حركة الحريري لإنجاز الإستحقاق الرئاسي تحظى بدعم دولي واسع
وعدم ردّ نصر الله على خطاب البيال مؤشِّّر إيجابي وليس موقفاً سلبياً
رغم الأجواء السلبية على صعيد المنطقة، فما يزال هناك بصيص أمل ضئيل بإنجاز الإنتخابات الرئاسية
ما بين تأكيد الرئيس سعد الحريري التزامه بترشيح نائب زغرتا لرئاسة الجمهورية وبين غياب هذا الاستحقاق عن طاولة الحوار الوطني الملتزمة أساساً بجدول أعمال قوامه انتخاب رئيس جمهورية كأولوية أولى وبين غياب هذا الاستحقاق عن خطاب السيّد حسن نصر الله أمس الأول خلافاً لما كان منتظراً كمثل الردّ على اتهامه وحزبه من قبل زعيم تيّار المستقبل بتعطيل هذا الاستحقاق لحسابات إقليمية وإيرانية تحديداً تستخدم لبنان ورقة مساومة بين هذه وتلك وذلك يتضح للمراقبين السياسيين والدبلوماسيين أن باب انتخاب رئيس جمهورية ما زال مغلقاً بالشمع الأحمر وأن الحركة الناشطة التي أحدثتها عودة الرئيس الحريري وإن كانت حرّكت المياه الراكدة على هذا الصعيد لكنها لم تعطِ بعد ثمارها على الصعيد نفسه لارتباطه بالخارج والموقف الإيراني الذي ما زال لا يرى له مصلحة في الإفراج عن الورقة اللبنانية، قبل أن تنجلي الاتصالات الدولية والإقليمية الجارية حالياً ولا سيما بين الولايات المتحدة الأميركية وروسيا لبلورة صورة حل للأزمة السورية وما يستتبعها من مشاكل أخرى في أكثر من دولة عربية، وهذه الاتصالات ما زالت حتى الآن في بداياتها ولا يوجد أي دليل، لا سيما بعد التصريحات الأميركية الأخيرة حول التدخل العسكري البري للتحالف الدولي لحسم موضوع داعش ومعه الموقف التركي الذي بدا متناغماً إلى حدّ بعيد مع الموقف الأميركي ويشكل مؤشراً شبه حاسم على أن موضوع التدخل البري لم يعد وارداً على الأقل في المدى المنظور وأن الجهود تتركز حالياً على كيفية التوصّل إلى اتفاق لتوصيل المساعدات الإنسانية للقرى التي يحاصرها النظام السوري وحليفاه إيران وحزب الله بدعم من الطيران الروسي الذي ما زال يُركّز ضرباته على المعارضة السورية المعتدلة من دون داعش خلافاً للوعود التي قطعها على نفسه مع الولايات المتحدة الأميركية والدول الغربية.
وما يثير أكثر من علامة استفهام عند هؤلاء المراقبين هو الأنباء التي ترددت في الأربع والعشرين ساعة الماضية عن تأجيل أو إلغاء الزيارة التي أعلن عنها في وقت سابق للعاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز إلى موسكو لإجراء محادثات مع الرئيس الروسي بوتين تتعلق بالأزمة السورية والسبل الآيلة إلى إنهاء الحرب في هذا البلد العربي، والسماح للشعب السوري بأن يُقرّر مصيره بنفسه ومن دون أية وصاية أو ضغط خارجي، واعتبر المراقبون في حال كانت صحيحة مؤشراً على دخول تعقيدات جديدة على الوضع في منطقة الشرق الأوسط وعلى المفاوضات الدولية الجارية لحل الأزمة السورية من شأنها أن تعيد الأمور مجدداً إلى نقطة الصفر في ما يتعلق بمنطقة الشرق الأوسط بمجملها وليس في المناطق الساخنة وحدها.
ورغم كل هذه الأجواء السلبية بالنسبة إلى المشهد الخارجي والإقليمي ما زال بعض المراقبين يرون بصيص أمل ولو ضئيلاً على صعيد الجهود الداخلية التي أطلقها رئيس تيّار المستقبل للوصول إلى إنجاز الانتخابات الرئاسية وانتقال لبنان من مرحلة الاهتزاز الأمني والاقتصادي والاجتماعي وعلى كل المستويات الأخرى إلى مرحلة جديدة يسودها الأمل بالمستقبل هو الاهتمام الدولي البارز بهذه الحركة والإشادة بالمواقف التي أطلقها رئيس التيار الأزرق في الذكرى الحادية عشرة لاغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري والتي عبرت عنها زيارات سفراء الولايات المتحدة الأميركية وروسيا وفرنسا والمملكة العربية السعودية إلى بيت الوسط والإشادة من هناك بمواقف الرئيس الحريري القوية والتي تعكس حقيقة ما يريده اللبنانيون بأكثريتهم الساحقة، كما تعكس رغبة دولهم في أن يشهدوا انفتاحاً لبنانياً قريباً جداً على املاء الشغور في رئاسة الجمورية وعدم الاستسلام للمداخلات الخارجية التي نجحت حتى الآن في تعطيل هذا الاستحقاق وفي تدهور الوضع اللبناني على جميع الصعد ولا سيما الاقتصادية منها والاجتماعية وذلك برغم التجاهل الكامل لهذه المواقف من قبل فريق الثامن من آذار وتصرفه على أساس ان الأمر لا يعنيه من قريب ولا من بعيد.
وذلك على أمل ان لا يعنى من هذا التجاهل رفض المبادرة الحريرية الجديدة بل إعطاء أنفسهم مزيداً من الوقت لترتيب البيت الداخلي واقناع العماد عون بالانسحاب لمصلحة فرنجية الذي بات يحظى بدعم كل القوى الخارجية بمن فيها روسيا التي من المتوقع ان يزورها رئيس «تكتل الإصلاح والتغيير» أواخر الأسبوع المقبل.