اذا كان من البديهي بمكان ان تسود اجواء من الارتياح والهدوء الشارع المحلي عشية تأييد الرئيس سعد الحريري ترشيح العماد ميشال عون للرئاسة الاولى واقفال ملف الشغور لتدور محركات الدولة المعطلة والعاطلة عن العمل، بفعل ذلك فان المجريات على الساحة المحلية كانت عكس البديهي المتوقع حيث ساد جو من القلق واحاط العملية برمتها من خلال الطوابير الخامسة التي اطلقت موجة من الشائعات المسمومة حول نزول عناصر من حركة «امل» الى الشارع للتعبير عن رفضها ترشيح عون من قبل الحريري، وان الشارع الطرابلسي سيشهد حركة عصيان على خلفية رفض الوزير اشرف ريفي «تسليم البلد للمشروع الايراني وان الغد لناظره قريب»، ما يطرح الكثير من الاسئلة وعلامات الاستفهام حول الجهات المتضررة من انجاز الاستحقاق الرئاسي والتي لجأت الى اغراق الشارع بشائعات تبين ان جميعها كاذبة، اضافة الى اقدام جهات لرفع صور تجمع رئيس مجلس النواب نبيه بري بقائد الجيش جان قهوجي سرعان ما سارعت الاجهزة المعنية الى ازالتها، ما يشير الى ان الطوابير الخامسة لن تهدأ قبل حلول موعد جلسة الانتخابات الرئاسية في 31 من الجاري وان الايام التي تفصلنا عنها ستكون ملعباً للاشباح وفق الاوساط المواكبة للمجريات.
فعلها الحريري اخيرا وتجرع كأس العلقم بتأييده ترشيح الجنرال دون ان يرشحه، لقد لعب «الصولد» الاخير مغامراً بكل شيء من خسارته للقواعد الشعبية في الشارع السني الى تمرد اعضاء من نواب كتلة «المستقبل» على موقفه، كما تقول الاوساط، معلناً انه على استعداد للتضحية بكل شيء وحتى بنفسه لحماية من يحب وعلى قاعدة «لبنان اولاً» وفق ما خلص اليه في كلمته التي القاها في بيت الوسط معيداً الى الاذهان كلمة الشهيد رفيق الحريري ان «لا احد اكبر من بلده».
وتضيف الاوساط ان الهواجس المقلقة تسود اوساط تباري «الوطني الحر» و«المستقبل»، فالقيادة البرتقالية طلبت من عناصرها عدم الاحتفال بتأييد ترشيح الحريري للجنرال كون انتخابه رئيساً لم ينجز بعد وعلى قاعدة «لا تقول فول حتى يصير بالمكيول»، فعون مسكون بالهواجس من ان تكون الجلسة الرئاسية المرتقبة عملية استدراج كون ربع الساعة الاخير هو من يصنع الرئيس، لا سيما انه في مسيرة الانتخابات الرئاسية نام مرشحون رؤساء واستفاقوا على وصول غيرهم، فالنائب حميد فرنجية نام رئيساً وايقظوه على وصول الرئيس كميل شمعون الى قصر الرئاسة في القنطاري، وكذلك الرئيس الياس سركيس الذي غفا رئيساً واستفاق على وصول الرئيس سليمان فرنجية، اما الراحل بشير الجميل فقد انتخب رئيساً ولم يدخل القصر الجمهوري وكذلك الشهيد رينيه معوض، اما النائب مخايل ضاهر فقد نام رئيساً وفق اتفاق الاسد – مورفي وايقظوه على الفوضى، وما يقلق عون ان الحريري سبق له واحرق رئيس «حزب القوات اللبنانية» سمير جعجع بترشيحه ومن بعده النائب سليمان فرنجية فماذا يمنع ما يتم احراقه ايضاً.
وتشير الاوساط الى انه اضافة الى ما تقدم فان موقف بري يؤخذ بالحسبان فهو يسير بفرنجية رئيساً وان لقاءه مع عون الذي زاره اثر ترشيحه من قبل الحريري كان بارداً فهو «سمع منه وسمع مني» والاختلاف لا يفسد في الود قضية، فبين الرجلين قضاء جزين اولاً ونسف طاولة الحوار ثانياً، ناهيك بانهما قماشتان مختلفتان في الشمل والجوهر، وان «الثأر طبق يؤكل بارداً» فبري يريد رد الرجل للجنرال وعلى قاعدة «وقعت ام رماك الحبل» فهل يدخل «حزب الله» على الخط بعدما ادى عون واجبه تجاه بري، وهل نضج فعلاً الطبق الرئاسي وما موقف القوى الاقليمية ومراكز القرار الدولية وما صحة موقف دمشق الرافض لعودة الحريري الى رئاسة الحكومة وهل يسهل ذلك انجاز الاستحقاق الرئاسي ام انه يطيح بكل شيء، وهل تحصل الجلسة المرتقبة ام تؤجل لاسباب قد تطرأ في الوقت الضائع؟