IMLebanon

الحريري يعرف ان عون لن يتنحى لو اجتمعت القوى الاقليمية ضده

قد يكون ميشال عون هذه الايام متوتراً ويعيش «على اعصابه» يحصي الساعات والايام وهو يرى خاتمة حياته السياسية على قاب قوسين من قصر بعبدا وهو لا يزال يطرح التصعيد في الشارع ردأ على التهميش وضرب الميثاقية من قبل الشركاء في الوطن وبالتالي بات الرجوع عن قرار التصعيد والنزول الى الشارع موقفاً غير مشرف ومقبولاً من جمهور الرابية وخصوصاً ان التمديد لقائد الجيش للمرة الثالثة «مرّ» مرور الكرام على الجميع وفيما لم يصل سعد الحريري الى قرار في موضوع الرئاسة رغم جولاته الرئاسية على كل المقرات، الا ان حال رئيس تيار المستقبل لا يقل احراجاً وقلقاً عن حال زعيم الرابية، فالحريري كما ميشال عون يرغب بالعودة الى الحكم والرئاسة ويحاول اقتناص الفرصة المناسبة في اللحظة الاقليمية المؤاتية، الا ان ظروف الحريري لا تشبه ظروف ميشال عون، فرئيس تيار المستقبل مكبل بحركته وقراره السياسي رهن بمعطيات وتحالفات سياسية كما بات واضحاً ولا يمكن للحريري التفلت منها، في حين ان عون يقاتل على كل الجبهات الداخلية متسلحاً بتفاهم معراب المسيحي وورقة مار مخايل ودعم  الحليف الشيعي  والتزامه الاخلاقي معه.

وبين ما ينقل من اجواء تفاؤلية عن الرابية باقتراب الحل الرئاسي وبانسداد الحلول العونية على قاعدة ان لا نية لعون بسحب ترشيحه الرئاسي، فان التيار الوطني الحر «شحن « كل اسلحة المواجهة المتوافرة لديه لاستحقاق الشارع الكبير.

حصيلة الجولة الحريرية لبنانياً هي « لا شيء، فالحريري كما حضر على جناح السرعة اقفل عائدأ ليفتح صفحة اتصالات ولقاءات في العواصم الاقليمية في روسيا والسعودية، خلاصة جولة الحريري اللبنانية ان الحريري تجاوز كل العقد التي تمنعه من التقدم نحو الرابية، تحدى الفريق السياسي في المستقبل الذي زرع الالغام في طريقه الى الرابية ومن حاول تسويق معادلة ان تبني خيار عون انتحار سياسي للحريري خصوصاً ان عون يصعب التعايش معه سياسياً وان عون غير مقبول في الشارع السني الموالي للحريري، لكن هذا التحدي لم يعط ثماره بعد فالمعوقات اتت من مكان آخر لم يكن في الحسابات الحريرية والفيتوات الداخلية على عون اثبتت انها لا تزال واقعاً قائماً بقوة.

حاول رئيس المستقبل ان يختصر الطريق الرئاسي بشخصه لكن الشيطان الكامن في تفاصيل الملف الرئاسي كان الاقوى والغالب حتى الساعة، فعقدة رئيس المجلس وتمسكه بالسلة تكاد تكون اكثر تعقيداً من عقد الحريري نفسه، وبالتالي فان الحريري كما تقول اوساط سياسية قد يكون نجح فقط في تصوير نفسه بانه صاحب القرار الجريء الذي سار بفرنجية اولاً والذي يمكن ان يقبل ميشال عون اذا قبل الآخرون،  كما حاول الايحاء بانه فعل كل المستطيع في الملف الرئاسي ولم يتمكن وبأنه «المنقذ» بدل تحميله «دم الرئاسة المسيحية».

خلال الساعات المقبلة تبدأ جولة الحريري السعودية، هي المحطة التالية بعد جولة روسيا، الواضح كما تقول الاوساط ان الحريري يحاول تحقيق اختراق او تقدم في الملف الرئاسي بعدما تعقد الافق اللبناني بتأكيد رئيس المجلس النيابي «فان من التقاهم الحريري في لبنان تحفظوا عن انتخاب ميشال عون»، هي بالطبع ليست الزيارة الاولى لرئيس المستقبل الى موسكو بل كانت ثمة زيارة استباقية له قبل نحو عام لاستشفاف الموقف الروسي من ترشيح احد اسماء فريق 8 آذار  قبل العبور الى خيارات اخرى وبحيث يكون الحريري قد وفى بالتزاماته وقدم كل التسهيلات الرئاسية ليظهر للجميع بأنه حاول تحقيق وبذل المستحيل في الموضوع الرئاسي. فالاعتقاد السائد ان  موسكو تريد انجاز الاستحقاق ولكن من بوابة العبور عبر حزب الله التي تعتقد موسكو كما يقول العارفون ان على الحريري ان يتفاهم مع حزب الله في الموضوع الرئاسي وهذا ما حصل بقبول الحريري العرض المقدم من الضاحية.

