IMLebanon

الحريري قال كلمته ويعود إلى الحركة لإنضاج الإستحقاقات

في فترة الغياب القسري للرئيس سعد الحريري عن لبنان، تغيب نقطة الإرتكاز عن السياسة اللبنانية لأنَّ بوصلة هذه السياسة تتعطّل، وفي أحسن أحوالها تكون غير دقيقة، لكن مع عودته إلى لبنان تتبلور أكثر فأكثر نقطة الإرتكاز هذه وتنتعش البوصلة.

منذ عودته الأخيرة وبيت الوسط لا يهدأ، فبعد اللقاءات القيادية بعد مهرجان الذكرى العاشرة لاغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وما تلاها في اليوم التالي من لقاءات دبلوماسية، ودعوات إلى لقاء للدكتور سمير جعجع ورئيس الحكومة تمام سلام، كما كان أحد اللقاءات البارزة لأركان وقاعدة المستقبل مع الإجتماع الحزبي المشترك للمكتبين السياسي والتنفيذي في تيار المستقبل. هذا الإجتماع أعاد تثبيت الإتجاه السياسي ووضعه على السكة الصحيحة إنطلاقاً من مضمون خطاب البيال، وبصورة غير مفاجئة، ومرتقبة، أعلن المجتمعون تأييدهم المطلق لرهان الحريري على عودة جميع القوى السياسية اللبنانية إلى حضن الدولة، باعتبارها الوحيدة القادرة على جمع كلِّ اللبنانيين. وخلصوا إلى ضرورة عدم مهادنة التطرف، تحت أيِّ ظرف من الظروف، مؤكِّدين التضامن مع البلدان العربية الشقيقة التي تواجه هذا الخطر.

هذا الإجماع من القاعدة على القيادة، يؤكِّد ما سبق أن أشرنا إليه في هذه الزاوية من أنَّ عودة الرئيس الحريري وضعت الجميع تحت سقف الإنسجام، فلا تيارات ولا أجنحة ولا صقور ولا حمائم، خصوصاً أنَّ الملفَّات كثيرة وتستدعي التشاور، كما أنَّ الإستحقاقات كبيرة وفي مقدمها إستحقاق رئاسة الجمهورية الموقف من هذا الملف من بيت الوسط هو التالي:

إنَّ الأولوية حالياً هي لإنتخاب رئيس للجمهورية، لكونه حجر الأساس في بنية الدولة التي تحتاج إلى ثبات مداميكها، وإنَّ الحوار الراهن مع حزب الله يتَّخذ من الإنتخاب بنداً رئيسياً.

من هذه النافذة يُطلُّ الرئيس سعد الحريري ليؤكِّد أنَّ الحوار أساسي مع حزب الله، وقد لاحظ المتتبعون أنَّ خطاب البيال ثم خطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، بقيا تحت سقف هذا الحوار.

لكن ماذا بعد؟

وماذا تحتمل الساحة الداخلية؟

يكاد حضورُ يومٍ للرئيس الحريري في بيروت يُضاهي شهوراً من الحركة السياسية والإنتاجية السياسية، ولهذا فهو يصل ليله بنهاره إنجازاً لكلِّ الملفات الموضوعة أمامه قبل أن يعاود حركته الدبلوماسية في عواصم القرار، استكمالاً لحلحلة عقدة هذه الملفات. إنَّ الحركة التي يقوم بها الرئيس سعد الحريري في الخارج، من أجل الداخل، تعطي الأسباب الموجبة لبقائه خارجاً إلى حين إعادة تثبيت وإنتاج السلطة في لبنان، سواء على مستوى إنتخابات رئاسة الجمهورية وما يليها من تشكيل حكومة جديدة، أو على مستوى إجراء الإنتخابات النيابية بعد أن يكون قد تمَّ وضع قانونٍ جديدٍ لهذه الإنتخابات.

إنَّ الرئيس سعد الحريري هو رجل المرحلة المقبلة دون منازع، ولكي لا يكون هذا الوقت ضائعاً، إلى حين نضوج الظروف، فإنَّ الحركة الداخلية تبقى أقلَّ جدوى من التحركات الخارجية، التي يُعوَّل عليها أكثر فأكثر لإنضاج كلِّ ظروف الإستحقاقات وتحويلها من إستحقاقات إلى وقائع.