Site icon IMLebanon

الحريري – ريفي… إن عُدتم عُدنا

 

قد تكون المرحلة التي تمر بها الطائفة السنّية في العالم اليوم من أهم وأدق المراحل التي مرّت بها، وتنعكس حُكماً على وضع الطائفة في لبنان عموماً وعلى وضع الحريرية السياسيةخصوصاً. لهذه الأسباب ولأسباب أخرى قد يكون الرئيس المكلف سعد الحريري أحوج اليوم وأكثر من أي يوم مضى الى دعائم معنوية وعملية بعد أن قدّم تنازلات كثيرة. فهل يستعين بصقوره القديمة وهل يستعد فعلاً للقاء اللواء أشرف ريفي؟

والسؤال المحق، من استطاع مسامحة شهود الزور ومجالستهم والتعايش معهم في مجلس واحد وطَي صفحة الماضي قبل معرفة الحقيقة؟ ومن استطاع تبنّي ترشيح عون الحليف الاول لـ»حزب الله» والمتهم الرئيسي باغتيال رفيق الحريري، وأخيراً وليس آخراً من استطاع استباق قرار المحكمة الخاصة بلبنان ومن أمام مقرّها في لاهاي قرّر المسامحة والغفران موزّعاً أغصان الزيتون يميناً ويساراً! أو ليس باستطاعته مدّ غصن من هذه الغصون لصقر من صقور سنّة بيته؟

بعد استشهاد رفيق الحريري ومنذ مطلع 2005 حتى عام 2015 تسابق الحريريون على اعتماد الهجوم للدفاع عن حقوق الطائفة، ولطالما استعان سعد بصقور تيّاره.

اليوم لا يمكن الهروب الى الوراء مع تراجع تيار «المستقبل» في السياسة الداخلية والحجم التمثيلي، في جميع المناطق من دون استثناء، ومع تنازلات بالجملة «لأجل المصلحة الوطنية الكبرى». فهل هذه هي حقيقة الحال؟ وهل تيار المستقبل بحاجة اليوم الى المزيد من التنازلات ليصمد، وهل هو بحاجة الى توزيع أغصان الزيتون، أم هو بحاجة الى توزيع الأدوار كغيره من الأطراف ليستردّ مواقع الهجوم في الملاعب السياسية الداخلية؟

خلال 2011 و2012 خاضت صقور الحريريّة أعنف المعارك بينها وبين «التيار»، وبينها وبين «حزب الله»، قادها النائب احمد فتفت غالباً في المجلس النيابي، لاسيما في مواجهاته العنيفة مع نوّاب الحزب ونواب «التيار الوطني الحر» محمّلاً «حزب الله» مسؤولية الانهيار الاقتصادي والسياسي، داعياً «الرئيس القوي لاسترجاع بعض من السيادة اللبنانية التي يستولي عليها «حزب الله».

امّا المقاومة السنية الأشرس فكان اللواء أشرف ريفي يحمل لواءها، وكشف في إحدى المقابلات عام 2016 انه عرف بمحاولة لاغتياله والنائب احمد فتفت، قائلاً: «عندما نخاف من القاتل سيستمر في قتله وسيمعن في إجرامه، ويجب أن نقول للقاتل إنك قاتل».

ويكفي اليوم تدوين اسم اللواء على غوغل لنغرق في قراءة المواقف التصعيدية ضد «حزب الله» والنظام السوري وعون وفرنجية، حتى وصل به الأمر الى الانتفاض ومواجهة الحريري قائلاً إنه «لا ولم يخف» و»مهما كلّف الأمر». الّا انّ الأمر كلّفه في السياسة وفي غير السياسة الكثير.

مراجعة دقيقة
ويقول العارفون إنّ ريفي أيضاً قد يكون اليوم، لاسيّما بعد هزيمته في المعركة النيابية وفشل العمل البلدي الذي «تبنّى معركته» في السابق، بحاجة الى قراءة موضوعية متأنية لوضعه السياسي.

