IMLebanon

الحريري ينفتح على كرامي.. بحسابات طرابلس

لم يرُق للرئيس سعد الحريري مشهد احتضان الرئيس نجيب ميقاتي للوزير السابق فيصل كرامي وعائلته، طيلة فترة العزاء بالرئيس الراحل عمر كرامي منذ لحظة وفاته وحتى ذكرى الأسبوع، لذلك سارع الى إيفاد مدير مكتبه نادر الحريري الى طرابلس في اليوم الثالث للعزاء للوقوف الى جانب العائلة الكرامية في مصابها، وليكون له نصيب من هذا الاحتضان وعدم حصره فقط بالرئيس ميقاتي.

وقد راح الحريري إلى أبعد من ذلك، فبعد أن ترافق ميقاتي وكرامي في طائرة الأول الى السعودية لتقديم واجب العزاء برحيل الملك عبدالله بن عبدالعزيز، أرسل الحريري طائرته الخاصة قبل أيام لنقل كرامي الى السعودية، حيث استضافه في منزله في الرياض الى مائدة الغداء وكان الطبق الرئيسي عليها الطائفة السنية والأمن في لبنان ومدينة طرابلس.

يتابع الرئيس الحريري باهتمام بالغ تفاصيل العلاقة التي تجمع الوزير كرامي بميقاتي، ويدرك أن ترجمة هذه العلاقة بتحالف سياسي يضم الرجلين الى جانب النائب محمد الصفدي من شأنه أن يصيب مقتلاً من تيار «المستقبل» الذي يواجه تراجعاً كبيراً على المستوى الشعبي في طرابلس لأسباب عدة: أبرزها عدم الإيفاء بكل الوعود التي قطعها منذ انتخابات العام 2009، فضلاً عن اتهامه بتخليه عن أبناء طائفته، بعدما دفع بعضهم الى حمل السلاح دفاعاً عنه.

ويدرك الحريري أيضاً أن فيصل كرامي بعد وفاة والده ليس كما قبله، خصوصاً في ظل الاحتضان الشعبي الذي شهده عزاء «الأفندي» وشكل إجماعاً وطنياً على ضرورة دعم مسيرة «الأفندي الابن» ليبقى البيت الكرامي مفتوحاً وفاعلاً في السياسة اللبنانية.

ويبدو أن الحريري يسعى الى تمرير المرحلة السياسية الراهنة بأقل الخسائر الممكنة، ويضع نصب عينيه عدم إفساح المجال أمام ميقاتي لتحقيق أي استفادة من التراجع الذي يشهده التيار الأزرق، لذلك فقد عمل مجدداً على استمالة فيصل كرامي بدعوته الى السعودية لأسباب عدة أبرزها:

أولاً، دخول الحريري كشريك مضارب على ميقاتي في علاقته الممتازة التي تجمعه مع فيصل كرامي.

ثانياً، محاولة الحريري التشويش على إمكانية أن تتحول هذه العلاقة الى تحالف سياسي على مستوى طرابلس، كما حاول التشويش سابقاً على علاقة ميقاتي بالنائب محمد الصفدي، وكما سعى الى فرط عقد «التكتل الطرابلسي» الذي كان يضم الصفدي والنائبين محمد كبارة والراحل موريس فاضل.

ثالثاً، محاولة التخفيف من اللهجة المرتفعة التي ورثها فيصل كرامي عن والده حيال حقوق طرابلس وتقصير حكومات «المستقبل» بحقها.

وتشير المعطيات المتوفرة لـ «السفير» الى أن كرامي قام بتلبية دعوة الحريري لاستكمال التواصل الذي بدأ منذ العام 2010، وللبحث في الأوضاع العامة.

وتؤكد مصادر مطلعة على أجواء الزيارة «أن كرامي أكد تمسكه بالمبادئ التي وضعها والده، وبعلاقته مع الرئيس ميقاتي، وبقناعاته وبثوابته الوطنية والطرابلسية»، مشدداً على «ضرورة التعاون من أجل حماية لبنان عموماً والطائفة السنية بشكل خاص»، طارحاً فكرة تعاون كل مكونات طرابلس من أجل إجراء مصالحات سنية ـ علوية تهدف الى إقفال الجرح النازف في التبانة وجبل محسن.

وتقول المصادر نفسها إن الحريري أبدى إيجابية واستعداداً للانفتاح على الجميع، مؤكداً أن الخط الأحمر الوحيد لديه هو الأمن الذي لا يجوز التهاون به، مثنياً على كل الخطوات التي قام بها وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق من أجل الحفاظ على الأمن والاستقرار.

وتشير المصادر إلى أن الطرفين توافقا على أن طرابلس تحتاج الى جهود الجميع من أجل تفعيل مشاريعها والنهوض بها وأن هذا يتطلب تعاون جميع مكوناتها.

وحول علاقة الحريري مع ميقاتي، يؤكد مقرّبون من كرامي أنه ليس وسيطاً بين الرئيسين، بل هو جزء من تركيبة سياسية في طرابلس، «لكنه لن يتأخر في السعي من أجل حلحلة بعض العقد التي من شأنها أن تصبّ في مصلحة المدينة»، مؤكدين «العلاقة الممتازة» التي تربط بين ميقاتي وكرامي.