Site icon IMLebanon

الحريري… ام سعد ومراد وكرامي؟

 

لأنّ السياسة فيها الكثير من المصالح، وعلى بُعد أشهر من الإنتخابات النيابيّة، غابت الإنتقادات وحتى التهجّمات الدوريّة التي كان يتعرّض لها رئيس الحكومة سعد الحريري و«تيّار المُستقبل» عُمومًا، وصارت التصاريح والمواقف الصادرة عن مسؤولي وشخصيّات «محور المُقاومة»، وعن «التيّار الوطني الحُرّ» أيضًا، خالية من أي إنتقادات، لا بل مليئة بالإشادة والدعم والمؤازرة في ظلّ حديث مُتصاعد عن تحالفات إنتخابية واسعة ستضمّ «المُستقبل» إلى مجموعة القوى التي كانت مُتحالفة في دورة إنتخابات العام 2009. لكنّ التقارب السياسي الكبير مع «المستقبل» والذي تُرجم بوضوح تباعدًا بين الحريري وأغلبيّة القوى الحليفة السابقة، بدأ يصطدم بتفاصيل تحضير اللوائح، مع بروز العديد من العقبات الميدانية. وفي الوقت عينه لاحظ زوّار شخصيّات سنّية ودرزيّة محسوبة على «محور المُقاومة» إرتفاع أصوات هؤلاء، وتساؤلهم جدّيًا عمّا يُحاك من تحالفات، وتحذيرهم من مغبّة إحراجهم فإخراجهم. فما هي المعلومات في هذا الصدد؟

بحسب أوساط سياسيّة مطلعة، إنّ الهدف الأساسي من تمسّك «حزب الله» بقانون إنتخابي يعتمد «مبدأ النسبيّة»، ومُعارضته لطروحات عدّة كان رئيس «التيّار الوطني الحُرّ» الوزير جبران باسيل قد أطلقها خلال مرحلة البحث في القانون الإنتخابي الجديد، يتمثّل في إيصال شخصيّات سنّية ودرزيّة محسوبة على «محور المُقاومة»، وتتمتّع بحيثيّة شعبيّة في بيئتها، لكنّ القانون الأكثري كان يحرمها من الوُصول إلى الندوة البرلمانيّة، خاصة وأنّ «الحزب التقدمي الإشتراكي» يملك أغلبيّة عدديّة في الطائفة الدرزيّة، و«تيّار المُستقبل» كان حتى الأمس القريب يملك أغلبيّة عدديّة في الطائفة السنّية. وأضافت أنّ من بين هذه الشخصيّات رئيس «التنظيم الشعبي الناصري» الدكتور أسامة سعد، ورئيس «حزب الإتحاد» عبد الرحيم مراد، ورئيس «تيّار الكرامة» فيصل كرامي، والنائب السابق وجيه البعريني، وغيرهم. وتابعت الأوساط أنّ «القانون النسبي» قد يُشكّل أيضا فرصة مُؤاتية لعودة شخصيّات مثل النائب السابق نجاح واكيم إلى الندوة البرلمانية، ولتعزيز حُضور قوى حزبيّة ممثّلة حاليًا فيه، ومنها «الحزب القومي السوري الإجتماعي» على سبيل المثال لا الحصر.

ونبّهت الأوساط السياسيّة نفسها إلى أنّ أيّ تحالف بين «التيّار الوطني الحُرّ» و«تيّار المُستقبل» يعني حُكمًا إضطرار هذا الأخير عن التنازل عن العديد من المقاعد المسيحيّة التي كان يُسيطر عليها، لصالح «الوطني الحُر» في مُقابل أن يدعمه «التيار البرتقالي» للإحتفاظ بمقاعده السنّية بالدرجة الأولى. وسألت هذه الأوساط: «هل يُعقل مثلاً أنّ يدعم المُستقبل مرشّحي الوطني الحًرّ في جزين، ثم يستغني عن أحد مقاعده في صيدا لصالح النائب السابق أسامة سعد»؟ و»هل يُعقل مثلاً أن يُقدّم المُستقبل أحد المقعدين المسيحيّين في دائرة البقاع الغربي راشيا لصالح الوطني الحُر مُضحيًا بأحد نوّابه، ثم يُضحّي أيضًا بأحد المقعدين السنّيين لصالح الوزير السابق عبد الرحيم مراد»؟

ولفتت الأوساط  السياسيّة المُطلعة إلى أنّ هذا الواقع ينطبق على مُختلف الدوائر تقريبًا، بحيث أنّ تحالف «التيار الوطني الحُرّ» مع «تيّار المستقبل» لا يُمكن أن يتم إلا على حساب أسماء عدّة محسوبة على «محور المقاومة» كانت ظنّت أنّ الوقت حان للعودة مُجدًدًا إلى البرلمان، مُتسائلة ما إذا كان «حزب الله» مُستعدًّا للتخلّي عن شخصيات مثل سعد ووهاب ومراد وكرامي وغيرهم لإنجاح التحالف بين «الوطني الحُرّ» و«المُستقبل»، وما إذا كان «الوطني الحُرّ» في هذا الوارد أصلاً! وكشفت الأوساط نفسها أنّ الشخصيّات المذكورة بعثت رسائل واضحة لكل القوى الحليفة، بما فيها «حزب الله» و«التيار الوطني الحُرّ» بأنّها لن تقبل بتركيب أي تحالفات على حسابها، وبأنّها ستخوض المعارك الإنتخابية ولوّ من خارج هذه اللوائح!

وختمت الأوساط السياسيّة تحليلها بالقول إنّه في حال كان «المُستقبل» جاهزًا للدُخول في تحالف إنتخابي عريض يُلزمه التضحيّة بنوّابه المسيحيين لصالح «الوطني الحُرّ» وبجزء من نوّابه السنّة لصالح «محور المُقاومة»، في مُقابل ضمانات بعودته إلى موقع رئاسة الحُكومة بغضّ النظر عن نتائج هذه الإنتخابات، فإنّ السؤال الذي يفرض نفسه عندها هو: «هل سيكون الرئيس الحريري صاحب أكبر كتلة نيابيّة ضُمن الطائفة السنّية، ليكون المُمثل الأكبر لها إنطلاقًا من المبدأ القائل بأنّ الأقوياء يُمثلون طوائفهم، وهو المنطق الذي كان قد أوصل العماد ميشال عون إلى سدّة الرئاسة، أم أنّ سواه سيحظى بهذه الصفة»؟!