Site icon IMLebanon

ورقة اعتكاف الحريري خارج لبنان… آتية

 

مع توجّه رئيس الحكومة سعد الحريري الذي استقال شفهياً من السعوديّة قبل أسبوعين، إلى فرنسا، يرتقب موعد حُضوره إلى لبنان استكمالاً للمسعى الفرنسي الحالي، حيث يُنتظر أن يحمل مطلع الأسبوع المُقبل لقاء حاسمًا في القصر الجمهوري بين رئيس الجمهوريّة العماد ميشال عون والحريري ليُبنى على الشيء مُقتضاه. لكن وعلى الرغم من بعض المواقف الإيجابيّة المُتفرّقة والتي تهدف إلى مُحاولة تخفيف الاحتقان وتنفيس التوتّر، كل المعلومات المُتوافرة غير مُشجّعة، حيث لا يبدو أنّ العودة عن الاستقالة مُمكنة في ظلّ إستمرار الضغوط، وبالتالي يُنتظر أن يقوم رئيس الحكومة بتقديم استقالته رسميا إلى رئيس الجمهوريّة ليُطوى مع هذه الخطوة الجدل بشأن دُستوريّة استقالته السابقة، ولتفتح معها الصفحة التالية لهذه الأزمة والتي ستكون بعنوان: ماذا بعد استقالة الحريري الرسميّة المُرتقبة؟

مصدر سياسي مُطلع أكّد أنّ رئيس الجُمهورية لن يألو جُهداً لإقناع رئيس الحكومة بالعودة عن استقالته. وفي حال إصرار هذا الأخير عليها، سيطلب من الحُكومة القيام بدورها لجهة تصريف الأعمال، وسيعمل جاهداً على بقاء عجلة الدولة بوضعيّة الدوران، حيث أنّ قرار شلّ السُلطة في لبنان مرفوض، تحت أي ذريعة أو حجّة. وإذ توقّع المصدر نفسه تصاعد الضغوط في الأيّام والأسابيع القليلة المُقبلة على «حزب الله» ولبنان، لفت إلى أنّ «كرة النار» ستكون بيد الرئيس عون أكثر من سواه، لأنّ عهده الرئاسي هو المُتضرّر الأوّل والأكبر ممّا حصل ويحصل، وممّا يُتوقّع أن يحصل في المُستقبل القريب أيضاً. وفي هذا السياق، تخوّف المصدر من تحوّل الضغوط من مجرّد استقالة لرئيس الحُكومة، إلى اعتكاف كامل للحريري خارج لبنان، في حال عدم الأخذ جدّياً بمطلب «النأي بالنفس».

وأوضح المصدر السياسي المُطلع أنّ تشكيل حكومة جديدة برئاسة الحريري وبدون مُمثّلين عن «حزب الله» غير وارد قطعياً، وخيار «حُكومة تكنوقراط» سقط لأنّه لا يُناسب المرحلة الحالية التي هي مرحلة شدّ حبال سياسيّة على المُستويات المحلّية والإقليميّة والدَوليّة. وأضاف أنّ خيار تشكيل حكومة جديدة من دون الحريري و«تيّار المُستقبل» غير مُحبّذ من قبل رئيس الجُمهورية قبل سواه من الجهات السياسيّة، ليس لصُعوبة نيل هكذا حُكومة الثقة في المجلس النيابي فحسب، وإنّما لأنّ المعلومات المُتوافرة لدى رئيس البلاد تؤشّر إلى أنّ الرد على هكذا حُكومة سيكون تصعيدياً أكثر، وهو «فخّ لن يقع فيه». ولفت المصدر نفسه إلى أنّه حتى خيار تسيير شؤون الدَولة بأقل ضرر مُمكن، من خلال قبول استقالة الحريري وتحوّل مجلس الوزراء إلى حُكومة تصريف أعمال، قد يفشل في حال أقدمت الجهات الخليجيّة الضاغطة على رمي ورقة اعتكاف الحريري خارج لبنان على الطاولة، ومُحاولة تسجيل مُقاطعة سياسيّة سنّية واسعة للدولة، بهدف شلّ السُلطة التنفيذية، والضغط على باقي القيادات اللبنانية لمنع التصرّف وكأنّ شيئاً لم يكن.

وشدّد المصدر السياسي المُطلع على أنّ «حزب الله» يرفض كلياً الرُضوخ للضغوط السعوديّة، وهو لن يستجيب بالتالي لمطالب وشروط انسحابه من ساحات المُواجهة الحالية في المنطقة، من سوريا إلى اليمن، و«تيّار المُستقبل» لن يكون في المُقابل قادراً على مُواصلة التصرّف ضُمن ضوابط التسوية التي حصلت قبل أكثر من عام، ما يعني أنه سيكون على رئيس الجُمهورية ابتداع المخارج المُناسبة لهذا المأزق. وإذ لفت إلى أنّ الرئيس عون يعلم جيّدًا أنّ «كرة النار» ستكون بيده، وسط عمليّة «شدّ الحبال» المُتوقّعة، كشف المصدر أنّ «الجنرال» أبلغ المحيطين به بأنّ أولويّاته في حال فشل الوساطات بإعادة الأمور إلى ما قبل مرحلة الاستقالة، ولوّ من خلال حوار أو تعهّد جديد بالنأي بالنفس، تُركّز أوّلاً وقبل أي شيء آخر على الحفاظ على الاستقرار بمُختلف أوجهه الأمنيّة والاقتصادية والمالية والحياتيّة، وبضرورة اتخاذ كل الإجراءات الكفيلة بذلك. وأضاف المصدر أنّه في المرتبة الثانية تأتي مسألة استمرار عجلة الدولة بالدوران ولوّ بالحد الأدنى، لمنع تضرّر مصالح الناس ولمنع شلّ القطاعات الرسميّة في العهد الرئاسي الجديد. وتابع المصدر نفسه أنّ أولويّة رئيس الجمهورية الثالثة تتمثّل في إجراء الانتخابات النيابية في موعدها، إن عبر حكومة تصريف أعمال، أو حتى عبر حُكومة انتخابات مُصغّرة يتمّ تشكيلها في نهاية المطاف، في حال نجحت الضُغوط في منع اتخاذ المسؤولين المَعنيّين، الإجراءات الدستورية والتنظيميّة الكفيلة بإجراء هذه الانتخابات في أيّار من العام 2018 المُقبل.

وختم المصدر السياسي المُطلع كلامه بالإشارة إلى أنّ الخوف كل الخوف من أن تنجح الضُغوط في دفع أكثر من طرف داخلي، وفي طليعتهم «تيّار المُستقبل» وبعض القوى الحليفة له، إلى رفض المُضيّ بالانتخابات في موعدها وبالقانون النسبي الجديد، بحجّة أنّ التسوية سقطت، والقانون المذكور كان جزءًا منها، مع ما يعني ذلك من إمكان حُصول مُقاطعة واسعة، من دون استبعاد مُحاولة عرقلة هذه الانتخابات، ما لم تتمّ الاستجابة إلى مطلب قيام «حزب الله» بتطبيق سياسة «النأي بالنفس» عن أزمات المنطقة فعلياً وليس كلاميا.ً