Site icon IMLebanon

الحريري يتلاعب بالمسيحيين وبالرئاسة

لا يختلف اثنان بان لقاء باريس انعش الملف الرئاسي وحقق اختراقاً في الجمود الذي يسيطر على الاستحقاق بمبادرة ترشيح النائب سليمان فرنجية لكن هذا اللقاء بحسب اوساط سياسية هو اليوم المسؤول عن تعطيل الرئاسة وعن الوضع الذي آلت اليه العلاقة بين الحليفين في بنشعي والرابية اللذين تحولا بفعل الخطة الحريرية المدروسة الى خصمين يتنافسان في السباق الرئاسي دون ان يتمكن احدهما من الوصول الى قصر بعبدا رغم ان الاثنين من فريق 8 آذار ويحظيان بالتأييد المسيحي لهما وبرضى من حزب الله، فسليمان فرنجية هو الحليف الاستراتيجي التاريخي للمقاومة و«نور العين» كما سماه سيد المقاومة وميشال عون هو الحليف «الوفي» الذي يلتزم به حزب الله اخلاقياً الى «يوم الدين»، وعليه فان ملف الرئاسة سيبقى معلقاً فلن تنتج جلسة 8 شباط رئيساً، وسيستمر الخلاف مستعراً وتناتش «الجبنة المسمومة» التي وضعها الحريري بينهما للتفرقة على خلفية الرئاسة بدون ان يصل احدهما ربما الى قصر بعبدا، بهذه الخلاصة تصف الاوساط التلاعب الذي قام به الحريري بكل من رئيس الاصلاح والتغيير وبزعيم المردة بوضع «الفيتو» على ترشيح عون ورفع اسهم فرنجية واحراج حزب الله بين حليفيه. ولكن اذا كان حزب الله خرج من الاختبار والفخ الذي استدرجه اليه زعيم المستقبل فجاهر بموقفه صراحة وتأييده لعون بدون ان يفقد ثقة حليفه في بنشعي لا بل اعطاه ما يستحق من عبارات الثناء، فان الحريري الذي حاول ان يلعبها «صولد» نجح حتى الآن في احراز الانشقاق وتوسيع الخلاف بين بنشعي والرابية اذ ان فرنجية على ما يبدو لن يتراجع عن قراره بالانسحاب لمصلحة الحليف السابق، الا اذا استطاع عون اقناع الحريري بالغاء «الفيتو» المستقبلي عنه، وهنا تطرح التساؤلات الكثيرة عن «جرعات» الدعم التي تلقاها فرنجية من الحريري وعن مكوناتها وما اذا كانت تلك الجرعات ستوصل فرنجية الى قصر بعبدا ام انها ستكون عاملاً اضافياً يزيد في تعقيدات الملف الرئاسي ووضع العصي في رحلة عون الرئاسية لقطع الطريق نهائياً امام وصوله الى بعبدا، في حين ان طريق فرنجية لا تبدو سالكة ايضاً في ظل موقف حزب الله والتزامه بترشيح عون، وبالتالي فان وضعية كل من عون وفرنجية رئاسياً تبدو بالغة التعقيد.

ومن المتوقع كما تقول الاوساط ان يستمر الكباش الرئاسي فلا ميشال عون في صدد التراجع عن قرار ترشحه ولا سليمان فرنجية مستعد طالما هو مرشح الحريري وجنبلاط ونبيه بري وفي ظل انعدام حظوظ عون للانسحاب من المعركة الا في حال تمكن عون من استدراج الحريري لتبني ترشحه، وفي هذه الاجواء بدأت اتصالات بين المستقبل والرابية عبر لقاء الوزير جبران باسيل مع نادر الحريري والتي سبقها لقاء بين الحريري والنائب آلان عون من اجل فتح ثغرة في الجدار الرئاسي وحيث من المتوقع ان تزيد وتيرة الاتصالات قبل ان يقدم الحريري على الاعلان الرسمي لترشيح فرنجية الذي قد يحصل في ذكرى 14 شباط وحيث ترى الاوساط المطلعة ان عون يحاول ان يتسلل من خلال هذه الاتصالات لفتح خطوط مع السعودية ترغب بابعاد الملف الرئاسي عن النزاع بين ايران والسعودية.

واذا كانت هذه الحركة العونية باتجاه المستقبل ستكون بدون نتائج ايجابية كما توحي اصداء من يلتقون فرنجية وشخصيات في 14 آذار فان النتيجة الوحيدة المؤكدة ان الحريري استطاع ان يوقع بالقيادات المسيحية وان يتلاعب بالملف الرئاسي ويعطل الرئاسة حيث ان رئيس المستقبل بعد حسم حزب الله لموقفه بات وحده يملك مفتاح قصر بعبدا، على اعتبار ان فرنجية مستعد للانسحاب فيما لو توافرت موافقة المستقبل، فان المؤكد ان موقف المستقبل ليس الموقف المثالي والذي تقتضيه المرحلة الراهنة، فالقناعة السائدة لدى المسيحيين ان الحريري هو الذي يحول دون وصول المرشحين الموارنة الى الرئاسة، وهو ليس الموقف المثالي في ظل الوثبات الحريرية التي باتت تشبه تنقلات وليد جنبلاط من ضفة الى اخرى دون ان يصل الى بر الأمان، فزعيم المستقبل اساء الى علاقته بمعراب نتيجة ترشيحه لسليمان فرنجية وهو يعمل حالياً وفي الكواليس على الاساءة الى علاقة جعجع بالسعودية، وسابقاً حاول التقرب من التيار الوطني الحر بايهام عون بإيصاله الى بعبدا قبل ان يقود معركة ضد ترئيس عون وضد شامل روكز في قيادة الجيش، يمكن القول ان تيار المستقبل استطاع ان يكسب جولات كثيرة مع اخصامه وخصوصاً مع الرابية التي ربح عليها الحريري جولة الانتخابات الرئاسية المعطلة ثم جولة التمديد للأمنيين التي مرت بدعم وقرار اساسي من المستقبل لحجب قيادة الجيش عن عون، وجولة اقصاء شامل روكز. ولكن نتائج معارك المستقبل السياسية وفق اوساط سياسية خسّرت الحريري كثيراً من رصيده الشعبي لدى جماهيره الخاصة ولم تكسبه رضى واسعاً خصوصاً في الشارع السني ولدى فريق واسع من مسيحيي 14، وحالياً يعمل زعيم المستقبل بعد اعلان معراب على تمتين علاقته بفرنجية ودعمه في استحقاق الرئاسة من خلال السعي الى عودته الى رئاسة الحكومة، لكن هذا الدعم لا احد يعلم ما سيؤول اليه والى اين سيصل، خصوصاً ان الحريري يبدو عاجزاً في هذه المرحلة الاقليمية المعقدة وسط التبدلات الجارية على الساحة الداخلية والاقليمية وبسبب تراجع حضوره ونفوذه في الداخل عن تغيير الكثير من المعادلات وفي الكثير من الاستحقاقات المهمة.