وبحسب  الاوساط فان زعيم المستقبل يدرك جيداً استحالة ممارسة ضغوط من قبل موسكو او اي كان وحتى لو اجتمعت القوى الاقليمية جميعها لانتزاع قبول عون بالتنحي جانباً والانسحاب من المعركة الرئاسية، الا ان الحريري الذي لا تشهد علاقته بالاميركيين «شهر عسل» يرغب ربما باشراك موسكو في اتصالاته وحركته خصوصاً ان الحريري لا يتجاهل الدور الروسي في المنطقة وما انجزه التدخل الروسي العسكري في سوريا وان كان واثقاً ان الكلمة الفصل لطهران وهي صاحبة التأثير والقوة في الملف الرئاسي من خلال حلفائها اللبنانيين.

في حين يغرق الجانب السعودي في الصمت بحيث لم تصدر اشارات ايجابية او مؤشرات معينة من الرياض مهما كثرت التكهنات،  فالواضح ان الحريري لا يرغب في ظل تعقيد المشهد الداخلي القيام بأي مغامرة بدون القرار السعودي طالما الامور معقدة داخلياً، هو  بدون شك الاكثر احراجاً  في هذه المرحلة، يرغب بقوة في العودة الى الحكومة في ظل الاختناق السياسي والمادي الذي يعانيه وتضافر الاخصام من تياره عليه، وحيث ان اي قرار خاطىء  سيكون ثمنه مكلفاً خصوصاً اذا ما كان خطوة ناقصة في ظل جهوزية اخصام الداخل وصقور فريقه للانقضاض عليه وتصفيته سياسياً في تياره وعلى الصعيد السياسي ايضاً، وهو لذلك كما تقول اوساط يقيس خطواته ومواقفه ويراقب خطاب الصقور في تياره، فالسعودية حتى الساعة تتعاطى معه بعدم اكتراث لوضعه المادي لا بل ثمة من يتحدث عن دعم مادي يصل الى خصوم الحريري في تياره والى المتشددين فيه وليس سراً ما تردد عن اموال دفعت في المعركة البلدية التي خاضها وزير العدل المستقيل اشرف ريفي ضد الحريري في طرابلس، وما حكي ايضاً عن تسريب اموال لقيادات سنية في المستقبل فيما حجبت عن رئيس المستقبل.

وبطبيعة الحال فان العودة الى السعودية خيار لا بد منه، فالحريري يدرك ان فك مساره عن السعودية معناه افساح المجال لمن يرثه لدى المملكة وهذا غير وارد طالما ان الملف الرئاسي لم يجد الحل الداخلي والتوافق عليه، وعليه فان الورشة الداخلية لترتيب المستقبل والبحث في الخيارات الرئاسي على قاعدة «الامر لي» في المستقبل لا تزال قائمة ووضع اسسها الحريري، وفي الوقت عينه يسعى الحريري ليعود لاعباً اساسياً على الساحة من خلال الامساك في ملف الرئاسة كما يسعى للعودة الى السراي لاسترجاع السلطة والنفوذ وهما عاملان كفيلان بإعادة ترتيب وضعيته السياسية ووضع تياره المترنح بدون شك تبقى عقدة «السلة التي يطرحها رئيس المجلس والتوازنات الداخلية والجبهة الداخلية وقوامها «السنيورة وبري وفرنجية» ضد ترشيح عون، ثمة من يعتقد ان الحريري حصل على  ضمانات عرضها حزب الله واغراءات ابرزها الا يتم اسقاطه بالضربة القاضية  في الحكومة  كما حصل في المرة الماضية، والا يتحول الى مرشح 8 آذار وبالتالي فان القبول بالسير في معادلة رئيس مقابل رئيس ستكون مشروطة وخاضعة لحسابات حريرية معينة.

فك الارتباط مع السعودية خيار غير مطروح حالياً في اجندة رئيس تيار المستقبل، فالرياض ستتحول حينها فعلاً وواقعاً نحو القيادات السنية المختلفة مع الحريري لتعويمها وتقويتها، عدا ذلك فان خيار عون يواجه جبهة داخلية متشابكة مع بعضها، فمجرد الحديث عن لقاء ربما لم يحصل بين باسيل والحريري كان كافياً لاستثارة هذه الجبهة وتحركها ضد  اي تفاهم  قد ينشأ يوماً بين المستقبل وعون.