إذا ما سارت الأمور وفق ما تمَّ التخطيط لها، فإنَّ رئيس الحكومة سعد الحريري سيكون في باريس بضيافة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في الساعات الثماني والأربعين المقبلة. ومنها يتوجَّه إلى بيروت، فيزور قصر بعبدا ويقدّم استقالة حكومته إلى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، ثم يغادر مجدداً إلى باريس تمهيداً للبدء بجولة عربية وأوروبية.
المغادرة إلى باريس يُفترض أن تتم قبل انعقاد مجلس وزراء الخارجية العرب في القاهرة، بدعوة من السعودية، لبحث الملف الإيراني.
في هذه الأثناء، يكون الرئيس ميشال عون يستعد لبدء الإستشارات النيابية المُلزمة، لتسمية الشخصية التي ستُكلَّف تشكيل الحكومة الجديدة.
هنا يبدأ التحدي الكبير، مَن سيكون رئيس الحكومة المكلَّف؟
بالتأكيد لا تسمية قبل التفاهم مع الرئيس المستقيل سعد الحريري، وستكون له الكلمة الفصل في هذا المجال. والتسمية من قِبَل الرئيس الحريري ستكون بالتفاهم مع رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب والنائب وليد جنبلاط، ونواب هذا التوافق بإمكانهم أن يشكِّلوا الأكثرية التي تتيح التسمية لشخصية تدور في فلك تيار المستقبل، لتشكيل حكومة حيادية تتولى إجراء الإنتخابات النيابية في أيار المقبل.
***
عمر حكومة الإنتخابات لن يتجاوز الخمسة أشهر، ولكن قبل ذلك ماذا عن البيان الوزاري؟
البيان الوزاري لحكومة العهد الأولى، كان ترجمةً للتسوية التي تمت بين الرئيس عون والرئيس الحريري وبعدم ممانعة من الرئيس بري.
هذه التسوية لم تعد موجودة، وليس هناك من تسوية جديدة، فكيف ستتطور الأمور؟
في حال تمادت عقدة التأليف، فإنَّ حكومة تصريف الأعمال ستتولى هي إجراء الإنتخابات النيابية، ومن اليوم وحتى الأشهر الستة المقبلة، يكون العمل قد تركَّز على إنضاج تسوية جديدة تترجمها حكومة ما بعد الإنتخابات.
***
مع ذلك فإنَّ الأمور تبدَّلت منذ الرابع من هذا الشهر، تاريخ الإستقالة التلفزيونية، بعد ثلاثة عشر يوماً، أصبح الرئيس سعد الحريري شخصية أممية ودولية:
فالمخرج الفرنسي جاء بعد اتصالات بين باريس وواشنطن، ودوره بعد الإستقالة سيكون كبيراً حتى خارج السراي الحكومي. وهذا الدور لن يتأخَّر بل سيبدأ مباشرة بعد عودته إلى باريس، بعد الإستقالة، لأنَّ الإستحقاقات والملفات الداهمة تحتاج إلى رجل دولة ليتابعها، من ملف النازحين السوريين في لبنان، إلى ملف العلاقات بين لبنان والدول المعنية بالمساعدات… هذه الملفات كانت دائماً على طاولة الرئيس سعد الحريري، وخروجه من الحكومة لا يعني أنَّها لم تعد شغله الشاغل.
***
ننتظر بعد غد إجتماع الجامعة العربية على مستوى وزراء الخارجية ويبنى على الشيء مقتضاه.