باشر الرئيس سعد الحريري لقاءاته في الخارج، وحطّ في العاصمة الروسية حيث عقد عدداً من اللقاءات الديبلوماسية والسياسية، أبرزها مع وزير الخارجية سيرغي لافروف، حاملاً همّ التعطيل الى الدولة التي تلعب دوراً بارزاً في أزمات المنطقة.
ما رشح عن لقاءات الحريري يؤكد أنّ المشاورات تحتاج الى مزيد من الوقت، وأنّ ظروف التسوية الدولية لم تنضج. وفي سياق الحراك الأخير، يؤكّد مصدر ديبلوماسي مطلع لـ«الجمهورية»، واكب لقاءاتِ موسكو أمس، أنّ «الحريري أبلغه خلال لقائهما أنه يحاول إحداثَ خرق في اتجاه إجراء الإنتخابات الرئاسية، لكنّ الأفق مسدود، فكلّ الأسماء التي طرحها إن كانت وسطيّة أو حتى من الأقطاب المارونية الأربعة ومن ضمنها رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية يرفضها «حزب الله» بحجّة أنه متمسّك بترشيح رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون، ما يُسهم في تعطيل الإستحقاق».
ويشير المصدر الى أنّ «الحريري قال له إنني أستطلع آراءَ كلّ الأفرقاء الداخليين، وأقوم بجولة خارجية لتحريك الملف لكن لا شيء محسوماً حتى الساعة، وأنا أعرف أنّ الظروف غير ملائمة وأدرك المطبات التي ستواجهني خصوصاً إذا قرّرتُ السير في تبنّي ترشيح عون لكنني أهدف الى إحداث خرق في جدار الأزمة الرئاسيّة».
وعندما سأل الديبلوماسي الحريري «لماذا تقدم على هذه الخطوة خصوصاً أنّ العلاقات الأميركية- الروسية تأزّمت، والنزاع الإيراني- السعودي يشتعل، وأزمة سوريا مستمرة، فهل تملك معطيات لا نملكها نحن، وهل هناك إتجاهٌ لفصل أزمة لبنان عن أزمات المنطقة؟»، أجاب الحريري: «كلّا، فالأزمات الإقليمية والدولية ما زالت كما هي، وأزمة لبنان لم تنفصل والوضع السوري على حاله، لكنّ الأزمة الرئاسية مستمرة منذ سنتين ونصف السنة، ومبادرتي الأخيرة بفتح الخيارات الرئاسية ومن ضمنها ترشيح عون حرّكت المياه الرئاسية الراكدة، والجميع خرج عن صمته إنّ كان سلباً أو إيجاباً، فمنهم مَن أيّد خطوتي، ومنهم مَن رفضها، لكنّ هذا الأمر أعاد الإستحقاق الرئاسي الى دائرة الضوء وهذا الأمر سرّني».
وتابع الحريري: «أنا واقعي، أعرف أنّ الطريق صعبة في ظلّ الغيوم الإقليمية، لكن حتّى الآن لا بوادر لرفض مبادرتي مع أنني لستُ متفائلاً كثيراً»، لافتاً الى أنّ «السعودية لم تعلن عن رفضها خطوتي الأخيرة ولم تتدخّل وتترك الأمر للبنانيين وهي تدعم إتفاقنا بين بعضنا البعض، لكنّ المشكلة هي من إيران وحلفائها الداخليين».
وأضاف الحريري خلال الجلسة: «كانوا يقولون إنني أعطّل الرئاسة، وبترشيحي العماد عون يُفضح المستور، عندها يتبيّن للجميع أنّ «حزب الله» هو مَن يعطّل الرئاسة بوضع العراقيل أمام وصول حليفه عون الى الرئاسة وليس سعد الحريري، وعندها يتّضح أمام الجميع مَن لا يريد رئيساً للجمهورية اللبنانية».
الى ذلك، يلفت المصدر الديبلوماسي الى أنّ «الحريري أكّد أنه يراهن على الدور الروسي وما يمكن أن تلعبه على صعيد المنطقة والعالم، ومن خلال علاقتها مع طهران، خصوصاً أنّ موسكو مهتمة بوصول الملف الرئاسي الى خواتيمه السعيدة».
ويكشف المصدر أنه «إلتقى مسؤولين رفيعين في الإدارة الروسية منذ أسبوع أكدوا دعمهم مبادرة الحريري الأخيرة القاضية بترشيح عون، وشدّدوا على انهم يباركون أيّ خطوة تؤدي الى انتخاب رئيس الجمهورية المسيحي الوحيد في لبنان والشرق».
ويجزم الديبلوماسي أنّ «الموقف الروسي لم يتغيّر منذ فترة، إذ إنهم عندما يتحدّثون مع الإيرانيين عن تسهيل انتخاب الرئيس يكون الجواب أنّ هذا الملفّ عند «حزب الله»، وهذا الأمر يفسّره الروس بأنّ الإيرانيين لا يتدخلون لتسهيل الإنتخاب بل يسهمون في العرقلة، فيما الروس يصرّون على عدم تدخلهم في لعبة الأسماء وتفضيل مرشّح على آخر، بل ما يهمهم هو الحضور المسيحي والدور وليس الأشخاص».