IMLebanon

الحريري منفتح على الجميع… والكرة في ملعب المعاندين

في قناعة العديد من الأفرقاء السياسيين المقربين من الرئيس نبيه بري، إن ما أعلنه رئيس مجلس النواب من القصر الجمهوري في بعبدا، متحدثاً بإسمه الشخصي وبإسم حركة «أمل» وكتلة «التنمية والتحرير» سقط منه إسم «حزب اللّه» عن سابق إتفاق وهو الذي مضى في سلوكه الذي اعتمد منذ سنوات، نائياً بنفسه عن تسمية مرشحه لرئاسة الحكومة…

كان وفد كتلة «الوفاء للمقاومة» زار الرئيس ميشال عون قبيل وقت قصير من موعد زيارة الرئيس بري وكتلته، وخرج النائب محمد رعد مشيراً الى أن «الكتلة لم تسمّ أحداً لرئاسة الحكومة…» والرئيس عون كان في صلب الأجواء، وهو أن ما سيعلنه الرئيس بري سيكون «حزب اللّه» شريكا فيه… وقد أبلغ الرئيس سعد الحريري في هذا…

لم يقف الرئيس الحريري عند تغييب إسمه على لسان رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد… وهو بات على علم بكل تفاصيل ما جرى قبل يوم بين الرئيس بري وعضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب علي فياض في عين التينة، موفداً من قبل الأمين العام لـ «حزب اللّه» السيد حسن نصراللّه، وخلاصتها أن «الثنائي الشيعي في مركب واحد»، وما يقوله الرئيس بري وما يعلنه من مواقف هو «موقفنا..» وتأسيساً على هذا، مضى الحريري في خياره معلناً، بعدما أبلغه رئيس الجمهورية تكليفه مهمة تأليف الحكومة الجديدة، انه «يتطلع الآن للشروع في الإستشارات لتشكيل حكومة وفاق وطني – تضم الجميع- تتخطى الإنقسام السياسي مستندة الى إجماع كل القوى السياسية حول خطاب القسم (للرئيس عون) بكل مندرجاته…» حكومة «تعمل على إنجاز قانون إنتخابي يؤمن عدالة التمثيل وتشرف على إنجاز الإنتخابات النيابية في موعدها… منفتحاً على كل الكتل النيابية بمن فيها تلك التي إمتنعت عن تسميتي…» (لم يقل رفضت تسميتي).

سدد الرئيس بري الدين الذي بذمته للرئيس الحريري – وهو لم يكن للإستهلاك المحلي السياسي – … ولم يتأخر الحريري برد الكيل كيلين، وبأكثر مما كان يتوقع كثيرون بإعلانه عن حكومة الوفاق وقانون الإنتخاب وإجراء الإنتخابات، وهو «ثالوث» يتمسك به الرئيس بري ويعتبره شريان بقاء الدولة وسلامتها..

وما يستنتجه كثيرون ان أبواب الحكومة الجديدة مفتوحة أمام مشاركة «حزب اللّه» وسائر القوى من الذين هم في «محور الحزب» بصرف النظر عن مسألة الحقائب وتوزيعها بين «سيادية» و»غير سيادية» وقد فتح البعض جدلاً مسبوقاً غير برئ حول ذلك، بقصد تعميق فجوات التباعد بين الرئيس الحريري و «حزب اللّه» (تحديداً)، على الرغم من أن الحزب، وعلى ما أثبتت التجارب في الحكومات السابقة المتعاقبة التي شارك فيها، لم يشترط مرة أن تكون له هذه الحقيبة أو تلك، ولم يقم الدنيا ولم يقعدها لأنه لم يحظ بهذه الوزارة أو غيرها.. فكان في «قمة التواضع» على ما يقول أحد وزراء الحزب… خلافاً لما يظهر على السنة عديدين في هذه المرحلة مستبقين المشاورات مهددين «بالويل والثبور وعظائم الأمور» إن لم يحصلوا على وزارة المالية ووزارة الخارجية أو الدفاع وغيرها…

الحديث عن «الثنائية الشيعية» جاء ليبرر السعي لـ «ثنائية مارونية» في غياب أي ثنائية سنية… لكن، وعلى ما يظهر، فإن الرئيس ميشال عون، ومن ورائه  «التيار الحر»، و «تكتل التغيير والإصلاح» يرفض هذه «الثنائية»، وإن كان يقر بدور مؤثر وبارز لـ «القوات اللبنانية»، التي طفى على السطح قلقها من السعي الذي يبذله عديدون، من داخل «المارونية السياسية» كما ومن خارجها، لعدم إستبعاد العديد من الوجوه المارونية أو المسيحية عموماً عن التشكيلة الحكومية الجديدة، سواء كانت من 24 وزيراً  أم من 30 وزيراً، وهي مسألة أثارت غضب «القوات» التي سارعت الى إعلان رفضها حكومة «مرئلي تمرئلك …» (هكذا).

لا أحد ينكر أن الرئيس سعد الحريري، الذي أظهر إنفتاحاً غير مسبوق، وغير متوقع على هذا القدر من الإتساع إزاء الأفرقاء كافة – الذين سموه أو الذين لم يسموه – سيجد نفسه في وضع حرج للغاية، في مواجهة «الشروط» و «الشروط المضادة» التي قد تستهلك وقتاً وهو الذي يمني النفس بتشكيل حكومة بأسرع وقت ممكن… وقد عزز ذلك بإعلانه العمل على إنجاز قانون جديد للإنتخابات وإجراء إنتخابات نيابية في موعدها (الربيع المقبل) في رسالة واضحة الدلالة الى الرئيس بري كما والرئيس عون المتمسكين بهذه الأولوية بعد إنجاز الإنتخابات الرئاسية.

ليس من شك في أن لبنان ما بعد إنجاز الإستحقاق الرئاسي وتكليف الحريري تأليف الحكومة لن يكون كما قبلها، وإن تعددت العراقيل وتنوعت العصي في دواليب «حكومة الوفاق الوطني» التي لم تهبط برداً وسلاماً على قلوب البعض ممن كانوا يراهنون على إتساع وتعميق الإختلاف بين الحريري و «حزب اللّه» (ومن خلفه الرئيس بري) وهم يستحضرون عند كل لحظة جملة عناوين خلافية اساسية، غير آبهين بتأييد الجميع ما ورد في «خطاب القسم»… وعند هذه النقطة يبقى «حزب اللّه» أمام إمتحان حقيقي في ان ينأى بنفسه وبلبنان عن «الصراعات الإقليمية».. والكف عن سياسة التعرض لدول الخليج، وفي مقدمها المملكة العربية السعودية، التي أثبتت الوقائع في الأسابيع الأخيرة، إيمانها الحقيقي بإخراج لبنان من أزمة الشغور  وإنتخاب رئيس الجمهورية وتشكيل حكومة لابد وأن تعتمد ما ورد في خطاب القسم مع حفظ حق لبنان في مقاومة العدو الإسرائيلي وحمية ثرواته وتحرير ما تبقى من أرضه..