Site icon IMLebanon

خارطة طريق حريرية تستكمل بعد زيارة الرياض  

 

لاتزال الانظار شاخصة الى المملكة العربية السعودية وما ستؤول اليه زيارة الرئيس سعد الحريري الى المملكة ولقاؤه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي العهد الامير محمد بن سلمان.. وقد أحيطت الزيارة بكثير من الاهتمام بالنظر لأهميتها في الواقع اللبناني حاضراً ومستقبلاً وذلك على الرغم من غياب التصريحات التي تصدر عادة إثر أي القاء..

 

الأمر على ما يظهر، متروك للتحليلات المستندة في بعضها الى معلومات غير رسمية، والى الخطوة بعينها التي دفعت الرئيس الحريري الى زيارة الرياض بأقل من اربع وعشرين ساعة على تبلغه الدعوة الشفهية لزيارة المملكة من الموفد السعودي نزار العلولا الذي زار لبنان ليومين (الاثنين والثلاثاء الماضيين) في مهمة لم تكن بروتوكولية والتقي الرؤساء الثلاثة والعديد من القيادات السياسية والحزبية، على ان تستكمل في زيارة لاحقة، قد تسبق موعد الانتخابات النيابية في مطلع ايار المقبل، وقد باتت محسومة، على رغم بعض التسريبات التي تتحدث عن تطورات بين لبنان والكيان الاسرائيلي قد تؤدي الى ارجاء هذه الانتخابات، وتحديد جديد للمجلس الحالي على وقع «الضرورات التي تبيح المحظورات» التي طالما اتكأ عليها الممسكون بالقرارات لتبرير التمديدين السابقين.

على الرغم من الكتمان الذي أحاط بما جرى في اللقاءات المباشرة بين الرئيس الحريري والقيادات السعودية، فإن ما لا شك فيه ان الحكومة اللبنانية الحالية باقية، ولا بديل عنها أقله في الوقت الحاضر، وهي التي ستشرف على اجراء الانتخابات، وبعدها «لكل حادث حديث»، حيث لا يتحمل لبنان، ضمن الظروف والاستحقاقات الضاغطة والداهمة أي فراغ في السلطة التنفيذية او اعتماد قاعدة «تصريف الأعمال».. خصوصاً، وان لا شخصية «سنيَّة» مؤهلة لتولي هذه المهمة، على الرغم مما يشاع عن تراجع في شعبية الرئيس الحريري في «البيئة السنية».. وتحظى بمباركة وتأييد واسع من سائر الافرقاء اللبنانيين..

مع عودة الرئيس الحريري الى لبنان، ستتضح الصورة أكثر، خصوصاً وان المعلومات تؤكد على أنه بات شبه جاهز لاعلان مرشحي «المستقبل» قبل السادس من اذار، موعد اقفال ملف الترشيحات، وان بقيت ابواب التحالفات مفتوحة.. وكثيرون يستعيدون مواقف الرئيس الحريري بعد عودته عن استقالته، التي اتسمت بكثير من الحكمة والاعتدال وحسن المسؤولية التي تتجاوز المصالح الشخصية والفئوية.. ولن تنفع محاولات البعض دق الاسافين بينه وبين «حزب الله» تحديداً على الرغم من «ربط النزاع» وعلى الرغم من تكرار مواقفه، وبصوت عالٍ، ان لا تحالف مع الحزب.. وهي مواقف كانت أشبه برسالة الى كل من يعنيهم الامر «وإن لم تكن محاولة للحصول على مكاسب، إن لم يكن بالقوة فبالسياسة..»

لدي الرئيس الحريري مجموعة من «الثوابت» تشكل خارطة طريق ادارته الحكومة.. وتستند الى مبدأين إثنين:

– سياسة «النأي بالنفس»، التي قررتها الحكومة بتوافق جميع الاطراف السياسية وجميع مكوناتها.. وهو كان ولايزال يشدد، ويشجع الاطراف السياسية كافة على «الالتزام بسياسة النأي بالنفس هذه، ويحمل الافراد والاحزاب السياسية مسؤولية عدم الالتزام بها»، على خلفية أنه «لا يجب ان يدفع الشعب اللبناني ثمن بعض المغامرات التي تقوم بها بعض الاحزاب السياسية» من مثل «حزب الله»..

– التمسك بالاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي والامني.. والجميع يدرك المخاطر التي تواجه لبنان على هذه الصعد كافة والمخاطر المتعلقة بالاستقرار.. وقد كان لافتاً، أنه منذ اليوم لإطلاق الحريري هاتين المسألتين، بدأت «التعليقات والاحاديث في الاعلام» تأخذ طريقها نحو الهدوء رويداً رويداً.. وقد أخذ على نفسه متابعة هذه المسألة وفتح الابواب باتجاه الافرقاء كافة، مباشرة او عبر وسطاء..

في زيارته السعودية، وما يقال عن زيارات لاحقة الى العديد من دول الخليج، كما وزيارته العاصمة الفرنسية باريس ولقائه صديقه الرئيس الفرنسي، ستكون المؤتمرات الدولية الثلاثة لدعم لبنان حاضرة وبقوة.. كما وتعزيز قدرات الجيش اللبناني، ناهيك بالمسائل الأخرى الضاغطة، كمسألة النزاع مع العدو الصهيوني على الحدود البرية والبحرية وحق لبنان في استثمار ثرواته النفطية بعيداً من أي تدخلات او مشاركات.. وهو – أي الرئيس الحريري – طالما سعى الى الحصول على الدعم الدولي والاقليمي السياسي وغير السياسي لاستقرار لبنان.. وقد حقق في هذا تقدما لافتاً بعدما أنجز خارطة الطريق التي وضعت لهذه المؤتمرات التي ستحصل.. وذلك على رغم المواقف الاميركية، وغير الاميركية ازاء «حزب الله» وما يمكن ان يتركه ذلك من تداعيات في الواقعين الداخلي والاقليمي.. وقد أعطى الاولوية حالياً لمسألة الحدود البرية والبحرية مع فلسطين المحتلة، شأنه في هذا، شأن الرئيسين ميشال عون ونبيه بري وغالبية الافرقاء السياسيين..

في قناعة عديدين، ان زيارة الرئيس الحريري الي الرياض، سبقتها مؤشرات عديدة دالة على اعادة فتح المعابر مع الرياض.. وخارطة الطريق لحياد لبنان رسمياً دونها صعوبات وعراقيل كبيرة، خصوصاً وأن الحريري أكد في وقت سابق أنه «لا يمكن للبنان ان يكون حيادياً مع إسرائيل مثلاً..» ليخلص الى وجوب اعتماد «النأي بالنفس في العلاقات مع الدول العربية.. مشدداً على ان معظم اللبنانيين يرغبون برؤية لبنان لا يورط نفسه في الشأن الاقليمي وفي أزمات لا علاقة له بها..».