التحركات كلها التي تتوالى هذه الأيام ما كانت لتحدث لولا عودة الرئيس سعد الحريري الى بيروت وقيامه بنشاط بارز بما فيه لقاءاته مع القيادات السياسية، عاملاً على تحريك الملفات التي كانت في ستاتيكو قاتل…
ومجرّد أن طرح الرئيس الحريري حراكاً رئاسياً تغيّرت الدنيا بسرعة حتى أنّ الوزير سليمان فرنجية، الذي كان يقاطع هو ونواب «المردة» (كتلة لبنان الحر الموحّد) الجلسات الانتخابية في مجلس النواب… وجدنا النائب اسطفان الدويهي في المجلس ويدلي بتصريح.
والغريب العجيب أنّ طاولة الحوار ذاتها اختلطت فيها الأوراق من جديد، كما يبدو أنّ اختلاطها لم ولن يتوقف على طاولة الحوار وحدها.
واللافت كثيراً أنّ العماد ميشال عون كان متألقاً في حواره التلفزيوني: منطق سليم، رجاحة عقل، صدقية كلام، صفاء وطني الخ… فبدا رجل دولة من الطراز الرفيع، ولا يمكن لأي لبناني إلاّ أنّ يتوقف عند أقواله الموزونة وقد حظي بتأييد كثير من المواطنين الذين كانوا من المترددين ازاء ترشحه للرئاسة.
أطراف أيّدت الحراك وأطراف تحفظت عنه، إلاّ أنّه كان بمثابة الحصاة التي ألقى بها الرئيس الحريري في مستنقع راكد المياه فترتبت عليه دوائر عديدة يحمل كل منها أملاً بالإنفراج.
وبيان البطاركة أمس، بعد عظة غبطة البطريرك الراعي يوم الاحد الماضي، ترتب عليه ما يمكن تسميته بـ»تراجع» للرئيس نبيه بري عن «السلّة»، هو أيضاً عنصر مهم في التحوّل الذي رافق عودة الرئيس الحريري…
والإنفراج السياسي الذي سُجّل أمس، إن على خط الرابية – عين التينة أو على خط بكركي – عين التينة، ما كان ليحدث لولا ما ترتب على حراك سعد الحريري المرافق لعودته الى لبنان حاملاً معه مشروعاً، وأقله حاملاً أفكاراً كي لا نقول مبادرة، في وقت بدا الوضع السياسي وكأنّه أمام الجدار الذي لا باب فيه ولا نافذة ولا حتى مجرّد ثغرة.
لقد هال الرئيس سعد الحريري أن يكون لبنان واقعاً في ذلك الجمود الرهيب المترتب على اعتبار الفراغ الرئاسي وكأنّه قدر محتوم، فأقدم على حراكه في ما اعتبره البعض مغامرة غير مضمونة النتائج… ولكن الشيخ سعد كان يلبّي نداء الواجب بأن من يملك حداً من القدرة على السعي فليسعَ… وبالفعل فقد سعى وله الأجران.