عاد الرئيس سعد الحريري الى لبنان، من منفاه الطوعي، مرتين، من دون أن يعود معه النائب عقاب صقر إلى «جمهوره» الافتراضي في البقاع الاوسط، بعدما هجر لبنان مع بداية الازمة السورية وتورّطه في أتونها
آخر الأدلة على وجود نائب لبناني اسمه عقاب صقر يعود الى منتصف كانون الثاني الماضي، عندما أطلق تغريدة على موقع «تويتر»، تعليقاً على إخلاء سبيل الوزير السابق ميشال سماحة. يومها وصف «حكم العار الذي أصدرته ما تسمى هيئة المحكمة العسكرية»، بـ «المشهد الأخير في مسلسل اغتيال العدالة والدولة في لبنان».
لولا ذلك، لما تذكّر جمهور البقاع الأوسط أن له ممثلاً في المجلس النيابي، كان يوماً «مالئ الدنيا وشاغل الناس»… وشاشات التلفزيون، قبل أن يقرّر ترك ذلك كله، والالتحاق بركب «الربيع العربي».
إقصاؤه عن عمله «الخيري» في سوريا جاء بطلب سعودي
حتى أصبح «رجل السعودية في مركز تحكم إسطنبول الذي يُنسق مع الجيش السوري الحر»، بحسب «التايمز» البريطانية، و«المزوّد الرئيسي للأسلحة القادمة من الرياض الى سوريا»، على ذمّة «نيويورك تايمز» الأميركية. منذ ذاك، «ضاع» صقر بين أعزاز السورية وكيليس التركية، وبين اسطنبول والرياض وبروكسيل وباريس.
عاد الرئيس سعد الحريري من منفاه الطوعي مرّتين. لكن «أبو سعد» بقي مرتدياً «طاقية الإخفاء»، لولا تغريدة من هنا وتصريح من هناك. المقربون منه يؤكّدون أن «الغياب قسري وأسبابه أمنية»، علماً أن الحريري نفسه تجاوز هذا العامل. زملاؤه في كتلة نواب زحلة كادوا ينسون أن لديهم زميلاً يدعى عقاب صقر، بعد أن شكل لبعضهم، في فترة من الفترات، «عقدة» بسبب الغيرة من الحظوة الحريرية التي نالها. فيما أهالي البقاع الأوسط وزحلة، بمن فيهم أنصار تيار المستقبل، يسألون عن سبب استمرار غياب الرجل الذي منحوه أصواتهم عام 2009 ليحقق المركز الأول في لائحة «زحلة بالقلب»، علماً انه ــــ وهو ابن البقاع الشمالي ــــ زُرع زرعاً لتمثيلهم. ولا يعني ذلك أن المستنكرين لغيابه الطويل هم فقط من خصومه أو ممن لم يستفيدوا يوماً من حضوره النيابي والخدماتي، بل إن بعض هؤلاء ممن يكنّون له إعجاباً ويعتبرون أن غيابه «ترك فجوة في الشارع المستقبلي البقاعي، وخسارة لنا ولفريقنا، وتغييب لشخصية بارزة وقوية في تيارنا».
عاكست الظروف الشاب الذي قاده طموحه الجامح الى الدخول في مطحنة «لعبة الأمم»، فـ «لا بالشام عيّد ولا في دمّر لحّق العيد». لم يسقط نظام الرئيس بشار الأسد ليعود عبر مطار دمشق، ولا احتذى بالحريري عائداً عبر مطار بيروت.
أما جهوده في دعم المعارضة السورية بـ «البطانيات والحليب»، فووجهت بـ «قلة وفاء» واتهامات بالفساد والاتجار بالأسلحة في السوق السوداء. حتى تردّد، بحسب مصادر مطلعة، أن إقصاءه عن عمله «الخيري» في سوريا ــــ ومعه صديقه الناطق السابق باسم «الجيش السوري الحر» لؤي المقداد ورئيس هيئة الأركان في هذا الجيش سليم ادريس وآخرون ممن شكّل معهم غرفة عمليات ــــ جاء بطلب سعودي، بعد تسلّم القيادة الجديدة الحكم في الرياض، لكونه لم يعد مرغوباً فيه لدى قيادة المعارضة المسلحة، ولأن «الإدارة السعودية الجديدة تريد لاعبين جدداً من الجسم السوري المعارض من دون وسيط».
لم تهبّ الرياح السورية كما اشتهت سفن «الصقر المستقبلي»، وهي لو فعلت لما كان ليرضى بجائزة أقل من رئاسة المجلس النيابي. أما وأن الظروف قد عاكسته، فإن الواقعية دفعت منسقي تيار المستقبل في البقاع، بحسب معلومات «الأخبار»، الى رفع مذكرة الى بيت الوسط قبل فترة، تتمنّى بدء العمل على ترجيح اسم شيعي من البقاع الاوسط، يحلّ محل صقر، ويكون قادراً على خلق جو مؤيد لـ14 آذار في القرى ذات الغالبية الشيعية إلى حين موعد الاستحقاق النيابي المقبل. الرد على المذكرة كان أن «الأمر سابق لأوانه»، قبل أن يطلّ صقر مطلع ايار الماضي، فجأة، من باريس، في مقابلة تلفزيونية عبر الشاشة الزرقاء، ليعتذر من أهالي زحلة والبقاع الأوسط لعدم تمكّنه من القيام بواجباته التي انتخب من اجلها «لأسباب أمنية معروفة»، وهو ما رأت فيه مصادر مستقبلية تمسكاً من الحريري بـ «رجل المهمات الصعبة» مكافأة «على جهوده».