على جاري عادته السنوية منذ مغادرته لبنان، استضاف الرئيس سعد الحريري في قصره في جدّة وزراء التيار ونوابه وكوادره الأحد والاثنين الماضيين لمناقشة القضايا التي تهمّ تيّاره وقواعده. ولأن لطرابلس «وضعاً خاصاً»، خصّص الحريري لها واحداً من اللقاءين اللذين توجّهت إليهما أنظار قواعد التيار الأزرق لتلمس معالم خريطة الطريق في المرحلة المقبلة، أقله وفق رؤية الحريري وقيادة تياره لها.
مصادر مطلعة في تيار المستقبل أوضحت لـ»الأخبار» أن اللقاءين «تناولا أكثر من نقطة، سياسية ومالية وتنظيمية، فضلاً عن التطرّق إلى الأوضاع في لبنان والمنطقة». وقلّلت من التوقعات عن إمكان أن ينتج منهما «خرق معين عبر إيجاد حلول للقضايا السياسية العالقة»، لافتة إلى أنه «وضعنا في أجواء غير مطمئنة بتأكيده عدم وجود آفاق للحلّ في لبنان والمنطقة في المرحلة المقبلة». وشدّد الحريري، وفق المصادر، على «ضرورة الابتعاد في المرحلة المقبلة عن أي تصرّف أو موقف قد ينعكس تشنجاً سياسياً في الشارع»، داعياً مسؤولي التيار وكوادره إلى «عدم الانسياق وراء ردود الفعل والحفاظ على رباطة الجأش»، محذراً إيّاهم من «الانغلاق المذهبي لما يشكل من خطورة على لبنان في هذه المرحلة».
وعن الأزمة المالية الخانقة التي يعاني منها التيار الأزرق منذ ما بعد انتخابات 2009 النيابية، التي وصلت إلى حدّ عدم تقاضي موظفي مؤسسات التيار رواتبهم منذ أشهر، أوضحت المصادر أن اللقاءين «لم تكن لهما علاقة بالأزمة المالية التي نعاني منها. فالشأن المالي متعلق بالحريري دون سواه، وعندما تتحسن أحواله تتحسن أحوالنا. ونحن تصرفنا وسنتصرف على أساس أن لا أموال لدينا لنتحرك».
طلب من ريفي وكبارة «التعاون مع المشنوق» و«مواجهة» ميقاتي
تنظيمياً، شكل اللقاء الأول للحريري مع وزراء ونواب وكوادر تياره في طرابلس خروجاً عن اللقاء الموسع الذي يعقده عادة مع مسؤولي الكتلة النيابية وقيادته السياسية. وجاء اللقاء «الطرابلسي» بناءً على رأي مفاده أن لطرابلس «وضعاً خاصاً، ومن الضروري تخصيص لقاء منفرد لها».
وفيما بحث الحريري شؤون التيار والكتلة والقضايا السياسية المهمة في اللقاء الذي جمعه مع الرئيس فؤاد السنيورة والوزير نهاد المشنوق والنائب سمير الجسر، ناقش شؤون طرابلس فقط، مع مدير مكتبه نادر الحريري والأمين العام للتيار أحمد الحريري والوزير أشرف ريفي والنائب محمد كبارة ومنسق التيار في المدينة مصطفى علوش ومنسقه في الشمال عبد الغني كبارة، بينما حضر النائب أحمد فتفت من خارج المدينة كـ»ضيف»، وفق المصادر التي أوضحت أن «لا نيّة لدى الحريري لعقد لقاءات أخرى مع نواب وكوادر في بقية المناطق، مكتفياً بالإفطار الجماعي الذي سيقيمه في 12 تموز الجاري، والذي سيلقي فيه كلمة عبر الشاشة».
خلال اللقاء «الطرابلسي» حرص الحريري على إجراء مصالحة داخلية وعملية غسل قلوب بعد خلافات متراكمة أدت إلى شلّ عمل التيار، قبل البحث في «إعادة تفعيل التيار والمنسقية في المدينة، وإعطائها هامشاً أوسع في المرحلة المقبلة». وأملت المصادر أن «تستمر مفاعيل هذا اللقاء وزخمه فترة طويلة، عكس ما حصل العام الماضي».
وقد شدّد الحريري على الوحدة الداخلية داخل تيّاره، وطلب من ريفي وكبارة «التعاون مع المشنوق»، من دون أن يتجاهل ضرورة «مواجهة» الرئيس نجيب ميقاتي في طرابلس ومحاصرته، بعدما أظهرت بعض استطلاعات الرأي «حضوره القوي» في المدينة، وامتداد نفوذه أخيراً إلى الضنية وعكار.
وإذ أشارت المصادر الزرقاء إلى أن «تعاملنا مع ميقاتي سيكون بالقطعة»، أكدت مصادر سياسية متابعة أن الحريري طلب ممّن حضروا اللقاء الطرابلسي أن «لا يوفروا مناسبة للنيل من ميقاتي، والعمل على منعه من التمدّد خارج طرابلس».