أوساط وزير العدل: موقفنا يعكس موقف الأكثرية الطرابلسية
تكرّس الاختلاف بين قيادة «تيار المستقبل» وبين وزير العدل أشرف ريفي حول مبادرة الرئيس سعد الحريري بترشيح النائب سليمان فرنجية الى رئاسة الجمهورية.
وجاء حفل افتتاح مدرستيّ باب التبانة في طرابلس ليكشف حجم الهوة التي بدأت تتسع بين قيادة «المستقبل» وبين ريفي الذي غاب عن الاحتفال، وآثر المشاركة في قداس الذكرى الـ 26 لاستشهاد الرئيس رينيه معوض الذي أقيم بالتزامن في زغرتا، في وقت رسم فيه الأمين العام لتيار «المستقبل» أحمد الحريري سقفا لكل الاعتراضات على المبادرة الرئاسية، عندما أعلن أن «لا كلمة تعلو فوق كلمة سعد الحريري في تيار المستقبل»، موجها رسالة واضحة الى ريفي والى غيره من المعترضين ضمن التيار من دون أن يدخل في التسميات.
ومن المفترض بحسب أوساط «مستقبلية»، أن يضع السقف الذي رسمه الحريري المعترضين أمام خيارين لا ثالث لهما، فاما الانضباط والقبول بالمبادرة الرئاسية، أو الخروج من «تيار المستقبل» الذي بدأ يعمل على تطويق المعترضين وفي مقدمتهم ريفي من خلال الايعاز الى وسائل إعلامه المرئية والمسموعة بعدم تغطية أو نشر أي تصريح له علاقة بالاعتراض على مبادرة الحريري.
وإذا كانت أكثرية «المستقبليين» المعترضين قد وصلتهم الرسالة الحريرية وفهموا مضمونها، فان ريفي ما يزال مصرا على «التمرد»، وهو كرر موقفه الرافض لترشيح فرنجية للرئاسة في مقابلته الأخيرة مع وكالة «الأناضول» التركية، ما يشير الى أن الأمور ماضية نحو مزيد من تأزم العلاقة بينه وبين «القيادة الزرقاء».
وتقول أوساط ريفي لـ «السفير» إن ما جاء على لسان أحمد الحريري لا يعنيه، لأن ريفي ليس منظما ضمن تيار «المستقبل»، بل هو يشكل حالة حريرية قائمة بذاتها لها توجهاتها الخاصة، وهو لن يسير بعكس قناعاته مهما كلف الأمر.
وذكّرت أوساط ريفي بتحفظه على البيان الوزاري لحكومة المصلحة الوطنية، وكيف أصرّ يومها على موقفه برغم كل الاتصالات التي جرت معه، لافتة الانتباه الى أن ريفي كرر اعتراضه على ترشيح فرنجية للرئاسة مرتين، وهو لن يتراجع لأنه يعتبر أن وصول فرنجية الى الرئاسة يشكل نكسة لكل قوى 14 آذار، ويسيء الى التضحيات والى دماء الشهداء الذين سقطوا على مدى عشر سنوات، كما أنه سيؤدي الى علاقة سيئة مع النظام الجديد الذي سيولد في سوريا بفعل التسوية والذي لن يكون بشار الأسد جزءا منه، مؤكدة أن موقفه يعكس موقف الأكثرية الطرابلسية.
ويبدو واضحا أن ريفي يسعى الى تحصين نفسه وموقفه بمظلة معظم قوى 14 آذار المعترضة على تسمية فرنجية للرئاسة من خلال التنسيق والتناغم معها، وهو كان جمع خلال حفل عشاء اجتماعي أقامه مساء الجمعة الفائت في «منتجع ميرامار» على شرف الرئيس ميشال سليمان وبحضور الرئيس فؤاد السنيورة، العديد من قيادات ونواب «المستقبل» وشخصيات 14 آذار، وكان لافتا الغياب الكلي لعائلة الحريري، فضلا عن اتفاق سليمان وريفي على عدم تضمين كلمتيهما أي إشارة سياسية وذلك من أجل الحفاظ على الطابع الاجتماعي للمناسبة ولعدم إحراج أي من الحضور.
هذا الواقع بدأ يطرح سلسلة تساؤلات لجهة: كيف سيتعاطى الرئيس سعد الحريري مع تمرد ريفي؟ وهل ينجح وزير العدل في إستقطاب المعترضين على تسمية فرنجية للرئاسة؟ وهل سيؤدي ذلك الى مزيد من الصراعات ضمن «تيار المستقبل»؟ وكيف يمكن فصل «الحالات الحريرية» عن «التيار»؟ وهل ستساهم هكذا حالات بمزيد من التصدع في «البيت الأزرق»؟.
ولا تخفي «مصادر مستقبلية» أن العلاقة متوترة بين قيادة التيار وبين ريفي، مؤكدة أن الأخير لا يستطيع الخروج من تحت مظلة الرئيس سعد الحريري، خصوصا أنه في الحكومة يمثل «تيار المستقبل»، محذرة من بعض المحيطين بريفي ممن يسعون الى صب الزيت على النار وتحويل هذا الاختلاف الى خلاف يؤدي الى قطيعة نهائية لن تكون في مصلحة ريفي.
وكان أحمد الحريري رأى خلال افتتاح مدرستيّ التبانة أن الكرة في ملعب الجميع، إما أن نكون فريقا واحدا ونسجل الأهداف لمصلحة لبنان، أو نشرع مرمى لبنان لأهداف الآخرين، وأكد أن أي تفاهم لن يكون على حساب أحد، إما أن يكون تفاهما ميثاقيا جامعا ومفصلا على مقاس لبنان أو لا يكون، وإما أن يكون تفاهما على أساس الثوابت الوطنية أو لا يكون.
فليكف البعض عن الاجتهاد في مواقفنا عندما يقول الرئيس سعد الحريري كلمته في أي مبادرة لا كلمة تعلو فوق كلمته في «تيار المستقبل»، لسنا ممن يستحي بأي جهد سياسي نقوم به وعندما نريد شيئا نملك كل الجرأة للقيام به كما فعلنا في الحكومة، وفي الحوار الوطني والحوارات الثنائية.
من جهتها، قالت النائبة بهية الحريري خلال استقبالها حشدا من الفعاليات البيروتية في «بيت الوسط» إن الرئيس الحريري قدم العديد من التنازلات الكبرى لمصلحة لبنان، «فالقيادي عليه أن يبتكر الحلول وليس القيادي من يجر الناس إلى الحروب. وإذا كانت كل الدول تتحرك لتسويات ما، فمن الأولى فينا كلبنانيين أن نتحرك من أجل محاولة فتح الملف الرئاسي».
وأكد النائب باسم الشاب لـ «صوت لبنان» أن لا ترشيح رسمياً حتى الساعة من قبل الرئيس الحريري للنائب فرنجية، ورأى أن الإجماع المسيحي ضرورة لرئيس الجمهورية المقبل، مشيراً الى أن العماد ميشال عون لم يتمكن من الحصول على هذا الاجماع برغم إعلان ترشحه للرئاسة منذ أكثر من سنة.