IMLebanon

الحريري يُغادر الأربعاء

الحريري يُغادر الأربعاء

على أمل العودة خطاب «ربط النزاع» بين «اللابدّ» و»اللامفرّ» منه

مع انقشاع غبار الذكرى العاشرة لاغتيال الرئيس رفيق الحريري، يتكثف الضباب في المقابل على هضبة السرايا التي اطفأت أمس شمعة الحكومة السلامية الأولى على وقع اللغم المستجد حول آلية اتخاذ القرارات في المجلس وما حوله من ملفات و«غمز وهمس» عن عقد مخفية، مع تحول المسرح الداخلي صندوق بريد لتبادل الرسائل حول الملفات الخلافية الخارجة عن اطار الحوارات الثنائية بين القوى السياسية.

مصادر في تيار المستقبل اشارت الى ان احتفال البيال الذي شكل علامة فارقة في سجل اليوميات اللبنانية شكلاً، في نوعية الحضور الذي طبعه، ومضموناً، الذي وضع حدا فاصلا بين اهداف الحوار وبين استمرار الخلاف السياسي، بين «اللابد منه» على صعيد تعبئة الشارع، و«اللامفر منه» لجهة مراعاة قواعد الحوار مع حزب الله، نجح الحريري من خلال كلمته في التواصل مع مؤيدي ومناصري التيار من جهة، ومع كل الافرقاء على الساحة المحلية من جهة ثانية، كاشفا عن الهدف الرئيسي والأساسي من الحوار مع «حزب الله»: تصحيح مسار العملية السياسية وانهاء الشغور في الرئاسة الأولى.

مصادر في قوى «8 آذار» أكدت أنّها لم تستغرب على الاطلاق ما أعلنه رئيس «تيار المستقبل» سعد الحريري من مواقف في ذكرى اغتيال والده، معتبرة أن جمهور المستقبل المحبط تماما بحاجة الى أكثر بكثير مما ورد في خطاب زعيمه ليشفي غليله، نظرا لعدم اقران زعيمه الأقوال بالأفعال وانقلابه على مواقفه في كل محطة سياسية،معتبرة أنّ زعيم الازرق أخطأ كثيرا في دعوته الحزب للانسحاب وعدم ربط الجولان بالجنوب في ظل تمدد التهديد باتجاه البقاع الغربيّ وشبعا، متسائلة عن سبب تغييبه لعملية القنيطرة في معرض كلامه، واصفة الخطاب بالتعبويّ، حيث نجح في تقديم نفسه سعوديا في لبنان، أكثر مما قدم نفسه لبنانيا بادراج نفسه في محور سعودي يحاول تعويم نفسه في المنطقة بوجه «حزب الله» بدلاً من اليمن بعد سيطرة الحوثيين وصولاً إلى باب المندب واستلامهم السلطة.

وتابعت المصادر أن حزب الله لم يفاجأ بخطاب الحريري تجاهه، لعلمه بحساسية الشارع السني المتردد تجاه الحوار القائم، والرافض لاي تنازلات أو تسويات في الصراع الذي أدى إلى انقسام مذهبي عمودي منذ بدء الاحداث في سوريا. اذ اشارت معظم التحليلات قبل أيام إلى مضمون الكلمة التي تمسكت بمبدأ الحوار مع البقاء على الخلاف في مجمل الملفات الاخرى، انطلاقاً من نظرية ربط النزاع، رغم الاستغراب الذي ساد حارة حريك حول تركيز الخطاب على الحزب، محملاً اياه نتائج الأزمات الداخلية والإقليمية التي تعصف بلبنان، كاشفة ان الحزب الذي لم يقرأ في الخطاب سوى التأكيد على الحوار واستمراره، وهو ما يتبناه «حزب الله» لجهة تبريد الفتنة السنية – الشيعية، تلقى رسائل عبر قنوات التواصل مع المستقبل تدعو الى تفهم موقف الحريري الموجه اساسا لقواعده واصراره على ضرورة السير في الحوار محددا الاربعاء موعدا للجلسة السابعة المؤجلة.

في المقابل لفتت اوساط في الرابع عشر من آذار الى ان خطاب الحريري «الإسنادي»، فتح الطريق امام تلك القوى للمضي في تحضيراتها للذكرى العاشرة لـ «انتفاضة الاستقلال» وسقف خطاباتها التي كانت مدار بحث بين الحريري وقيادات الاحزاب والقوى والشخصيات المنضوية تحت راية هذا التحالف، داعية قوى 8 آذار وحزب الله الى القراءة بامعان وعقل بارد معاني هذا الخطاب ودلالاته، ومنها حضور وفد واسع من وزراء ونواب الاصلاح والتغيير للمرة الاولى، علماً انه فُهم ان عون تلقى دعوة مباشرة للمشاركة في الاحتفال خلال زيارة قام بها مستشار الحريري النائب السابق غطاس خوري للرابية قبل اسبوع، لافتة الى أن قرار بقاء رئيسه في لبنان أو عدمه يعود إليه شخصياً، مشيرة الى ان كل ما يشاع بشأن بقائه في لبنان غير دقيق ومجرد تكهنات، خاصة أن الاعتبارات الامنية لا زالت تفرض نفسها، رغم حرصه على البقاء في لبنان للوقوف من قرب على مسار الاحداث والتطورات، مرجحة مغادرته الاربعاء.

مضت عودة الحريري إلى بيروت على خير. تماما كما مر خطابه المخصص لجمهوره وشارعه، بالحد الأدنى من الردود، دون تسجيل سجال مباشر بين الحزب والتيار. فالحزب تفهم ظروف الابن، والشيخ مدرك لحقيقة موازين القوى، ايا كان الضجيج المثار.