عودة الحريري تُحرِّك مياه الإستحقاق الرئاسي الراكدة والملفات السياسية
لا تغيير في مواقف حزب الله ودعمه ترشيح عون على حساب التوافق الوطني
الشيء الوحيد الذي يملكه فريق كبير من اللبنانيين هو الوقوف في وجه المعتدين على الدستور لمنعهم من استخدامه لتحقيق أهدافهم التي أصبحت معلومة؟!
تمرّ الأيام وتتراكم الأشهر واحداً بعد الآخر على مدى تسعة أشهر ومجلس النواب لا يجتمع لانتخاب رئيس للجمهورية يسدّ الفراغ الكبير ويستعيد للمؤسسات الدستورية انتظامها واحترامها لأن هناك فريقاً من اللبنانيين يملك الثُلث المعطِّل ليس مستعجلاً لانتخاب الرئيس الماروني أو المسيحي الوحيد في هذا الشرق، ولا يزال يراهن على حصول متغيّرات جذرية في هذه المنطقة تتيح له التحكّم ليس في عملية انتخاب الرئيس وحسب وإنما في فرض نظام جديد يغيّر المعادلة الميثاقية القائمة على المناصفة بين المسلمين والمسيحيين مهما كان الفارق كبيراً في العدد.
وإذا كان فريق من اللبنانيين يُدرك هذه الحقيقة، ويدفع في اتجاه بقاء القديم على قدمه أي المحافظة على المناصفة، وعلى أن يبقى ميثاق 43 واتفاق الطائف محترمين بل مقدّسين من قبل كل المكوّنات اللبنانية، وما زال يمدّ اليد إلى الفريق الآخر لتجاوز هذه الإشكالية محافظة منه على وحدة الأرض والشعب، من خلال المحافظة على صيغة العيش المشترك وعمادها المناصفة بين المسلمين والمسيحيين مهما تضاءلت أعداد المسيحيين وتزايدت أعداد المسلمين إلا أنه يبقى عاجزاً عن تنفيذ هذا الأمر، ما دام الفريق الآخر يقبض على أكثر من ثلث عدد أعضاء المجلس النيابي ويمنع اجتماع مجلس النواب في جلسة دستورية لانتخاب رئيس للجمهورية وفق الآلية المعمول بها بموجب الدستور، والشيء الوحيد الذي يملكه هو الوقوف في وجه الذين يعتدون على الدستور ويمنعهم من استخدامه لتحقيق أهدافهم التي لم تعد مجهولة والتي تتلطّى بعباءة الرئيس القوي من دون أن تحدد مفهوماً واضحاً لهذه التسمية، ومن هو الرئيس القوي وما هي مميزاته وصفاته ومعاييره.
مصدر سياسي يقول لقد انقضت تسعة أشهر ويزيد على الشغور في رئاسة الجمهورية، ولم يتزحزح الفريق المعطِّل عن مقاطعته للجلسات التي يدعو رئيس مجلس النواب لعقدها من أجل انتخاب رئيس للجمهورية بالرغم من كل المحاولات التي يبذلها فريق الرابع عشر من آذار لإنهاء هذه المشكلة، وبالرغم ايضاً من العروض والتنازلات التي قدمها والتي لا تمس بجوهر ميثاق 43 واتفاق الطائف الذي وزّع الرئاسات الثلاث بين الموارنة والسنة والشيعة بشكل لا يشعر فيه أي فريق بأنه منقوص الحقوق أو مهمش لكنه لم يلقَ أي استجابة أو تجاوب من الفريق الآخر سوى المماطلة والمعاندة والتلاعب بالوقت الضائع حتى بتلك الظروف والأوضاع السائدة في المنطقة ولا سيما في سوريا القريبة والتي بحكم قربها تؤثر على مجرى الأمور في لبنان والدليل على ذلك ما جاء في كلام أمين عام حزب الله السيّد حسن نصر الله قبل بضعة أيام من ان الوضع في سوريا حسم لمصلحة بقاء النظام الحالي وعلى اللبنانيين ان يستعدوا بالتالي للمتغيرات التي ستحصل في لبنان، على مستوى السلطة والدولة ومن سيحكم ويقرر في هذا الوطن.
ويضيف المصدر هل حزب الله وأمينه العام هما وحدهما يتفردان في القرار وفي الحكم أم انهما يقبلان بما تقرره الأكثرية السياسية، لكن التجارب السابقة التي مر بها هذا البلد لا تدل على ان حزب الله يرضخ لقرارات الأكثرية بدليل ما حدث قبل الاستشارات النيابية التي سمت الأكثرية نجيب ميقاتي لرئاسة الحكومة، إذ لولا نزول القمصان السود فجر ذلك اليوم واحتلالها مداخل العاصمة وشوارعها لما كان رئيس جبهة النضال الوطني النائب وليد جنبلاط غيَّر في قرار وسمى ميقاتي لتشكيل الحكومة بدلاً من الرئيس سعد الحريري الذي كان قبل نزول القمصان السود يحظى بأكثرية نيابية لتشكيل الحكومة، والأمر نفسه حصل في السابع من أيّار عندما نزلت المقاومة واحتلت العاصمة بيروت، ولم تنسحب الا بعدما قبل الفريق الآخر بالذهاب إلى الدوحة والقبول بتعديل قانون الانتخابات وانتخاب العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية.
المصدر الوزاري يرى المشهد اليوم على الساحة الداخلية شبيهاً بالمشهد الذي كان سائداً قبل تسمية ميقاتي رئيساً للحكومة مع فارق واحد وهو ان حزب الله الغارق في الأزمة السورية حتى اذنيه يفضل ان يبقى الوضع في لبنان هادئاً امنياً ولكن من دون حصول أي تقدّم على الصعيد السياسي يفضي إلى تفاهم على انتخاب رئيس جديد للجمهورية وذلك ريثما تتوضح معالم المرحلة المقبلة سواء بالنسبة إلى سوريا أو بالنسبة إلى ما يجري في باقي العالم العربي.