بدءاً من منتصف آب المقبل، يتسلّم رئيس جمعيّة بيروت للتنمية الاجتماعية، أحمد هاشميّة، رسمياً، الإدارة المالية والتربوية لمدارس مؤسسة الحريري (ليسيه عبد القادر أو الحريري الأولى، والحريري الثانية والحريري الثالثة)، وجامعة رفيق الحريري (الجامعة الكنديّة في المشرف) وعدد من المستوصفات. يأتي ذلك في إطار اتفاقيّة تفاهم (MOU) غير محددة بمهلة زمنية، مع «مؤسسة الحريري» برئاسة نازك الحريري، يؤمن خلالها هاشمية التمويل مقابل أن تصبح رخصة المدارس مشتركة بينه وبين المؤسسة بعد فترة من الزمن، أو يتملّك أحد العقارات.
وفي إطار جدولة المستحقات المالية المتراكمة على المؤسسات، اصطدم فريق هاشمية بمبنى مجمع المدارس الرسمية («مجمع الشيخ سعد العبد الله السالم الصباح»)، في منطقة زقاق البلاط، والذي تشغله «ليسيه عبد القادر» منذ العام الدراسي 2018 – 2019، «على سبيل الإعارة»، ومن دون أي عقد إيجار، بل بموجب صفقة سياسية اشتركت فيها بلدية بيروت، وقضت بتسليم المدرسة المبنى الرسمي مجاناً، من دون مسوّغ قانوني، على حساب المصلحة العامة، ولمنفعة جمعية خاصة هي «مؤسسة الحريري».
أوساط هاشمية أكّدت أنه ينوي تسديد كل المستحقات و«الكسورات» على المدارس كي يبدأ مرحلة جديدة خالية من الشوائب. وأشارت إلى أن فريقه تقصّى لدى بلدية بيروت عن طبيعة شغل هذا المبنى، «ولم يتم العثور على أي مستند أو قصاصة تُشير إلى طبيعة الإشغال وما إذا كان هناك عقد فعلاً وما هي قيمته». وأضافت أنه بعد التواصل مع وزير التربية، طلب الأخير مليونين ونصف مليون دولار، هي مجموع المستحقات المتراكمة عن إيجار المبنى حتى بداية عام 2023، وأيضاً من دون إبراز أي مستند مكتوب في هذا الخصوص، علماً أن هذا المبلغ لا يدخل في موازنة وزارة التربية، بل يُدفع خارج حسابات الوزارة، ما يطرح علامة استفهام حول مصير هذه الأموال في حال دفعها. وأشارت المصادر إلى أن فريق هاشمية «سيحاول إعادة جمع مستندات هذا الملف والبناء على الشيء مقتضاه، وسيطلب إبرام عقد إيجار مع وزارة التربية.
يذكر أن المدرسة تضم حالياً 900 تلميذ، وهي خسرت عدداً من طلابها بعد الأزمة والانتقال إلى المجمع الرسمي. وثمة خطة ستنتهجها الإدارة الجديدة، بحسب الأوساط، على مستوى تعديل الأقساط وتحسين أوضاع الأساتذة، لاستقطاب طلاب جدد.
«تحتل» المؤسسة مبنى رسمياً وتدفع مليون دولار لمبنى آخر يبعد عشرات الأمتار
ويُعد شغل ليسيه عبد القادر لهذا المجمع مخالفاً لاتفاقية القرض مع الصندوق الكويتي للتنمية التي تحدد وجهة استخدام المبنى كمجمع مدارس رسمية، ويجعله ملكاً خاصاً بوزارة التربية لا يُباع ولا يؤجر، ويُستخدم فقط للأغراض المحددة له.
اللافت أن مؤسسة الحريري نفسها تدفع مليون دولار سنوياً لرجل الأعمال جهاد العرب إيجاراً لمبنى آخر يبعد عشرات الأمتار عن مبنى المجمع. وكان العرب اشترى المبنى من المؤسسة نفسها قبل أن يؤجرها إياه. وعلمت «الأخبار» أنّ هاشمية أبلغ مؤسسة الحريري بوجوب إخلاء المبنى هذا العام بسبب القيمة المرتفعة للإيجار، وقدم طلباً إلى وزارة التربية يطلب فيه الموافقة على استئجار مبنى هو أيضاً ملك خاص للوزارة، قريب مما كان يُعرف بسجن النساء في منطقة الظريف لينتقل إليه تلامذة مدرسة الحريري الثانية، وأن لا يكون الأمر إعارة أو هبة مشروطة. وبحسب المعلومات، فإن الطلب لا يزال قيد الدرس ويُنتظر أن يأتي الجواب خلال 10 أيام. فهل ستوافق وزارة التربية، وخصوصاً أن المبنى المقترح تنطبق عليه الشروط نفسها لمجمع زقاق البلاط، أي إنه يخضع لشروط الاتفاقية نفسها مع الصندوق الكويتي للتنمية، ولا ينبغي أن يُباع أو يؤجر.
الجدير ذكره أن المدارس الخاصة تُدرج بند بدل الإيجار ضمن موازناتها المدرسية، فهل تفعل ذلك مدرسة «ليسيه عبد القادر» التي لا تدفع إيجاراً لوزارة التربية، وهل انتبهت لجنة الأهل في المدرسة إلى هذا الأمر؟ والأهم، أين ديوان المحاسبة والتفتيش المركزي من «مشبوه» يتضمن «اتفاقاً شفهياً» غير واضح مع الدولة، مخالفاً لاتفاقية القرض مع الصندوق الكويتي، مع توجه لدى وزير التربية إلى استيفاء أموال بناءً على عقد غير موجود، ولا تُعرف وجهتها النهائية!