تعيش البلاد حالة من الترقب قبيل صدور قرار تصنيف لبنان الائتماني من قبل «وكالة ستاندرد آند بورز»، الذي يرخي بظلاله منذ اليوم على الأسواق المالية والنقدية، بحيث كان يمكن تفادي هذا القلق أو النتيجة في منطق أوساط وزراية، اذا ما كان التصنيف متدنيا، لو أخذت القوى السياسية بنصائح كل من رئيس الحكومة سعد الحريري وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة اللذين كانا يحذران من تداعيات التأخير في تشكيل الحكومة على الموقعين الاقتصادي والنقدي، وكذلك الحسم في موضوع الموازنة وصولا الى أزمات أخرى كان يمكن حلها في الأيام الأولى على غرار أزمة قبرشمون.
وقد أتت زيارة الحريري إلى الولايات المتحدة الأميركية، في ظل مناخ سياسي ضاغط حيال عقوبات قد تصدرها واشنطن على قياديين في حزب الله وحلفائه، في موازاة ترقب تصنيف لبنان وهذا التصنيف لن يكون له ايّ تأثير على مؤتمر «سيدر».
فزيارة الحريري الى واشنطن حملت أكثر من بعد وأكثر من رسالة وكانت ثلاثية الأبعاد، اولها، ان كلامه حول ترسيم الحدود مع إسرائيل، حسب أوساط وزارية، وكذلك الانتقال الى مرحلة «وقف اطلاق النار»، يهدف الى مخاطبة المجتمع الدولي وواشنطن تحديدا بأن لبنان متفاعل مع التوجه الدولي بما من شأنه أن يجهض حماسة الاندفاع السلبي تجاه البلد عشية عقوبات الإدارة الأميركية ضد حزب الله وحلفائه.
وفي الوقت ذاته جاء البعد الثاني في كلام رئيس الحكومة عن استخراج النفط والغاز في لبنان كإضاءة من واشنطن والمؤسسات الدولية والنقدية بأن لبنان يتمتع بقدرات وهو ليس بلدا معدماً، بل ان بدء استخراج هذه الثروة من شأنه أن يحسّن الواقع الاقتصادي للبلاد، ولذلك يمكن للدول والمؤسسات النقدية عدم القلق على ديونها لأن لبنان سيكون في موقع اقتصادي افضل في المستقبل.
أما الرسالة اي البعد الثالث، حسب اوساط وزارية، فهي نقله رأي الإدارة الأميركية بحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، بقوله انه سمع ثناء غير مسبوق، في خطوة يهدف منها إلى التأكيد على دور المصرف المركزي في هذه المرحلة وعدم وضع الطابة في ملعبه.
لكن هل يتقبّل حزب الله كلام الحريري في واشنطن عن ترسيم الحدود مع إسرائيل وعن كذلك القرار 1701 بالانتقال من حال وقف الاعتداءات الى وقف النار؟
تجيب الأوساط الوزارية بداية بأن الحريري اكد ويؤكد أنه لن يتخلى عن كوب واحد من المياه البحرية ولا عن متر واحد من الأراضي اللبنانية.
وفيما خصّ حزب الله، فإنه يوافق على ما يتفاهم عليه رئيس الجمهورية ومجلسا النواب والحكومة، فيما خص المواضيع الكبرى، وإن هواجس رئيس مجلس النواب نبيه بري تؤخذ بعين الاعتبار لناحية إصراره على التزامن في الترسيم بين البر والبحر أو البدء من البحر أولا لئلا تتملص إسرائيل لاحقا من ترسيم الحدود البحرية بعد أن يتم تثبيت تلك البرية بما ينعكس على الملف النفطي والأزمة الحدودية البحرية بين البلدين.
إلا أن ثمة آراء لأوساط مراقبة حيال تصنيف لبنان، مفادها بأن هذا القرار ليس سياسيا بحق البلد، إذا ما تمّ تخفيض الدرجة، لأن ذلك ينتج عن مؤسسة خاصة، فيما لبنان بات على قاب قوسين من بداية استخراج الغاز من بحره وما يرافق ذلك من مردود على الاقتصاد اللبناني، إضافة الى المباشرة في ترجمة الإصلاحات التي أقرتها الموازنة الحالية بالتزامن مع مباشرة وزير المالية علي حسن خليل التحضير لميزانية 2020 التي سيكون لها وقع ايجابي داخليا وخارجيا.
وعن مدى تأثير موقف عون حول الاستراتيجية الدفاعية، ترد الأوساط،بان رئيس الجمهورية عاد واوضح موقفه من هذا الموضوع.
لذلك، فإن القلق الذي تعيشه البلاد هو نتيجة أداء سياسي لقوى بدت وكأنها مفصولة عن المجتمع الدولي أو العالم الخارجي، وظهر ذلك واضحا من خلال الأزمات التي رافقت تشكيل الحكومة وابتكار التوترات وصولا الى حد اعتبار بعضها، ومن بينهم كبار المسؤولين انهم يستطيعون تحمّل المواجهة دون تقدير بأن لذلك تداعيات على الأسواق الداخلية والقطاعات الاقتصادية والسمعة الدولية للبنان. وان هذا الأمر مفترض ان يكون درسا تتخذ منه القوى هذه عبرة لكيفية تعاطيها في المستقبل.