IMLebanon

الحريري صامد… أيّ شارع سيتحرّك أولاً؟

 

رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل هدّد بالشارع لفكّ أسر تأليف الحكومة. «حزب الله» حذّر من التأخير في التأليف الذي يؤدّي إلى تحريك الشارع. «القوات اللبنانية» أكّدت أنّ الشارع بالشارِع يُواجَه. أمّا رئيس الحكومة المُكلّف سعد الحريري فاستوضح باسيل عن قصده، وفي لقائهما الأخير الذي طلب باسيل أن لا يكون «ثالثَ بينهما»، بقي ما دار داخل جدران بيت الوسط بين الرجلين فقط.

إن لاحت في الأيام المُقبلة ترجمات إيجابية أو سلبية، عمّا حُكي بين الحريري وباسيل، الحريري لن يُبتز ولن يستقيل ولن يُعطي أيَّ جهة سياسية 11 وزيراً في حكومته الوفاقية. لكن، إن طال التأليف هل سيبقى الناس صامتين؟ وهل سيتحركون من أجل مطالبهم الحياتية أم بإيعاز من أطراف من صلب السُلطة، أو من جهات مسؤولة بدورها عن تأخير التأليف؟ وماذا عن موقف «المستقبل» و»حزب الله» وبكركي من تحريك الشارع أو «تحرٌّكه»؟

«إن كان الأمر يتطلّب أن نقوم بعملية سياسية دبلوماسية شعبية، ومهما تطلّب الأمر، من أجل فكّ أسر لبنان من الاعتقال السياسي، فمؤكَّد لن نتأخر بأن نقوم به». تهديد باسيل وُجِّه في لحظته، كما فُسِّر، إلى الحريري، لكن الكلام قابل للتأويل والتحوير، ما يخدم اللبنانيّين في تسوياتهم. وبعد لقاء الحريري – باسيل الأخير، فَسّرت مصادر في «التيار الوطني الحر» هذا الكلام لـ»الجمهورية» بأنّ «فكّ أسر لبنان»، يعني: «تحرير ملفاته وتسيير عجلة العمل والاقتصاد».

تفسير التفسير يعني تأليف الحكومة. وكلام باسيل، غير محصور بزمنٍ مُحدّد، فإن تأخّر التأليف وشُدّت العقد، قد يكون الشارع وسيلةً لأكثر من طرف، لـ»فكّ أسر لبنان». فبعض القوى السياسية يرى أنّ «باسيل هو مَن يأسر لبنان ويُحاول أن يُؤلّف حكومةً على مقاسه… أو لا حكومة». كما، أنّ مداولات الحريري – باسيل لن تُثمر حلّاً إلّا بعد مداولات الحريري مع «الحزب التقدمي الاشتراكي» و»القوات اللبنانية»، فإن تكاملت، تلوح حلحلةُ التأليف.

وإن لم تثمر حركةُ الحريري الأخيرة بركةَ تأليفٍ، وتبنّى «التيار الوطني الحر» أو غيرُه الشارع، فقد يتحرّك تيار «المستقبل» في شارعه. فـ»حين تُطرح مسألةٌ تحملُ نفساً مذهبيّاً سيتحرّك الشارع المُقابل»، على رغم أنّ مصادر «المستقبل» اعتبرت الكلام عن فكّ أسر لبنان «مُجرد مزايدات لا أكثر»، لافتةً لـ»الجمهورية» إلى أنّ «أمام كل شارع يتحرّك، تتحرّك شوارع»، وغامزةً من قناة باسيل بالإشارة إلى أنّ «15 ألف شخص استقبلوا الحريري بعد عودته من السفر».

إذن، مهما زادت حدّة الضغوطات، الحريري لن يعتذر ولن يستقيل، ولن يرضخ لأيِّ ابتزاز ولن يقبل بأن تكون حصّة «التيار الوطني» في الحكومة 11 وزيراً يُمكنهم إسقاط الحكومة حين يريدون، فلا يحق لأيِّ طرف أن يكون مُمثلاً بـ11 وزيراً في حكومة وحدة وطنية، حسب رؤية الحريري. وتلفت مصادر «المستقبل»، إلى أنّ الحريري وقف على الحياد عند اشتعال جبهة «التيار الوطني الحر» وحركة «أمل» ، و«التيار» و«التقدمي الاشتراكي» و»التيار» و«القوات»، لكن إذا تمّ التصعيدُ باتّجاهه على نحوٍ أوضح، سنشهد «خربطة»، على الصعيد الوطني.

وعلى خطّ متابعة حركة التأليف والضغوطات على الحريري، يستبعد البعض تحرُّك الداخل من دون وحيٍ خارجي، ويُرجِّح أن «طَرح مسألة الذهاب إلى سوريا والضغط بهذا الاتّجاه في هذه اللحظة السياسية، موحى بها من السوريين، وإن تكلّمنا عن ضغط خارجي في تأليف الحكومة، فقد يكون الأسر، محاولة عودة بشار الأسد إلى لبنان».

