لا نغالي إذا أدرجنا زيارة الرئيس سعد الحريري الى موسكو في إطار الأحداث اللبنانية البارزة ذات الأهمية التي ربما تشكّل منعطفاً في مسار الأحداث المهمة التي يشهدها لبنان والمنطقة في هذه المرحلة التاريخية الحسّاسة.
الزيارة توجت، امس، بلقاء الرئيس الروسي ڤلاديمير بوتين، الرجل الذي إنتشل روسيا من البلادة والتخاذل والتردّد والرسو في آخر صفّ الكبار، وارتقى بها الى المصافّ الذي كانت فيه موسكو في المقدمة بالتوازي مع الولايات المتحدة الأميركية.
لماذا الزيارة على قدر كبير من الأهمية؟
ببساطة لأنّ السلّة التي يحملها الحريري الى موسكو تنطوي على مسائل تكاد تعتبر وجودية مصيريّة بالنسبة الى لبنان. ولعلّ الكلام المتبادل بين الضيف والمضيف تركّز على نقط لافتة.
يكفي أن نذكر أنّ رئيس الحكومة اللبنانية حرص على أن يبحث مع المسؤولين (الذين التقاهم بدءاً بنظيره الروسي ديمتري ميدڤيديف ووزير خارجيته سيرغي لاڤروڤ (…)، وأمس مع «القيصر» ڤلاديمير بوتين) قضايا لافتة جداً أبرزها تسليح الجيش اللبناني. وأيضاً بعض الأمور التي أشار إليها بيان المكتب الإعلامي للرئيس الحريري وفي مقدمتها ابداء الرغبة اللبنانية بأن يطلب الجانب الروسي من المسؤولين في دمشق إتمام عملية ترسيم الحدود بين لبنان وسوريا، ومساعدتنا على تحييد لبنان عن أي صفقات قد تحصل خلال البحث عن إيجاد التسوية في سوريا، وأيضاً المساعدة الروسية لتحقيق عودة النازحين السوريين الى بلدهم (…). مهماً ومفيداً كان الرئيس ميدڤيديڤ وهو يجزم «أؤكد لكم أننا نريد أن نبقى أصدقاء للبنان وللشعب اللبناني (…) وأننا ندعم بشدّة سياستكم (سياسة الحريري والحكومة) الداعمة لوحدة شعب لبنان وسيادته ووحدة أراضيه (…) وأهنئكم على النجاح في ما يخص القضاء على العصابات المتطرّفة داخل حدودكم وهذا أمر مهم جداً». وبالقدر ذاته كان لافتاً وصف ميدڤيديڤ زيارة الحريري بأنها «زيارة متكاملة» أمل منها أن تفتح صفحة جديدة أمام العلاقات الروسية اللبنانية.
الرئيس الحريري عزف للروسي على وتر حسّاس بقوله ان هناك لحظة تاريخية يمكن من خلالها الإستثمار (…) هناك شركات روسية في المناقصة المطروحة للغاز، ونحن حرصاء على وجودها في هذا الإستثمار وسنطلق قريباً مشروعاً للإستثمار في البنى التحتية ونريد أن تأتي الشركات الروسية وتعمل في لبنان.
لقد تعددت الزيارة الرسمية اللبنانية الى موسكو، وكذلك الزيارات الخاصّة لرجال إقتصاد ومال وأعمال، ولرجال سياسة بصفة شخصية…. ومن أسف أنها بأكثريتها كان مفعولها ينتهي ما أن يغادر الزائر مطار موسكو. والأمل ألا تكون زيارة الرئيس سعد الحريري على غرار سابقاتها.
ولقد يكون السؤال المركزي: لماذا لا نشتري السلاح من روسيا إذا كان غير مشروطاً إلاّ بثمنه؟!. ولا نريد التذكير بتجارب الماضي البعيد والقريب فقط نريد أن نحث على تنويع أسلحة الجيش وسائر القوى المسلّحة… ولمَ لا؟!.