صقور الحريري… عائدون؟
المؤشرات كما المعلومات تشير الى عودة ريفي قريباً الى ربوع بيت الوسط، بمباركة حريريّة بالرغم من تحفّظ البعض! وبحسب أحد المطّلعين على شؤون التيار، فإنّ أسباب التحفّظ معروفة. فغالبية الأعضاء يطمحون لأخذ دورهم في المستقبل، لاسيّما بعد قرار الحريري استبدال اللغة القديمة بلغة الشباب المحاور. لكنّ اختياره التخلّي عن صقور المرحلة الماضية واستبدالهم بطاقم شبابي داخل كتلته النيابية كما في صفوف تيار «المستقبل»، خطوة برأي المطلعين أصابت في مكان وأخفقت في أماكن عدة.

مؤشرات العودة
لا شك في أنّ مبادرة الحريري بالاتصال بريفي للإطمئنان الى ابنتيه فور معرفته بالحادث، شكّلت خطوةً إيجابية ممهّدة لاحتمال اللقاء. ويبدو أنّ عفوية الرئيس الحريري التي تسبقه، والتي أصبحت معروفة، شكّلت مدخلاً جادّاً للحديث عن وجوب عودة الصقور مع الأخذ بعين الإعتبار وضع تيار «المستقبل» المتأزّم في لبنان عامّة وداخل طرابلس على وجه الخصوص.

مصادر ريفي: «الحالة مفتوحة على جميع الإحتمالات»

مصادر اللواء ريفي تقول إنّ الاتصال الذي أجراه الحريري باللواء، والذي دام قرابة الدقيقتين، كان إيجابياً وكسر الجليد بين الرجلين. كما انّه لم يتفاجأ بهذا الإتصال لأنه يدرك جيّداً أدبيّات الحريري. وقد قابل ريفي الاتصال بموقف داعم للحريري ومُدافع عن صلاحيات رئيس الوزراء وحماية الدستور. والجديد في موقف ريفي انه تعمّد تسمّية الحريري بالاسم، وليس بدعم موقع الرئاسة الثالثة فقط.

وتقول مصادر اللواء ريفي، في سياق «العلاقة المرتقبة»، إنها متّجهة الى دعم الرئيس الحريري في كل المسائل التي يواجه بها «حزب الله»، سواءً في مسألة المحكمة أو الدستور أو النأي بالنفس وكل ما يتعلق بتثبيت ركائز الدولة. امّا المرحلة الحالية التي يعيشها ريفي مع الحريري فتكشف مصادر اللواء ريفي أنها «حالة داعمة ومفتوحة على جميع الاحتمالات».

وتضيف مصادر ريفي انّ اللواء ثابت على موقفه في مواجهة مشروع الدويلة، وهو مستعد لوضع الكتف الى الكتف مع الرئيس الحريري الى جانب جميع القوى السيادية، بما يؤمّن وحدة الصف السيادي اللبناني والسنّي.

إشارات خارجية مؤيّدة
مصادر بيت الوسط لم تشأ التعليق على احتمال هذا التلاقي لا سلباً ولا ايجاباً، كما سُجّل التزام كتلة تيار «المستقبل» بهذا التعميم، الّا أنّ المعلومات تفيد بأنّ الأجواء مهيّأة لعودة ريفي على الرغم من امتعاض البعض داخل كتلة التيار…

وفي السياق، إستوقفت المراقبين زيارة السفير الاماراتي حمد الشامسي الى دارة ريفي مهنئاً بسلامة ابنتيه تزامناً مع المستجدّات «الحريرية – الريفية»، وتقصّده نشر الصوَر التي تجمعه مع العائلة، في دلالة واضحة الى «مباركة سعودية إماراتية» للتلاقي السنّي.

فهل أصبحت زيارة ريفي الى بيت الوسط قريبة، وهل الحريري على استعداد لملاقاة «الابن الضال» وفق تعبير أنصاره؟ أم أنّ ريفي وسنّة المدينة «الحريرية الهوى» هم المشتاقون الى الحريري وعودة «الابن الضال» الى بيت أبيه؟
تقول أوساط بيت الوسط والبيت السني الطرابلسي: إن عدتم عدنا.