لا رئيس للجمهورية متوقّعاً انتخابُه في جلسة الانتخابات الرئاسية الخامسة والأربعين المقرّرة في 28 الجاري، سواءٌ أكان رئيس تكتّل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون، أو زعيم تيار «المردة» سليمان فرنجية أو غيرهما، لكنّ الظروف التي وصَلت إليها البلاد باتت تفرض انتخابَ رئيس قبل نهاية السنة، وإلّا سيطول الانتظار لسنةٍ أو أكثر، حسب قول مرجع وزاري.
يقول هذا المرجع بدايةً إنّ الرئيس سعد الحريري لم يقطع أيَّ التزام لعون، مباشرةً أو عبر أحد معاونيه، بأنه سينتخبه، وأنّه آتٍ الى جلسة 28 الجاري لينفّذ هذا الالتزام، ولكنّ تبنّي ترشيح عون مطروح لديه كفِكرة تحتاج الى تشاور واسع قبل البتّ به قبولاً أو استبعاداً.
ويضيف: «حتى ولو افترَضنا جدلاً أنّ الحريري عاد الى بيروت غداً، فإنّ عودته لن تؤدي إلى انتخاب رئيس في جلسة الانتخاب المقررة في 28 الجاري، لأنه عندما سيعود سيُجري مشاورات في الخيار الذي سيَعتمده مع رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة تمام سلام وعون ورئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع وآخرين، وانتهاءً بتيار «المستقبل»، وهذه المشاورات تحتاج الى أسبوع على الأقلّ لإنجازها واتّخاذ القرار، علماً أنّ الحريري يُجري في الخارج مشاورات تشمل المملكة العربية السعودية وروسيا وتركيا وفرنسا والولايات المتحدة الاميركية في شأن الاستحقاق الرئاسي.
ويكشف المرجع الوزاري نفسُه أنّ الحريري طرَح خلال اجتماع لكتلة «المستقبل» قبَيل سفره إلى الخارج ثلاثة خيارات:
الأوّل: الاستمرار في ترشيح فرنجية.
الثاني: الذهاب إلى المواجهة مهما كلّفت من أثمان.
الثالث: التفكير في تبنّي ترشيح عون.
بعض أعضاء الكتلة حبّذوا خيارَ الذهاب الى المواجهة للوصول من خلالها الى تسوية يحقّق فيها تيار «المستقبل» مكاسبَ تعزّز موقعه ورصيدَه في مستقبل الواقع السياسي في البلاد.
ويشدّد المرجع الوزاري نفسُه على أنّ البلاد لم تعُد تحتمل تأخيراً في انتخاب رئيس للجمهورية لأنّ هناك مخاطر اقتصادية وماليّة كبيرة تتهدّدها، وأنّ المعالجات التي أجراها حاكم مصرف لبنان رياض سلامة للوضع المالي بزيادة الاحتياط سبعة مليارات من الدولارات هي معالجات موَقّتة وجزئية.
ويؤكّد المرجع انّ رئيس الجمهورية الجديد سيُنتخَب حتماً قبل نهاية السنة، وأيّ تأخير في ذلك سيضَع البلاد على لائحة الانتظار لسنةٍ وثلاثة أشهر حتى يُنتخب هذا الرئيس.
وفي رأيه أنّه لا ينبغي تعليق مصير الاستحقاق الرئاسي في انتظار نتائج انتخابات الرئاسة الاميركية، فالخارج لا يُعير لبنان أيّ اهتمام، وإنّ كلّ ما يجري في شأن الاستحقاق هو لبننَتُه. فالسعوديون غير مهتمّين ولا يتدخّلون في هذا الصَدد، والإيرانيون يقولون لسائليهم إنّ انتخاب الرئيس اللبناني هو شأن داخلي لا نتدخّل فيه.
ولكنّ الجميع في الداخل والخارج يُبدون الحرص على الاستقرار اللبناني الذي يشكّل مصلحة يتقاطعون عليها. فلبنان بالنسبة إلى «حزب الله» والآخرين هو «ساحة إمداد» وليس «ساحة جهاد» مثل سوريا والعراق وغيره، لكنّ عامل الاستقرار هذا لا يكفي لضمان انتخاب رئيس إذا ما علمنا أنّ الوضع الاقتصادي والمالي بات يضغَط لإنجاز هذا الاستحقاق أكثر من أيّ عامل آخر.
علماً أنّ موضوع النازحين يساهم هو الآخر في الاستقرار، لأنّ عدم الاستقرار قد يدفَع النازحين بالذهاب الى اوروبا، وهو ما لا يريده الأوروبيون.