IMLebanon

عودة الحريري حقّقت نتائجها بكل المقاييس السـياسية والحزبية

فاجأت عودة الرئيس سعد الحريري الى بيروت الوسطين السياسي والشعبي على رغم ان كلّ التحضيرات لإحياء الذكرى السنوية العاشرة لإغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري كانت توحي بأن شيئاً استثنائياً سيحصل وان زعيم الاعتدال السنّي قد يكون حاضراً بالجسد والروح بين محازبيه. فهم في حاجة الى استيعاب المتغيّرات التي فرضتها التطوّرات ولا سيما الحوار مع «حزب الله» في زمن القطيعة بين السنّة والشيعة في العالم الإسلامي. فهل أتت الزيارة بمردودها؟ وما الذي يعوق بقاءه أكثر؟

قبل فترة غير قصيرة من 14 شباط الجاري اتُخذت كلّ الترتيبات العائلية والأمنية واللوجستية ليكون الرئيس سعد الحريري في بيت الوسط وليكون الخطيب الرئيس والوحيد في الذكرى العاشرة لإغتيال والده.

فكلّ الآراء التي واكبت التحضير للإحتفال قالت إنّ تغيُّب زعيم «المستقبل» عن الذكرى هذه السنة خطيئة مميتة، فالجسم التنظيمي للحزب من أعلى الهرم القيادي الى أسفل القواعد الحزبية بما لها من أبعاد طائفية وسياسية لا يمكن أن تسمح بعبور الذكرى هذه السنة من دون حضوره شخصياً ومخاطبة قواعده على غرار ما حصل في الشكل والمضمون.

فقد ألقت التطوّرات التي تركتها الأزمة السورية على الساحة اللبنانية مضافة الى تأثيرات ما يشهده العالم الإسلامي ودول الخليج، بثقلها على جمهور التيار الأزرق وهدّدت المناعة التي كان يتمتع بها التنظيم السياسي والإداري للحزب.

فالتجارب السياسية التي خاضها التيار على كلّ المستويات السياسية والحكومية والحزبية وصولاً الى الحوار مع «حزب الله» في ضيافة الرئيس نبيه برّي على وقع التجارب الأمنية التي عاشتها الساحة اللبنانية، فرضت استحقاقات إضافية على التيار في كلّ هذه المجالات وفعلت فعلها في القواعد الحزبية نتيجة الحروب النفسية والسياسية والإعلامية التي خيضت ضدّه.

على هذه الخلفيات، ظهرت الى العلن ما تركته كلّ هذه التطوّرات في جسم التيار وتركيبته السياسية والحزبية. وألقى تولّي قياديين منه مهمات في وزارتَي العدل والداخلية تبعاتٍ ومسؤولياتٍ إضافية على التيار جعلته في عين العاصفة مستهدفاً من داخل التركيبة الحزبية والحكومية ومن خارجها.

فلم يكن خافياً على أحد أنّ الخطط الأمنية التي وُضعت لطرابلس، على وقع الترددات السلبية التي تركتها هجمات التكفيريين من «النصرة» و«داعش» على الحدود اللبنانية – السورية، وما تركته من آثار على التركيبة السنّية التي تمثلها بلدة عرسال، قد فتحت جدلاً إضافياً داخل مؤسسات التيار كما في الحكومة اللبنانية وعلى الساحة السنّية وتحمّل «المستقبل» مسؤولياته كاملة في مواجهة هذه الإستحقاقات على وقع نقاش تميَّز بالحدة داخل هيئات التيار القيادية السياسية والحزبية، وتسبّبت ببروز خلافات داخلية احتاج البتّ بها الى زيارات مكوكية تارة الى الرياض وتارة أخرى الى باريس لمناقشتها مع الحريري شخصياً، وهو ما ترك سيلاً من الإلتباسات في صفوف التيار، فتحدثت الروايات عن محاور وتيارات متنازعة داخله على المستويات الحزبية والسياسية والحكومية.

والى هموم البيت المستقبلي، فقد ألقت عودة الحريري على عاتقه مسؤوليات إضافية عندما تجدّد الحديث قبل أيام عن احتمال قيامه بمسعى لمواجهة نتائج الأزمة التي تعيشها الحكومة والتي باتت تهدّد بأن تتحوّل أزمة مفتوحة، فتغيب جلسات مجلس الوزراء أسابيع عدة بعدما إصطدمت مشاريع الرئيس تمام سلام في شأن الآلية الجديدة برفض العديد من مكوّنات الحكومة، وهو ما سيعوق البت بها طالما أنها لن تتحوّل أمراً واقعاً جديداً إلّا بإجماع الوزراء الأربعة والعشرين، وهو أمر غير متوافر اليوم إن لم يكن مستحيلاً.

وعليه، يمكن التأكيد أنّ عودة الحريري حققت نتائجها بكلّ المقاييس السياسية والحزبية، خصوصاً أنها أعادت العصب الى شارعه الحزبي والسنّي وأنهت مظاهر الثنائيات والمحاور داخل التيار.