستبعد في الوقت عينه ان تبصر الحكومة النور قريبا اذا لم يحصل توافق تام على صيغة الرئيس المكلف.
اما مصادر سنية بارزة فتعتبر ان هناك دستوراً يحدد الصلاحيات بشكل واضح، داعية الجميع للعودة لقراءة نصوصه وتطبيقها. وترى المصادر ان هناك تشكيلة حكومية يقدمها عادة الرئيس المكلف لرئيس الجمهورية الذي عليه الموافقة او عدمها او ابداء ملاحظاته، لذلك على الجميع عدم تفسير النصوص وفقا لما تراه والعودة الى تطبيق الطائف بحذافيره.
وترى هذه المصادر ان رئيس الجمهورية لم يعلن رفضه الصيغة بالمطلق، ولكن قد يكون انه يريد ان يظهر في النهاية بأنه هو المنقذ رغم عدم اقتناعه بها، ويعمل في النهاية على تسهيل التشكيلة.
وحول مطالبة البعض بتمثيل النواب السنة من خارج كتلة «المستقبل» تقول هذه المصادر: من يطالب بتمثيل السنة من خارج «المستقبل» عليه الاعتراف بتمثيل طائفته، فأين هو التمثيل المسيحي مثلا من خارج «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية»؟ مشيرا الى ان هناك من يسعى لازعاج الرئيس المكلف ووضع العقد للضغط عليه.
وتشيد هذه المصادر بالبيان الصادر عن رؤساء الحكومة السابقين نجيب ميقاتي وفؤاد السنيورة وتمام سلام، وترى انه يدعم موقف الرئيس الحريري فيما يخص صلاحيات رئيس الحكومة المكلف.