بعد الخضّة التي مرّ بها لبنان الاسبوع الماضي من الناحيتين الاقتصادية والمالية، وما رافقها من توتر ومصير مجهول على مختلف الاصعدة، لا يزال المواطن اللبناني خائفاً من تدهور وضع الليرة، على الرغم من التطمينات التي يؤكدها حاكم مصرف لبنان رياض سلامه اسبوعياً واحياناً بشكل يومي، خصوصاً ان احتياطي مصرف لبنان اليوم يبلغ حوالى 38 مليار دولار. لكن ما جرى قلب الاوضاع رأساً على عقب لان الشائعات عمّت البلد، وكأن هنالك اوركسترا عملت لتحقيق هذا الهدف لبث الرعب في النفوس، وكل هذا جعل الحكومة في وضع الاستنفار، والعمل لعدم تدهور الوضع اكثر وحصره حيث هو، لان الوضع الاقتصادي والمالي الهش لم يتحمّل تلك الشائعات التي كادت ان تقضي عليه.
الى ذلك تشير مصادر وزارية الى ان الاستحقاقات المترّتبة على مالية الدولة ساهمت الى امد بعيد بإقلاق الوضع، مما يتطلب المسارعة في المعالجة أي تحقيق الاصلاح قبل فوات الآوان، خصوصاً ان هذا المطلب دولي وإلا فإن اموال «سيدر» لن تكون في متناول الحكومة، وهذا بات واقعاً يعرفه المسؤولون لان آمال «سيدر» تتضاءل في ظل غياب الاصلاح .
لكن على خط مغاير، وتحديداً من مصادر مقرّبة من بيت الوسط، فهنالك وعود بإتجاه الوضع المالي نحو الايجابية، اذ وانطلاقاً من المحاذير التي تلقتها الحكومة بشخص رئيسها سعد الحريري، تلفت هذه المصادر الى ان رئيس الحكومة يعمل على اتخاذ إجراءات حاسمة وتنفيذية، اذ بدأ جولة على الامارات حيث يشارك في 8 و9 تشرين الحالي في منتدى الاستثمارات العربية الذي يعقد في أبو ظبي. كما سيلتقي المسؤولين الامارتيّين المشاركين في المنتدى، لشرح الوضع الصعب في لبنان والمطالبة بدعمه، والوقوف الى جانبه والمساهمة بحل مشاكله الاقتصادية والمالية، وتحقيق الالتزامات بوعودهم في مؤتمر « سيدر».
وتفيد هذه المصادر بأن الرئيس الحريري سيلتقي بعدها ولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد ال نهيان، لافتة الى ان نتائج الزيارة ستكون ايجابية جداً لان الاخوان العرب لن يتركوا لبنان وحيداً في محنته، فضلاً عن زيارات مرتقبة جداً سيقوم بها الى دول الخليج، طارحاً الصوت والصرخة، في ظل اخبار مشجعة عن إيداع اموال خليجية في لبنان، مما يعني تحسين الوضع الاقتصادي، والاشهر القليلة المقبلة ستكشف الكثير من الايجابية، من دون ان تستبعد المصادر عينها إمكانية عقد اتفاقيات بين لبنان وهذه الدول في بعض القطاعات.
وعن إمكانية زيارة الحريري الى دول غربية للغاية عينها، اشارت هذه المصادر الى ان المانيا غير مستبعدة قريباً جداً من اجندة رئيس الحكومة، حيث تعقد المستشارة انجيلا ميركل مؤتمراً استثمارياً مُخصصاً للبنان في العاصمة برلين، على ان يتوجه بعدها الحريري مطلع الشهر المقبل الى المملكة العربية السعودية، لتوقيع عدد كبير من الاتفاقيات، ضمن مجالات عدة من شأنها دعم الاقتصاد وتقديم مساعدات مالية للبنان، فضلاً عن قيام بعض الدول الخليجية بوضع ودائع في المصرف المركزي، كما ان العاصمة الفرنسية باريس موضوعة ايضاً على لائحة الزيارات المرتقبة منتصف تشرين الثاني، بمحاولة منه لضبط الوضع المقلق في البلد.