IMLebanon

الحريري بحاجة الى خشبة خلاص انتخابية قبل فوات الاوان

قد يكون رئيس الحكومة اضاع البوصلة فوصل الى ساحة رياض الصلح من دون ان يدري ما هي نتائج نزوله في قلب تظاهرة غاضبة وقد يكون سعد الحريري استمع الى نصيحة متهورة من احد مستشاريه فتوجه الى المتظاهرين متعاطفاً مع مطالبهم، وقد يكون من رشق رئيس الحكومة بزجاجة غاضبة هم من جماعة الطابور الخامس او من ارتدوا الأقنعة لإخفاء فعلتهم ومن المندسين المخربين في التظاهرة، وقد يكون ويكون… وحيث تطول لائحة التفسيرات إلا ان المؤكد ان خطوة رئيس الحكومة جاءت مفاعيلها ذو وجهين، ايجابي وسلبي بحسب مصادر متابعة، فالحريري  قام بخطوة شجاعة، وتجرأ حيث لم يفعل آخرون وحاول ان يقلد نموذجاً معيناً او ان  يكون على غرار مسؤولين في دول غربية او متحضرة، في حين يرى اصحاب النظرية السلبية ان الخطوة غير المدروسة كان من الممكن ان تأتي بعواقب وخيمة وان تتسبب بكارثة أمنية فيما لو تتطور الاشكال ولم يتم سحب الحريري بالوقت المناسب، ونتيجة خطوته لاصحاب هذه النظرية هي بمعدل «الصفر» شعبوياً حيث حلت نقمة المتظاهرين واختصرت الجماهير الغاضبة سعد الحريري بنقمتها.

لكن بعيداً عن الايجابية والسلبية فان اللافت في كل ما جرى هو التضامن السياسي وتحديداً السني مع ما جرى مع رئيس الحكومة وتعاطف الحلفاء على الساحة السنية كما الأخصام مع ظاهرة التعرض لرئيس الحكومة كونها تمس الطائفة السنية واللافت اكثر قراءة ما يجري بين السطور وفي الكواليس على الساحة السنية في اعقاب هواجس القانون الانتخابي الذي سيطال بالدرجة الاولى «رأس» سعد الحريري في حال أتى القانون لا يناسب تيار المستقبل، فالنائب مصباح الأحدب استفزته زجاجة رياض الصلح واللواء اشرف ريفي ارتدى درع الدفاع عن مقام الرئاسة السنية ولو كان خصمه الحريري هو المستهدف، وتغريدات ميقاتي والصفدي وقيادات سنية على وسائل التواصل الاجتماعي تفي بالمطلوب التضامني واكثر، فيما  يبدو ما يفعله ميقاتي مؤخراً سواء بالتضامن مع رئيس الحكومة بالموقف مما جرى او في الرسالة التي وجهها من مسجد محمد الأمين الى «ألأخ والصديق سعد» امراً استثنائياً يستدعي التوقف مطولاً عند مضامينه وابعاده. فهل يمكن اعتبار ما جرى مقدمة لتحالف انتخابي بين الحريري وميقاتي او التفاف طرابلسي حول رئيس الحكومة ام هو مجرد موقف تضامني فرضته الظروف التي حاصرت الحريري في التظاهرة فكان لا بد من الدفاع عن مقام رئاسة الحكومة السنية.

يمكن القول ان كل الاحتمالات واردة برأي المصادر، الا ان المؤكد انها المرة الاولى في تاريخ الحكومات التي يحصل فيها التفاف سني على هذا الشكل، فالرئيس نجيب ميقاتي بغض النظر عن الظروف السياسية التي سادت في تلك المرحلة عانى الأمرين من اخصامه على الساحة السنية وحكومته كانت محاصرة ومشلولة من قبل المستقبل بشعارات حكومة سوريا وحزب الله واتهم بتقويض الزعامة الحريرية في الشمال واستغلال غياب سعد الحريري عن الحكم لملء الفراغ في الشارع السني كما اتهم بدعم التيارات الإسلامية المتشددة في المدينة لتثبيت حيثيته السنية وكسب ود الشارع، ولطالما تخبط ميقاتي في عهده بين عواصف 8 و14 آذار فـ8 آذار لم تحسبه بالكامل عليها وتعاملت معه على انه «شبه وسطي» فيما 14 آذار اعتبرته خصماً اساسياً.

واشارت المصادر الى حال رئيس الحكومة السابق تمام سلام لم تكن بافضل عندما كانت تدور الحروب السرية في المقرات وفي الخارج لمحاصرته واضعافه فيما كان كسب ود الحريري الحقيقي عليه عملية معقدة. وعليه يمكن القول ان حكم الحريري اليوم لا يواجه الأزمة السياسية نفسها وقد يعود ذلك الى الانتقال السياسي الذي أنجزه الحريري والى المرحلة السياسية المختلفة التي تسود على الساحة. فالقوى السنية تدافعت لتأييد ودعم رئيس الحكومة والخصم الابرز اشرف ريفي وجد انه لا بد من اصدار موقف تضامني مع الرئاسة السنية فيما كان لافتاً مؤخراً ايضاً لقاء بيت الوسط الذي جمع رؤساء الحكومة السنيورة وسلام وميقاتي على اختلافاتهم في كادر واحد.

والواضح كما تقول المصادر ان الحريري يقوم بتحصين ساحته السنية المشرذمة التي تأثرت بغيابه السياسي ويحاول ان يلملم شظايا الخلافات السنية او يعمل على دوزنتها وضبطها خصوصاً وان التقارير والدراسات الاحصائية التي تصل اليه لا تبشر بنتائج انتخابية لصالحه نتيجة تراجع شعبيته ووضع تياره وحيث ان اصلاح الوضع الشعبي يحتاج الى جهود استثنائية ووقت قد يطول ولا يمكن استلحاقه قبل الانتخابات النيابية، وبالتالي فان الحريري سيكون ملزماً على المبادرة الى خطوة شجاعة ومختلفة مع القيادات السنية، فرئيس الحكومة يعيش مأزق اي قانون انتخابي وبحاجة الى خشبة خلاص انتخابية يتكىء عليها قبل ان يفوت الآوان، والاصطفافات السنية اذا حصلت في طرابلس قد لا تكون في مصلحته خصوصاً وان المجتمع الطرابلسي مرهق ومنهك بالفقر وقد كانت شرارة  انطلاقة التظاهرات ضد السلسلة الضرائبية من الهيئات المدنية في طرابلس، فيما يبدو المأزق الانتخابي للمستقبل جلياً في شوارع وأزقة طرابلس حيث لم تعد تنطلي الجولات التفقدية وعند اللزوم والحشرة الانتخابية على القواعد الشعبية وحيث ان أشرف ريفي سبق المستقبل باشواط وهذا ما بدا واظهرته النتائج الانتخابية في صناديق البلديات.

واذا كانت القراءات والتفسيرات تتعدد وتذهب في اتجاهات مختلفة حول مسار الأمور على الساحة السنية، إلا ان لا شيء يلغي فرضية قيام تحالف انتخابي كما تقول اوساط سياسية بين الماردين او الزعيمين  السنيين حيث تقتضي  المصلحة الانتخابية فالحريري يحتاج الى تحقيق اختراقات في الاصطفافات السنية بوجهه، فيما مشهد «الاقوياء» ورؤوس الأموال او «المليارات الثلاثة» الطرابلسية سقطت في الانتخابات البلدية في الاستحقاق الأخير.