في المُحصّلة، شارع «التيار الوطني الحر» لن يُحرج الحريري، فماذا عن «حزب الله»، هل سينضمّ إلى شريكه في وثيقة مار مخايل، أم سيثنيه أو سيقف على الحياد صامتاً كما فعل منذ تكليف الحريري؟

كتلة «الوفاء للمقاومة» برّرت أيَّ تحرّك مُستقبلي بتأخير التأليف، مُكتفيةً بالتحذير من دون توجيه أصابع الاتّهام إلى جهة مُحدّدة. فقد رأت الكتلة أنّ «المهلة المفترَضة لتأليف الحكومة الجديدة استطالت الى الحدّ الذي بات يهدّد بمفاقمة الاحتقان والانزلاق نحو التوتر والاحتكام خارج المؤسسات، وحذّرت من مخاطر هذا التأخير وتداعياته البالغة السلبية».

وكرّرت مصادر الكتلة عبر «الجمهورية» التحذير من أنّ «التأخير في تأليف الحكومة في ظلّ هذه الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الصعبة، من الكهرباء إلى المياه إلى الحياة المعيشية… سيؤدّي إلى الانفجار. فالناس يشعرون بالاشمئزاز والتوتر، والأوضاع صعبة وحلّها مطلوب بشكل مُلحّ، كذلك إنّ الناس يريدون حكومة وخائفون من الأوضاع الاقتصادية ووضع الليرة، فالوضع الاقتصادي يُشكِّل هاجساً كبيراً لهم».

وعن التحرّك في الشارع، ترى المصادر أنّ «عادة عدم تحرُّك الناس للمطالبة بحقوقهم الحياتية والمعيشية، يجب كسرُها». أمّا عن تحرّك «حزب الله»، فتكتفي المصادر بإطلاق صرخة التحذير راهناً، من دون أن تحسم إن كان «حزب الله» سيتحرّك أم لا. فماذا يُمكن أن يفعل «حزب الله» للتعجيل بالتأليف؟ تجيب المصادر: «تساهلنا وتعاونّا من الدقيقة الأولى للتكليف ولا يُمكننا أن نمون على كلّ الأطراف».

على الخطّ الآخر، يبدو أنّ «القوات» غيرُ مُرتاحة لتحريك الشارع، فعلى لسان نائب رئيس الحزب النائب جورج عدوان، رأت «القوات» أنّ البلد لا يتحمّل تشنّجاً ولا شارعاً، وأنّ الهدوء والحكمة هما المدخل الحقيقي للتفاهم. ومن ثمّ، قالت إنّ «الشارع بالشارع يُواجَه».

بعيداً من الأطراف السياسية المُتمسّكة بـ«حقوقها» وحصصها الوزارية، وبسبب هذا التمسّك، اضطّر البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي العمل للحضّ على الإسراع بالتأليف، ولن يوقف تحرّكاته واتّصالاته إلى حين ولادة الحكومة فـ«هذا الموقع لا مصلحة له ولا حسابات، ويُمكنه قولُ الحقيقة بتجرُّد والمطالبة بحقوق اللبنانيين، ولكنّ الراعي لا يُمكنه حلّ إشكالية توزيع الحُصص، إلّا أنه يتكلّم بالمبادئ ويُخاطب الضمائر»، على ما تؤكّد مصادر بكركي لـ«الجمهورية». إذاً ما هو موقف بكركي، من تحريك الشارع أو تحرّكه، خصوصاً أنها تعي مدى اقتراب لبنان من الهاوية وفق مُعطياتٍ حسّية؟

لا موقف لبكركي من تحرُّك جهة مُعيّنة، لكنها ترى من الضروري أن «يكون الشعب اللبناني حيّاً وغير مُساق، وأن تكون لديه خيارات بكل حرّية ويُطالب بحقوقه التي ليست منّةً من أحد، والشعب اللبناني حيّ، تخطّى أخطر المراحل والصعوبات والعقد وليس صعباً عليه أن يتخطّى هذه العقبة وأن يهزّ ضمائر المسؤولين للإسراع بتأليف الحكومة، التي تتوقّف عليها كل مصالحه وحركته الاقتصادية ومعيشته وحياته اليومية، المرتبطة بعضها ببعض».

معارضون للسلطة بكل أطرافها، يستبعدون تحرُّك الشعب من دون تحريكه من أولئك أنفسهم الذين أوصلوا الدولة إلى هذه الحال وأعاد انتخابهم في أيار 2018، في حين يلفت آخرون إلى أنّ الخطر وصل إلى الرغيف. فهل سيتحرّك الشارع إن طال التأليف؟ وأيُّ شارع سيتحرّك أولاً؟